يستهدف
الاحتلال الإسرائيلي الوجود الطبي الفلسطيني في مدينة القدس المحتلة؛ لما يمثله من سيادة فلسطينية، فلا فرصة تفوت إلا ويسعى لتقويض هذا الوجود حتى وصلت لحد ترهيب المرضى في فراشهم، والأطفال الخدج في مضاجعهم.
وخلال الأيام الماضية اقتحمت أعداد كبيرة من شرطة الاحتلال،
مستشفى المقاصد في بلدة الطور شرقي، مدينة القدس المحتلة، أكثر من مرة، وعاثت فيها فسادا وإرهابا بحق المرضى وإدارة المستشفى، وحين تجمعت المستشفيات العربية بالقدس ونظمت الخميس الماضي وقفة احتجاجية أمام المستشفى بحضور ومشاركة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، تم الاعتداء عليهم بوابل من الرصاص المطاطي والقنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع.
مهمتنا إنسانية
وأكد مدير مستشفى المقاصد، رفيق الحسيني، بأن المستشفى منذ بدء الانتفاضة الثالثة؛ التي انطلقت انتصارا للقدس مطلع تشرين أول/أكتوبر الجاري، تتعرض لضغوطات وانتهاكات متوالية من قبل الاحتلال للحصول على الملفات الطبية الخاصة بالمصابين خلال المواجهات مع الاحتلال.
وأضاف في حديث خاص لـ "
عربي21": "قوات الاحتلال تستبيح المستشفى بمرافقها كافة بقوة السلاح، وبأمر من محكمة الاحتلال لتبحث عن مصابين لاعتقالهم"، مؤكدا أن العديد من الطواقم الطبية في المستشفى "تعرضت لاعتداءات الاحتلال وآخرين طلبوا بعضهم للمثول أمام لجان التحقيق في مراكز التحقيق الإسرائيلية".
ويشير شهود عيان كانوا يخضعوا للعلاج في مستشفى المقاصد، أن قوات الاحتلال تداهم المستشفى بشكل مفاجئ وتحاصر بواباتها لتفتيش سيارات الإسعاف وكل مركبة تصل إلى المستشفى، ويقول لنا الحسيني: "مهمتنا إنسانية، ونرفض تسليم ملف أي مريض لقوات الاحتلال، وطواقمنا تقوم في
مستشفيات القدس بعملها الإنساني والطبي بالدرجة الأولي لإنقاذ حياة المريض وتقديم العلاج اللازم له".
وبين الحسيني أن هناك حالة من "التكامل بين الدور القضائي والشرطي الإسرائيلي في استهداف المنظومة الطبية في القدس المحتلة"، مشيرا إلى أن الاحتلال يتعامل مع المستشفيات الفلسطينية بالقدس "بعنصرية كبيرة".
الأميرة بسمة
ونوه إلى خطورة ما تقوم به قوات الاحتلال من ممارسات التعذيب والتنكيل بحق المصابين أثناء اعتقالهم خلال المواجهات، داعيا إلى ضرورة تنبه المؤسسات الحقوقية لتك
الانتهاكات والعمل على وقفها فورا.
وقال: "على الاحتلال أن يفكر بطرق أخرى سلمية للتعامل مع الشعب الفلسطيني، لأنه لن يستسلم ولن يستكين"، مطالبا العالم العربي والإسلامي بتقديم الدعم المادي لمستشفيات القدس، لكي تتمكن من القيام بواجبها الإنساني والوطني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
ولفت مدير المقاصد إلى أن مستشفيات القدس تعاني من وضع مالي صعب نتيجة "تأخر دفع وزارة الصحة المستحقات المالية التي عليها".
من جهتها نددت شبكة مستشفيات القدس، عبر مؤتمر صحافي نظمته مؤخرا، باقتحامات الاحتلال المتكررة، مؤكدة أنها تقف عائقا أمام العمل الطبي والإنساني.
وطالبت الشبكة (تضم مستشفيات المقاصد والمطلع والفرنسي والهلال الأحمر والأميرة بسمة والعيون) الجهات الحقوقية بالتدخل العاجل لحماية العمل الإنساني في مستشفيات القدس، خاصة بعد وضع الاحتلال العديد من الحواجز في محيط المستشفيات والطرق المؤدية إليها، ما يعيق وصول مصابي المواجهات إليها.
عمل العصابات
وفيما يتعلق بقانونية إجراءات وسلوك الاحتلال، أكد المحامي عمر خمايسي، مدير مركز ميزان لحقوق الإنسان، أن ما قامت به شرطة الاحتلال من اقتحام لمستشفى المقاصد هو "عمل مناف للقانون الإسرائيلي، وفيه انتهاك صارخ بحق هذه المؤسسة الطبية، لما يمس خصوصية وسلامة المرضى وكذلك طاقم العمل".
وأضاف لـ "
عربي21": "ما تقوم به شرطة الاحتلال من عربدة، يماثل عمل العصابات"، موضحا أنه "لا يوجد أي سند قانوني يمنحهم الحق بفعل ذلك".
وأشار خمايسي، إلى وجود العديد من الطرق القانونية غير الاقتحام، التي يمكن الأخذ بها؛ حينما يدعون أن هناك أشخاصا مطلوبون للتحقيق، ناصحا إدارة المستشفى بالتوجه للمحكمة لمنع تكرار مثل تلك الحوادث غير القانونية.
وأوضح الحقوقي أن ما يريده الاحتلال من ذلك هي "رسالة تضييق وترهيب لأهلنا في مدينة القدس المحتلة، مفادها أن المستشفيات التي من المفترض أن تكون مكانا آمنا للناس، هي تحت سطوة البندقية الإسرائيلية"، لافتا إلى أن "دم الإنسان الفلسطيني مستباح بكل الطرق، حتى بالإعدام الميداني دون خضوعه للقضاء أو التحقيق".
وقال: "إذا أعطيت الشرطة الإسرائيلية الضوء الأخضر للقتل؛ فمن الطبيعي بالنسبة للاحتلال أن تحدث مثل هذه الانتهاكات والاعتداءات بحق المؤسسات الطبية في القدس".