تشهد الكنيسة الإنجليزية خلافا حادا مع الحكومة البريطانية، حول قضية اللاجئين، وطريقة معاملة حكومة المحافظين لهم.
وفي إشارة إلى إحباط الكنيسة من رئيس الوزراء البريطاني ديفيد
كاميرون، فإنها سربت رسالة سرية وقعها 84 أسقفا، أرسلت للحكومة، وعرض فيها
الأساقفة استقبال وإيواء وتقديم العناية لـ 50 ألف لاجئ.
وبحسب الرسالة، التي أرسلت في أيلول/ سبتمبر، ونشرتها صحيفة "أوبزيرفر" اليوم، فقد طالب الأساقفة كاميرون بزيادة عدد اللاجئين الذين عبرت حكومته عن استعدادها لاستقبالهم خلال السنوات الخمس القادمة من 20 ألف لاجئ إلى 50 ألفا. وطالب الأساقفة الحكومة باستشارة الكنيسة في جهود "تكثيف جهود الأمة كما في الأزمنة الماضية".
وتذكر الصحيفة أن الأساقفة وصفوا أزمة اللاجئين بأنها "أزمة أخلاقية"، وأنه يجب في هذه الحالة حشد جهود "الكنائس والمؤمنين والأفراد" في أنحاء البلد كلها، من أجل توفير البيوت الصالحة للإيجار، والبيوت الإضافية الجاهزة لإسكان اللاجئين الذين فروا من بلادهم.
وينقل التقرير عن الأساقفة قولهم إنهم سيقومون "بدعم ونشر فكرة استقبال اللاجئين في البيوت"، حيث سيجد الأطفال الذين هاجروا وحدهم عناية مناسبة لهم.
وتشير الصحيفة إلى أن أسقف درهام بول باتلر، أصدر بيانا ليترافق مع الرسالة، جاء فيه أن صبر الكنيسة قد نفد. ووصف سياسة ورد الحكومة على أزمة اللاجئين بـ"غير المناسبة". واشتكى من أن رئيس الوزراء لم يرد على رسائلهم، إلا بالشكر على إرسالها فقط.
ويورد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، أنه جاء في بيان باتلر أنه "من المحزن ألا نتلقى جوابا شافيا، على الرغم من تأكيد رئيس الوزراء قيامه بإرسال رد لنا". وأضاف: "هناك واجب أخلاقي مُلح، ويستدعي الرد سريعا، وهو ما نعرض نحن الأساقفة لتسهيله، إلى جانب منظمات العمل المجتمع المدني الأخرى".
وتابع باتلر في بيانه قائلا: "هناك حاجة ماسة حقيقية للتعامل مع هذا الموضوع، ومساعدة من أجبروا على الخروج من بلادهم، وتعرضوا للقصف. ولكن رد الحكومة ظل غير مناسب، خاصة مع تكثف القتال، وتوسع مساحة المعاناة الإنسانية".
وتقول الصحيفة إن الخلاف قد انفجر مع استمرار أزمة اللاجئين. ففي يوم السبت قررت هنغاريا إغلاق حدودها مؤقتا؛ من أجل ترتيب إجراءاتها الحدودية، فيما أغلقت سلوفينيا حدودها مع كرواتيا.
ويلفت التقرير إلى أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ستعقد اجتماعا في أنقرة. وستتناقش مع المسؤولين الأكراد كيفية إدارة ومراقبة الحدود الطويلة بين تركيا واليونان. وتتعرض ميركل، التي فتحت أبواب بلادها للاجئين، لضغوط شديدة من مسؤولي حكومتها.
وترى الصحيفة أن التدخل من الأساقفة يعبر عن سخط بين قادة الكنيسة، بسبب الطريقة التي تتعامل فيها الحكومة مع قضية اللاجئين. وتعد إحراجا لكاميرون، الذي طالما زعم أنه يدعو المجتمع "المجتمع الكبير" إلى حل المشكلات من خلال العمل الجماعي على المستوى المحلي.
ويفيد التقرير بأن كاميرون كان قد أعلن الشهر الماضي عن نيته استقبال 20 ألف لاجئ. مشيرا إلى أن هذا الإعلان جاء بعد العثور على جثة الطفل إيلان الكردي على شاطئ تركي، حيث غرق مع شقيقه ووالدته وهم يحاولون عبور البحر إلى اليونان.
وتبين الصحيفة أنه بحسب مصادر من الكنيسة، فقد كتبت الرسالة في أيلول/ سبتمبر بشعور من الأسى لا الغضب. مستدركة بأن حالة الإحباط زادت في الأسابيع القليلة الماضية؛ بسبب بطء خطوات الحكومة فيما يتعلق بتوطين اللاجئين. وعبر الأساقفة عن رفضهم للهجة التي تميز بها خطاب وزيرة الداخلية تيريزا مي أمام مؤتمر حزب المحافظين هذا الشهر.
وينوه التقرير إلى أن الأساقفة تحدثوا في رسالتهم عن "واحدة من أكبر أزمات اللجوء التي تسجل في التاريخ"، وقالوا إن "أزمة بهذا المستوى تدعو كل واحد منا إلى أداء دوره".
وتختم "أوبزيرفر" تقريرها بالإشارة إلى قول الأساقفة: "نؤمن أن هناك تقاليد عظيمة في هذا البلد لمنح ملجأ وإظهار حس الكرم، وأننا نستطيع إعادة توطين 10 آلاف شخص على الأقل في العام الحالي وخلال العامين المقبلين، ما يرفع الرقم إلى 50 ألفا في الأعوام الخمسة القادمة، التي تحدثت عنها في إعلانك (أي كاميرون)".