مجلة فرنسية.. مخيم عين الحلوة مهربو البشر مصاصو دماء

نشرت مجلة "سلايت" الناطقة بالفرنسية تقريرا، حول الأوضاع المزرية التي يعيشها اللاجئون السوريون والفلسطينيون في مخيم عين الحلوة في لبنان، قالت فيه إن صعوبة الأوضاع دفعت باللاجئين للبحث عن حلول يائسة للهجرة نحو أوروبا، وهو ما جعلهم فريسة سهلة لمهربي البشر، الذين يقومون بالاستيلاء على مبالغ ضخمة والتسبب في موت الكثيرين منهم غرقا في البحر.

وقالت المجلة، في تقريرها الذي أعده سولوم أندرسون، وترجمته "عربي21"، إن رائحة الموت تفوح من كل مكان في مخيم عين الحلوة الذي يضم لاجئين سوريين وفلسطينيين في لبنان، وهو ما يجعل هؤلاء يواجهون خطر خسارة كل ممتلكاتهم والغرق في البحر من أجل الهرب من هذا الجحيم.

ونقلت المجلة عن زينب التي تعيش في المخيم، وهي صاحبة محل لبيع الملابس، وعضوة أيضا في شبكة لتهريب المهاجرين نحو أوروبا، قولها: "في هذا المخيم، الناس يعيشون في أوضاع لا تليق بالإنسان، لهذا يريدون الهروب بأي شكل لتحسين ظروف حياتهم، فهم يفضلون الموت في البحر على أن يموتوا على يد أشخاص مسلمين مثلهم".
 
وذكرت المجلة أن مخيم عين الحلوة الذي يقع في قلب مدينة صيدا، تم إنشاؤه في سنة 1948، بعد تهجير الفلسطينيين من قبل الاحتلال الإسرائيلي عند قيام دولتهم المزعومة.

وأضافت أن هذا المخيم يعاني من ارتفاع حدة العنف، فقد أدت آخر مواجهات حصلت في شهر آب/ أغسطس الماضي بين أعضاء من حركة فتح الفلسطينية، وخصومهم من مجموعة جند الشام "المتشددة"، إلى وقوع مالا يقل عن ثلاثة قتلى، وقد دفعت ضراوة المعارك التي اندلعت بسبب محاولة اغتيال أحد قياديي فتح، عشرات العائلات إلى الهرب من المنطقة.

ويسجل تنظيم الدولة أيضا حضوره في مخيم عين الحلوة من خلال رايته السوداء الشهيرة، التي تزين بعض شوارع المخيم.

وأشارت المجلة إلى أن مخيم عين الحلوة كان يضم قبل اندلاع الحرب في سوريا حوالي 70 ألف لاجئ، يعيشون في مساحة لا تتجاوز ثلاثة كيلومتر مربع، ولكن منذ اشتداد المعارك في سوريا، وصلت دفعة جديدة من اللاجئين السوريين والفلسطينيين الذي كانوا يعيشون هناك، يقدر عددهم بـ10 آلاف شخص إضافي.

وقالت المجلة إن قساوة ظروف العيش في هذا المخيم؛ تجعل السكان مستعدين لتجربة حظهم مهما تضاءلت فرص النجاح، وهو ما يجعلهم يستجيبون للإغراءات التي يقدمها مهربون من أمثال زينب التي تشارك في تهريب الناس نحو أوروبا، حيث تدر هذه التجارة أموالا كبيرة على المهربين، باعتبار أن عدد طالبي اللجوء في أوروبا تزايد بشكل مهول خلال السنوات الأخيرة، وهو ما أنعش عصابات التهريب التي يقدر حجم مداخيلها السنوية بحوالي 26 مليار دولار.

ونقلت المجلة عن زينب قولها: "في الماضي كنت أساعد الناس على المرور عبر السودان إلى ليبيا ثم عبور البحر نحو إيطاليا عبر القوارب، ولكن عصابات المافيا أغلقت هذه الطرق المؤدية إلى إيطاليا، وهو ما دفعنا الآن للاعتماد على طريقة أخرى، من خلال الحصول على الفيزا نحو تركيا، ومن هناك يتحمل المهاجر مسؤوليته للوصول إلى أوروبا".

وأضافت زينب، التي تطلب حوالي 4 آلاف دولار للشخص في مقابل هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر "عندما يكون لديك طفل، فأنت مستعد لبيع كل شيء وعبور كل المخاطر حتى تؤمن له أملا جديدا في الحياة، وأغلب الناس هنا يقومون ببيع منازلهم لدفع تكاليف الرحلة لأنهم لا يملكون خيارا آخر، ولكنني لا أضع هذه الأموال في جيبي، فأنا أقوم بهذا العمل فقط لمساعدة الناس".
وفندت المجلة إدعاءات زينب، ونقلت شهادات سكان المخيم الذين يؤكدون أن مهربي البشر، من أمثال زينب، ليسوا إلا مجرمين لا دين لهم ولا أخلاق، يأخذون غالبا أموال الناس ولا يؤمنون لهم الخدمات التي وعدوا بها.
 
ونقلت المجلة عن أحد ضحايا هذه التجارة، الذي كان بصدد تلقي المساعدة من مركز تابع لجند الشام، قوله :"لقد أردت المغادرة وقد أخذ مني المهربون 6500 دولار، لقد استولوا على مالي ثم تركوني على قارعة الطريق وفروا، وبذلك خسرت كل ممتلكاتي، و ما دفعني للإقدام على هذه المخاطرة، هو أنني كنت في الماضي أعمل في مجال البناء في سوريا، ولكنني خلال الحرب فقدت كل المعدات ووسائل العمل التي كنت أملكها، لذلك اليوم لم يعد لدي شيء لأخسره".

ونقلت المجلة عن ياسر داوود، مدير منظمة نبأ، وهي منظمة غير حكومية تعنى بالإغاثة في مخيم عين الحلوة، قوله: "حاولوا أن تتخيلوا وجود 70 ألف شخص يتعايشون مع 24 فصيلا مسلحا تتقاتل فيما بينها في مساحة صغيرة جدا، نحن لا نملك إحصائيات واضحة ولكن أعتقد أن هنالك المئات من اللاجئين في مخيم عين الحلوة المطلوبين من قبل السلطات اللبنانية، ولهذا فإن إمكانية اندلاع المواجهات المسلحة واردة في كل لحظة في هذا المكان".

وأشارت المجلة أيضا إلى طريقة أخرى ابتكرتها عصابات تهريب البشر للمتاجرة بمعاناة اللاجئين، تتمثل في بيع جوازات السفر المزيفة، لأن اللاجئين يحتاجونها بشدة للسفر نحو أوروبا، وهو ما يجعل العلاقة بين هذه العصابات واللاجئين غير متوازنة تماما، إذ إن هذه العصابات تحدد الأسعار وتتحكم في المهاجرين وتحتال عليهم، بلا شفقة ولا رحمة.