ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن شركة "ريبرن هاوس أوفيس بيلدنغ" في الكابيتال هيل والتي تعتبر السفير الفعلي للحكومة شبه المستقلة في شمال العراق قدمت لمجموعة من نواب الكونغرس ورجال أعمال أمريكيين من أصل كردي وعدد من الصحافيين دليل السياحة الجديد لكردستان في محاولة لترويج السفر إلى المنطقة وبيئتها المشجعة للاستثمار.
وقال كاتب المقال بيل أليسون إن ممثل حكومة
إقليم كردستان في الولايات المتحدة، يوسف عبد الرحمن، قدم للحضور عرضا للأيام الصعبة التي مرت على العراق والتهديد الذي يمثله
تنظيم الدولة الإسلامية، طوفان اللاجئين حوالي مليوني شخص وشجاعة البيشمركة.
ويقول الكاتب إنه بوضع السياحة وتشجيعها جانبا كانت عملية اللوبي التي جمعت العدد نفسه من النواب في الكونغرس ورجال الأعمال مشغولة في عملية أخرى، وهي محاولة دفع الرئيس الأمريكي باراك أوباما لتغيير قراره وإرسال الأسلحة مباشرة إلى قوات البيشمركة بدلا من إرسالها للحكومة التي يسيطر عليها الشيعة في بغداد.
وتشير الملفات التي قدمت من خلال قانون تسجيل الوكلاء الأجانب أن الأكراد وغيرهم من الحكومات الأجنبية مستعدة لأن تفتح خزائنها المالية واستخدام مراكز البحث واللوبيات التي تتخذ من "كي ستريت" بواشنطن لدعم قضاياها والتأثير على أهداف السياسة الخارجية.
فقد كشف السعوديون مثلا، عن إنفاق 4.36 مليون على اللوبيات بنهاية آب/أغسطس هذا العام، وهو مبلغ أعلى من مبلغ العام الماضي 2.1 مليون دولار، أما قطر فقد أنفقت 1.35 مليون دولار بزيادة واضحة عن 427.000 دولار حيث ركزت جهودها على المنظمات غير الحكومية ومراكز البحث، وتقول المجلة إن كي ستريت يلعب الآن دورا في كل شيء من التنمية الاقتصادية إلى تأمين صفقات أسلحة.
وتقول المجلة إن حملة كردستان المحكمة تعمل من أجل الضغط باتجاه توفير سلاح جديد للأكراد، وتنقل عن لي دراتمان من مؤسسة "نيو أمريكا" قوله "تعرف الحكومات الأجنبية أنه في ظل عدم الاستقرار وغياب اليقين في الشرق الأوسط فأي شيء يسمعه سفراؤها يتم تصفيته" و"ما يسمعه العارفون بواشنطن من شبكاتهم يختلف عما يسمعه السفراء".
وتشير المجلة إلى أن حكومة إقليم كردستان أنفقت 291.000 دولار على ثلاث شركات حسب الملفات التي كشفت عنها في عام 2015 ووقعت عقدا مع شركة رابعة بمبلغ يصل إلى 200.000 دولار حتى نهاية العام الجاري.
وتأتي الأموال على رأس قائمة حسن النية التي بنتها الجماعة من خلال تمتين الصلات مع النواب بمن فيهم الذين يحضرون مناسبات حكومة إقليم كردستان التي تقيمها في مقرها في واحد من أحياء واشنطن.
وتضيف المجلة أن الأكراد يحاولون استخدام هذه المصادر لإقناع البيت الأبيض كي يتخلى عن معارضته إرسال الأسلحة مباشرة لهم، حيث يتم إرسال السلاح لبغداد التي تتولى توزيعه على الأكراد وبقية الميليشيات.
واختلف الأكراد مع الحكومات العراقية المتعاقبة حول كيفية تقسيم الثروة النفطية للبلاد ومستوى الاستقلال الذي يتمتع به الإقليم.
ومنذ اجتياح تنظيم الدولة شمال العراق عام 2014 أصبح وصول السلاح للأكراد بسرعة على رأس أجندة اللوبيات التي تعمل نيابة عنهم في واشنطن.
وقامت الحكومة الأمريكية بشن هجمات ضد مقاتلي تنظيم الدولة حتى تمنع تقدمهم نحو مناطق الحكم الذاتي. وفي الوقت الذي يطالب فيه الأكراد بأسلحة متوسطة المدى وثقيلة بما في ذلك عربات وذخيرة وبنادق إلا أنهم يرغبون بالتعاون مباشرة مع وزارة الدفاع الأمريكية والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، ولم ترد واشنطن وأكدت بدلا من ذلك على أهمية مرور كل السلاح عبر حكومة بغداد.
وأكد مسؤول أمريكي على السياسة حيث قال "لا تزال سياسة نقل كل السلاح ويجب أن يتم تنسيقه عبر الحكومة السيادية المركزية في العراق". وتطبق هذه السياسة على القوات الكردية التي استطاعت استعادة مناطق عدة من تنظيم الدولة.
ومن أجل مواصلة تأثيرها على صناع القرار وإعلامهم بتطورات المعركة، من خلال شبكة لوبي متطورة تضم مسؤولين سابقين في الكونغرس والمسؤولين السابقين في الحكومة والمخططين الإستراتيجيين، ويقع مكتب التنسيق لحكومة إقليم كردستان والذي يعمل بمثابة سفارة للمنطقة الكردية في بناية تاريخية قرب دانبوت سيركل وتم شراؤه بقيمة 3.1 مليون دولار في عام 2007 وتعقد فيه وبشكل منتظم مناسبات يستقبل فيها النواب ومسؤولي الإدارة والصحافيين.
ويعمل مكتب التنسيق كشركة غير ربحية ولديه ميزانية بقيمة 1.6 مليون دولار، وهو مسجل كوكالة أجنبية لحكومة إقليم كردستان ويقوم بالضغط على مسؤولي الحكومة وأعضاء البرلمان.
وبالإضافة لهذا فحكومة إقليم كردستان لديها أربع شركات متعاقدة معها وهي "بي جي أر غفرمنت أفيرز" و"غيرنيرغ تارويغ" و"مؤسسة العلاقات كيوأورفيس" و"دينتوز".
ونقل عن كروان الزيباري، مدير الشؤون السياسية والدبلوماسية في مكتب التنسيق "الحكومة الأمريكية ضخمة، والكثير من الدول لديها بعثات تعتمد على القطاع الخاص في واشنطن لمساعدتها في تخطي تعقيدات الحكومة".
ويقتضي تخطي حواجز البيروقراطية الأمريكية الارتباط بالأشخاص المناسبين، فعندما ترك واحد من الشخصيات التي يعتمد عليها
اللوبي الكردي في أمريكا، وهو ديفيد تفوري، مكان عمله تعاقد الأكراد مع مشغليه الجدد، وكان يعمل في سكاوير بوغس وانضم إلى شركة دينتوز، قامت حكومة إقليم كردستان بالتعاون مع الشركة الجديدة للحفاظ على خدماته.
وعمل تفوري مدة 16 شهرا كمنسق للنظام والقانون في العراق لصالح وزارة الخارجية حتى تشرين الأول/ أكتوبر 2007. وهو محام دولي وخدم كمستشار للسياسات في حملة باراك أوباما الرئاسية لعام 2008.
وركز تفوري في عمله مع الأكراد على الشؤون الاقتصادية وساعد في إعلان غرفة تجارة أمريكا كمبادرة لدعم الإستثمار في العراق ومجلس التجارة الأمريكي- الكردستاني والذي يشمل على شركات لها مصالح تجارية في كردستان وتبنى تفوري فكرة تسليح الأكراد بما في ذلك مقالة نشرها عام 2014 بجريدة وول سريت جورنال وقدمته الصحيفة كمستشار قانوني لحكومة إقليم كردستان.
ونقلت المجلة عنه قوله بعد عودته من رحلة إلى كردستان إن "تنظيم الدولة لن يذهب في أي وقت قريبا ولكن حكومة إقليم كردستان حققت تقدما في الدفاع عن وتأمين حدودها التي يبلغ طولها ألف كيلو متر مع تنظيم الدولة".
وفي زيارته زار خطوط القتال وتساءل عن نجاعة الإستراتيجية الأمريكية ومساعدتها للبيشمركة في سلسلة من التغريدات وقدم صورا للجنود الذين تنقصهم العربات والمعدات "يمكنهم استخدام مساعدات إضافية من التحالف الذي تقوده أمريكا".
وينقل التقرير عن بيت هوكسترا، النائب الجمهوري السابق، الذي خدم في لجنة الإستخبارات بالكونغرس، ودعا لتسليح الأكراد من خلال عمله في شركة غريبنبرغ تروريغ، قوله "أحيانا تنظر إلى الفريق الذي جمعه الزبون وتعتقد أنه يجب دفع المال لهم" وقال "فريق حكومة إقليم كردستان يريد أن يكون هناك". طبعا تلقى فريق لوبي الأكراد المال. فعقد دينتوز مع الحكومة قيمته 20.000 دولار في الشهر. وكشفت شركة غريبنبرغ تروريغ عن فاتورة 65.000 عن ستة أشهر.
وأقام هوكسترا نيابة عن الأكراد عشرات الاتصالات مع مكاتب زملائه السابقين الذين طلب منهم دعم الأكراد، ويقول "الرسالة كانت واضحة، الأكراد يتكبدون ضحايا وتنظيم الدولة مسلح أكثر منهم ويستخدم أسلحة ومعدات أمريكية سرقها من حكومة العراق".
وتؤكد حكومة الولايات المتحدة أنها قدمت الدعم الكافي للأكراد وأشار مسؤول في البنتاغون إلى دعم الأكراد – 40 عربة مضادة للألغام، 56 مليون طلقة للرشاشات و 56.000 قذيفة ضد الدبابات. وفي بعض الأحيان يتم شحن السلاح مباشرة للأكراد بعد موافقة الحكومة العراقية.