قال الصحفي
الإسرائيلي عومر دوستري، إنه رغم الخروقات
الإيرانية تجاه قرارات مجلس الأمن بشكل عام وتجاه الاتفاق النووي بشكل خاص، فإن الولايات المتحدة والقوى العظمى تتعامل مع إيران بإيجابية وتعزز من دورها ومكانتها الإقليمية والدولية، وجعلتها لاعبا أساسيا في الإقليم.
وأكد دوستري في مقالته بصحيفة "إسرائيل اليوم"، أن مشاركة إيران في محادثات السلام بفيينا من أجل خطة انتقالية سياسية في سوريا وعلاجها سياسيا، عكست النظام الإقليمي الجديد في الشرق الأوسط خاصة والعالم عامة بعد الاتفاق النووي.
ونوه إلى أنه إذا كانت السيطرة العليا في العقود الأخيرة في العالم في أيدي الولايات المتحدة كقوة وحيدة في ساحة أحادية القطبية، فإن السنوات السبع الأخيرة لنظام أوباما قد غيرت تماما الصورة، وحولت الساحة الدولية إلى ثنائية القطبية، وهناك من يقول إن فيها أقطابا كثيرة.. والفراغ في السلطة العالمية دخلت إليه روسيا وبالذات في العام الأخير حيث كان لها دور فعال في الصراعات الدولية من الناحية الدبلوماسية والعسكرية.
وفي توصيفه للنظام الإقليمي الجديد في الشرق الأوسط أكد دوستري على أنه يرتبط بشكل مباشر بالسبب الأول – التغيير في السيطرة العالمية – والمتغيرات التي حصلت فيه. وبالذات أن السياسة الخارجية الأمريكية تساهم في تشكيل النظام الإقليمي الجديد، حيث قررت نقل مركز الاهتمام من الشرق الأوسط إلى آسيا.. وفي جزء من هذه السياسة تطمح الولايات المتحدة إلى خلق توازن بين القوى في المنطقة، وبذلك تستقر. مشاركة إيران في محادثات فيينا هو نتيجة لتلك السياسة الخارجية الأمريكية التي تعتبر إيران عامل استقرار قادر على إحداث التوازن أمام السيطرة السنية في الشرق الأوسط بتأثير السعودية ومصر والأردن.. وإن الأهمية الجيوسياسية التي توليها إدارة أوباما لإيران ساهمت في تحويل إيران بالتدريج إلى قوة عظمى إقليمية.
وأضاف الكاتب أن القرار الاستراتيجي لإدارة أوباما وصل إلى ذروته في الاتفاق النووي النهائي الذي تم توقيعه بين ايران والدول الست العظمى برئاسة الولايات المتحدة كإشبينة – الذي بيّض صفحة إيران الدولية وفتح أمامها أبواب العالم الكثيرة، وها هي الدولة المعزولة والتي تعاني من ضائقة اقتصادية خطيرة يتم استقبالها بأذرع مفتوحة وتلهث وراءها الدول والقوى العظمى.. وأصبحت مثالا للمصالحة والسلام وتحسن وضعها الدولي والدبلوماسي كثيرا رغم أنها لم تفعل شيئا إيجابيا كي تحظى بثقة القوى العظمى، التي وقعت معها على الاتفاق النووي.. والمسؤولة عن العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فريدريكا موغريني، باركت مشاركة إيران في المحادثات، ووزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، زعم أن إيران هي "قوة حقيقية ومهمة في المنطقة".
وقال إن الأمر الأصعب هو أن إيران قامت بإجراء تجربة على الصواريخ البالستية في 12 تشرين الأول/ أكتوبر، حيث اعتبرت أمريكا ذلك إخلالا واضحا لقرار مجلس الأمن الذي يمنع طهران من تصنيع الصواريخ البالستية التي تستطيع حمل الرؤوس النووية. الأمر لا يقتصر على الإخلال بقرار مجلس الأمن، بل بحسب الخبراء الأمريكيين، فإن التجربة الإيرانية كانت إخلالا بالاتفاق نفسه.
وحذر الكاتب من أن سياسة أمريكا مكّنت وما زالت تُمكن إيران من أن تتحول إلى لاعب أساسي في الساحة الإقليمية والدولية لدرجة التغاضي عن المخاطر الكثيرة التي أنشأتها تلك السياسة، حيث إن إيران ما زالت ملتزمة بالقضاء على إسرائيل، وهي تستمر في زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط حيث تتدخل إلى جانب المتمردين في اليمن والنظام الفتاك للأسد في سوريا؛ وتمول التنظيمات الإرهابية ومنها حزب الله والجهاد الإسلامي؛ وتشعل المناطق في الضفة الغربية، وما زالت القوى العظمى بشكل مقطوع عن الواقع، تثني عليها وتعزز دورها الدبلوماسي، وبذلك تساهم في خلق نظام عالمي جديد.