قال الكاتب الصحفي الموالي لرئيس
الانقلاب عبدالفتاح
السيسي، عبدالحليم قنديل: "إن الشعب
المصري بعزوفه عن
الانتخابات البرلمانية، أنذر الرئيس السيسي بالعصيان التلقائي الواسع".
واعتبر قنديل أن "امتناع الناس بأغبيتهم الواسعة عن الذهاب لصناديق الانتخابات العبثية، والمقاطعة التلقائية هي استفتاء بالسلب على شرعية الرئيس نفسه"، على حد تعبيره.
وأضاف الإعلامي المصري المساند لانقلاب العسكر أن "الشعب قال كلمته، وهو بانتظار استجابة "الرئيس" التي تأخرت، وبصورة تهدد بغضب اجتماعي تتوالى إشاراته، وقد تعجل به قرارات أخرى خاطئة؛ اقتصادية واجتماعية متوقعة قريبا، تزيد الإحباط، وتراكم السخط، وتعجل بانزلاق إلى مهاوى خطر لا تحمد عقباها".
جاء ذلك في أحدث مقال لقنديل بجريدة "صوت الأمة"، التي يرأس تحريرها، حيث وصف البرلمان المقبل بأنه "بطعم العار"، معتبرا الانتخابات "
بورنو سياسي فضائحي"، وفق تعبيره.
ونبه قنديل إلى أن "توقعاته" قد تحققت؛ حيث كان قد توقع إعادة الانتخابات في أغلب الدوائر بسبب تهافت وضعف المرشحين، إذ لم ينجح من الجولة الأولى سوى أربعة على المقاعد الفردية، والباقي ملاحق، وأنه توقع كثرة الأصوات الباطلة بسبب عبث قانون الانتخابات، وفانتازيا تقسيم الدوائر، وهو ما حدث، كما توقع حملة "شراء أصوات" محمومة بالدفع نقدا، وبالنقل الجماعي، والوجبات الجاهزة والقربات العائلية والطائفية.
واستطرد قائلا: "قلنا إن البرلمان كسيح، ولا يمثل سوى 2% من الشعب المصري، وفاقد تماما لأي شرعية".
وتابع قائلا: "لا أعرف اسم "العبقري" الذي نصح "الرئيس السيسي" بتوجيه خطاب للشعب صبيحة بدء الانتخابات البرلمانية يوم السبت الأسود، ولم يكن من عيب في نص الخطاب بذاته، ولا في دعوة الناس للمشاركة، ولا في مخاطبة كل فئة باسمها على الطريقة العاطفية التي يفضلها".
واستدرك: "لكن المشكلة كانت في التوقيت القاتل، وفي توريطه بدعوة الناخبين إلى الخروج حشودا، بينما كان يعرف القاصي والداني أنه لا حشود، ولا يحزنون، وأن الجواب ظاهر من عنوانه، وأن الرئيس يوجه خطابه إلى الفراغ، لا إلى الشعب، وفي لحظة خواء وفوات منذرة بالخطر، فيما بدا معه أن ما جرى كان رد الشعب على نداء الرئيس، وأن امتناع الناس بأغبيتهم الواسعة عن الذهاب لصناديق الانتخابات العبثية، والمقاطعة التلقائية هي استفتاء بالسلب على شرعية الرئيس نفسه".
وأشار إلى واقعة عبر فيها رئيس أركان الجيش الفريق، محمود حجازي، عن صدمته، وهو يجول على استعدادات الشرطة والجيش لتأمين الانتخابات، إذ فوجئ -وفق قوله- بالغياب المذهل للناخبين، فقال إن كل شيء متوافر إلا وجود الناخبين بكثافة، وإن سبب الغياب أنه "فيه حاجة كبيرة ناقصة"، على حد تعبير حجازي، القريب من عين وسمع الرئيس، بحسب قنديل.
وأضاف الكاتب: "لم يكن ما جرى مفاجأة لأحد عاقل، ولا "الحاجة الكبيرة الناقصة" مجهولة، فلم نكن في الأصل بصدد اختيارات مطروحة على الناخبين، بل بصدد "بورنو سياسي فضائحي"، وبصدد "وجبة مسمومة"، عافتها نفوس الناس، وكان شعور اللامبالاة بالانتخابات المزعومة ظاهرا بغير التباس، وقبل شهور من موعد الانتخابات الذي تأجل بحكم المحكمة الدستورية".
وتساءل قنديل: هل من تفسير مقبول ومعقول بعد استبعاد التفاسير العليلة الجاهزة؟
وأجاب: "لا قيمة عندي للتفسير الإخواني، ولا لتفاسير الإعلام الفلولي الجهول، الذي انهال لوما وتقريعا وإهانة للشعب المصري، وبعد أن "باسوا الجزم" تسولا لعطف الناس، ودفعهم للتصويت، كان رد الناس
-في أغبيتهم الساحقة- قاطعا حازما، وتركوا المتسولين "يبوسون الجزم"، واستمروا في ملحمة المقاطعة التلقائية الفريدة لصناديق العبث الانتخابي".
وأردف: "ما من تفسير انتخابي يكفي، فلم تعرض انتخابات حقيقية على الناس، ولافرصة لاختيار، بل مجرد "طبخة" مسمومة، تدور فيها حرب الفلول ضد الفلول، وحرب الفاسدين ضد الفاسدين، وبنظام انتخابي فردي، يهدر غالبية الأصوات، ويعطي الأولوية لجماعات المال والبلطجة والعصبيات، ولا يفرز سوى برلمان مختار لأقلية الأقلية، وهو ما دفع الناس إلى مقاطعة تلقائية".
واستكمل حديثه: "لم يعد المصريون كما كانوا قبل الثورة، ولم يعد "الختم على القفا"، وأردف، وصاروا شعبا آخر تغلب عليه نزعة النقد الكاشف النافذ، ومع "نفاذ الصبر"، الذي حل محل الاستكانة القديمة، وقد فهموا ما يجري دون لجاج كثير، وأدركوا أنهم بصدد برلمان فلول، وثورة مضادة بامتياز، وقرروا إسقاط أي شرعية لبرلمان جماعة مبارك قبل أن يتشكل، وقرروا جعله "معلقا" قبل أن يصير "مطلقا" بقرار حل دستوري، ونظموا أوسع عملية عصيان مدني تلقائي، وبعشرات الملايين ذاتها التي خرجت لإنهاء حكم الإخوان، كان العصيان الشعبي هذه المرة على طريقة "خليك في البيت"، والامتناع عن الذهاب لصناديق التزييف، ودون إغلاق الباب على إمكان تطوره إلى غضب ناطق بعد الغضب الصامت"، بحسب قوله.
واختتم مقاله قائلا: "قال الناس بوضوح رأيهم في البرلمان الأجرب، وقالوا ببساطة: إنه برلمان لا يخصنا ولا يمثلنا، وإنه برلمان بطعم العار، وإنه يأخذ من شرعية الرئيس نفسه، ويورط الرئيس في شراكة مع الفلول وجماعة مبارك، وينتقص من دواعي الأمل في إنجاز السيسي، الذي يحكم بالنظام القديم نفسه، ويتحمل أوزاره، ويتردد في خوض المعركة الحاسمة ضد الفساد الذي يشكل الحكومة، والبرلمان"، وفق وصفه.
وكان قنديل قال - في حوار مع الإعلامي ممتاز القط، ببرنامج "حصريا مع ممتاز"، عبر فضائية "العاصمة"، مساء الجمعة-: إن ما جرى بانتخابات البرلمان من ضعف الإقبال على التصويت بمثابة "عصيان مدني"، و"إنذار شعبي للسيسي"، بحسب قوله.
وأضاف أن السيسي ابن الدولة، قائلا: "أيدته ضد رفيق عمري حمدين صباحي خلال الانتخابات لأنني كنت أرى السيسي ابن الدولة، وصباحي ابن الثورة، وكل مهيأ لما خلق له، والسيسي مطلوب لهذه المهمة، بينما خشيت أن يقع صباحي في العزلة عن الشعور العام"، على حد قوله.