قالت مجلة "إيكونوميست" إن الغرب يرسل رسائل متناقضة حول وضع الحريات الدينية وحقوق الإنسان في
مصر.
وتساءلت المجلة في تقرير نشر على موقعها الإلكتروني: هل الأمور تتجه نحو الأفضل أم الأسوأ فيما يتعلق بحقوق الإنسان الأساسية والحريات في مصر، بما فيها حرية الأقليات وحرية الضمير؟ وهل تؤثر الإجابة عن هذه الأسئلة على الطريقة التي تتعامل بها الحكومات الغربية مع الرئيس عبد الفتاح
السيسي؟ وعلى ما يبدو فإن الولايات المتحدة وبريطانيا والديمقراطيات الأخرى غير متأكدة من هذا كله.
ويعلق التقرير على زيارة الرئيس السيسي إلى لندن بالقول: "يلتقي السيسي اليوم بديفيد كاميرون في لندن. وبدا المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني غامضا في إشارته إلى مظاهر القلق حول
حقوق الإنسان، وأكد قائلا: (لن يكون هناك موضوع لن يطرح على طاولة النقاش). ولكن من الناحية العملية فسيحتل النقاش حول مكافحة تنظيم إرهاب الجهاديين الأولوية، خاصة بعد البيان البريطاني الصادر الأربعاء، الذي جاء فيه أن الطائرات البريطانية لن تستخدم مطار شرم الشيخ بسبب وجود احتمال (مهم) عن تحطم الطائرة الروسية في سيناء بسبب قنبلة. ولكن
بريطانيا لا يمكنها تجنب مسألة حقوق الإنسان في مصر، خاصة أن بعضا من معارضي السيسي، ومنهم أعضاء في الحكومة التي أطاح السيسي بها عام 2013، اتخذوا ملجأ إلى التراب البريطاني".
وتقول المجلة إن "الساسة في الولايات المتحدة أرسلوا رسائل متناقضة باتجاه القاهرة. ففي تقرير وزارة الخارجية الإنسايكوبدي السنوي حول أوضاع الحريات الدينية، الذي نشر الشهر الماضي، تمت الإشارة إلى مصر في الملخص التنفيذي للتقرير، وأشير إليها على أنها واحدة من الحالات القليلة في العالم من (التطورات الإيجابية) و(حصلت فيها تطورات مشجعة بشأن وضع المسيحيين) في ظل حكم السيسي، (وقدر التقرير نسبة المسيحيين الأقباط من بين 87 مليون نسمة بحوالي 10%). وأثنى التقرير على آخر دستور للبلد، حيث رأى فيه احتراما لحقوق الإنسان أكثر من الدستور السابق. فقد حث البرلمان على تمرير قانون يسهل بناء الكنائس".
ويستدرك التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن الشهادة التي قدمها هذا الأسبوع مدير اللجنة الأمريكية للحريات الدينية الدولية روبرت جورج، كان فيها أقل تحمسا، فهو وإن اعترف بحدوث تغييرات للأفضل، بما فيها "انخفاض واضح" في الهجمات ضد الأقباط، إلا أنه قال إن "مشهد الحريات الدينية" يمكن أن يلخص بالآتي: "خطوة إلى الأمام وخطوتان إلى الوراء".
وتشير المجلة إلى أن اللجنة أكدت توصيتها التي قدمتها عام 2011، التي طالبت فيها بإضافة مصر إلى قائمة "الدول المثيرة للقلق"، أي بعبارة أخرى لديها تعد فاضح على الحريات الدينية يجعلها عرضة للعقوبات الأمريكية.
ويذكر التقرير أن اللجنة الدولية شكلت بطريقة مشتركة بين الإدارة والكونغرس كونها مؤسسة استشارية تتمتع باستقلالية، وعادة ما تقدم رأيا أكثر صرامة من وزارة الخارجية. وفي الحقيقة فإن كلا المؤسستين تقدمان تحت عناوين مختلفة الصورة ذاتها: ملاحقة قاسية للإسلاميين، وتقديم نوع من المساعدة للمسيحيين الخائفين.
وتبين المجلة أن هذا كله ترافق مع مناخ عام من الاضطهاد الذي جعل الحياة صعبة للأقليات الصغيرة، مثل الشيعة أو الأفراد الذي أقدموا على خيارات دينية غير عادية.
ويلفت التقرير إلى أن جورج لاحظ أن الأحكام الصادرة ضد المسيحيين والشيعة والملحدين في تزايد. فقد تم اعتقال بيشوي أرميا تحول من الإسلام واعتنق المسيحية ولا يزال في الحبس.
وتورد المجلة أن جورج دعا إدارة أوباما إلى تخصيص جزء من المساعدة المالية من أجل تدريب الشرطة على حماية الأقليات. ودعاه إلى الضغط على القاهرة كي تعيد النظر في قانون التجذيف وحذف ديانة الشخص من الهويات الشخصية، ورفع الحظر عن ديانات مثل البهائية وشهود يهوه.
ويفيد التقرير بأن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وضح معضلة أمريكا مع مصر في عبارات صريحة أمام الكونغرس في شهر أيار/ مايو، حيث قال إن "مسار الحقوق والديمقراطية بشكل عام كان سلبيا"، فقد كان من مصلحة الأمن القومي أن تقدم أمريكا دعما للجيش المصري في ضوء الدور الذي يؤديه في مكافحة الإرهاب، والدور الجيد من وجهة نظر أمريكا في سوريا.
وتورد المجلة أنه بحسب المتخصص في شؤون مصر والباحث في المجلس الأطلنطي إي أتش هيللر، فإن الدول الغربية وأمريكا ترى بوضوح أن السيسي يزداد قسوة أكثر وليس ليبرالية، ولكنها عندما تقارن وضع مصر ببقية الدول الأخرى في الشرق الأوسط تشعر بالراحة لأن البلد مستقر.
وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالإشارة إلى أنه بالرغم من ذلك، فإن السلام الاجتماعي القائم على الاضطهاد لا يعمر طويلا، وعلى المستويات العليا في العواصم الغربية هناك قلق من أن سياسة القاهرة على المدى المتوسط قد تأتي بنتائج عكسية على استقرار البلد.