يحتفل
الجزائريون، في الفاتح من تشرين الثاني/ نوفمبر، بالذكرى 61 لاندلاع ثورتهم عام 1954، بالتوازي مع جدال واسع بين قادة سابقين خلال الثورة، بشأن وقائع معينة كان لهم دور فيها.
وعلى مر الشهور الماضية، تجددت إتهامات متبادلة بين قادة سابقين بالثورة الجزائرية (1954- 1962) حيال وقائع حدثت في تلك الفترة وضرب حولها طوقا من الكتمان.
فقد اتهم العقيد عمار بن عودة، عضو المنظمة السرية وأحد مفجري الثورة الجزائرية ضد الإستعمار الفرنسي، الجنرال المتقاعد خالد نزار، وهو ضابط سابق بالجيش الفرنسي، قبل أن يلتحق بالمجاهدين الجزائريين، بأنه "خان" الرئيس الجزائري الأسبق الشاذلي بن جديد (1978 - 1992) عندما كان وزيرا للدفاع في فترة حكمه، وهو من دفعه إلى إعلان إستقالته من الرئاسة عقب فوز
الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالانتخابات النيابية العام 1992.
ويرى متتبعون أن أصل الخلاف بين العقيد بن عودة، و الجنرال المتقاعد خالد نزار يعود إلى عام 1963، ويتعلق بمن يتحمل مسؤولية إعفاء المصريين، من تسليم شحنة من السلاح الجزائري، كانوا يحتفظون به لديهم من عهد الثورة.
وقال الجنرال نزار بتصريحات له، الخميس، إن العقيد بن عودة، الذي كان يشغل منصب ملحقا عسكريا بالسفارة الجزائرية بالقاهرة، هو من قرر التخلي عن السلاح الجزائري الموجود بمصر، وذلك لما طالبه الرئيس الجزائري الأسبق، هواري بومدين بإستقدامه إلى الجزائر.
وفي سياق الإتهامات بين مفجري الثورة الجزائرية، إتهم المعارض الجزائري سعيد سعدي، الرئيس الأسبق أحمد بن بلة، بالخيانة، وقال عنه "كان عميلا للنظام المصري"، وتوبع سعدي بالقضاء جراء هذه التصريحات قبل أن يقفل ملفه.
ووجه قائد المنطقة المستقلة بالعاصمة الجزائر ياسف سعدي في تموز/ يوليو من العام الماضي 2014، وفقا للتقسيمات العسكرية للثورة الجزائري، إتهامات للمجاهدة البارزة زهرة ظريف بطاط ، بأنها خانت المجاهد "علي لابوات" الذي استشهد بعد تدمير بيته وسط العاصمة، وقال ياسف إنها "هي من وشت به للفرنسيين"، لكن بطاط نفت هذه الإتهامات.
وتساءل المؤرخ الجزائري سعيد بتاني في تصريح لـ "
عربي21"، الجمعة ردا عن سؤال حول خلفيات إخراج ملفات الثورة الجزائرية حاليا "هل رصاصة العدو الفرنسي كانت تستهدف "القادة التاريخيين" دون غيرهم؟ ألم يكن الجميع، قادة تاريخيين وغير تاريخيين، سياسيين وجنود بسطاء وسكان المشاتي سواسية أمام الموت؟، وتابع بتاني "وكأن عجلة التاريخ تسير باتجاه عكسي".
وينتقد الكثير من
المجاهدين خلال الثورة الجزائرية ومؤرخين ما يسمونه بنشل الغسيل بين الجيل الذي كان له الفضل باستقلال الجزائر، ومعظم الآراء تقول بأن "خلافات شخصية وتصفية حسابات وراء إخراج تلك الملفات".
ولجا البعض من قادة الثورة إلى كتابة مذكراتهم خلال الثورة، من بينهم الرئيس الأسبق علي كافي، والجنرال المتقاعد خالد نزار، لكن هناك من يعتقد أن "البطولية طغت كثيرا على مضامين تلك المذكرات" ليبقى الجزائريون بانتظار حقيقة ما حصل في العديد من الملفات الآتية من عمق ستين سنة كاملة.
وقال البروفيسور في التاريخ رابح عيسى، في تصريح لـ "
عربي21"، الجمعة، إنه "بالنسبة للثورة الجزائرية نحن بحاجة إلى هذه الشهادات والمذكرات، التي يجب تشجيع كتابتها والإدلاء بها، رغم بعض تأثيراتها السلبية التي يمكن أن تصحح بتعليم المواطن المفاهيم التي ذكرناها آنفا، خاصة وأن حتى الوثائق سواء الموجودة في الجزائر أو في فرنسا، فبالإمكان التلاعب بها".
وأضاف عيسى "ليس الإتيان بوثيقة من الأرشيف الفرنسي، كما فعل ياسف سعدي مع زهرة ظريف معناها حقيقة ودليل".