قدم معهد واشنطن قراءة تحليلية للمستجدات والخطوات الاستراتيجية التي أقدم عليها
تنظيم الدولة مؤخرا في التقدم نحو
حلب، محاولا استقراء ما يفكر به "العقل العسكري" للتنظيم وما يسعى إليه خلال المرحلة المقبلة، من ضم مدينة حلب بالكامل لـ"دولته"، أو الاكتفاء فقط بالسيطرة على ممرات حيوية فيها، في ظل تعدد الخصوم (
جيش الفتح، وجبهة النصرة، ونظام الأسد، والأكراد السوريين) وانضمام الروس إلى المعركة، والتحديات الكبيرة التي يمكن أن يواجهها في معركته المقبلة وتداعياتها على قوات المعارضة والأكراد ونظام الأسد.
وتساءل معهد واشنطن في تقرير صادر عنه عما إذا كان تنظيم الدولة يخطط للقيام بغزو مباشر لحلب، مستقرئا ما قام به التنظيم خلال الأيام الماضية من هجوم كبير شمالي حلب، حيث يسيطر جيش الفتح على المنطقة، ويحاول تنظيم الدولة منذ أشهر الاستيلاء على الممر بين إعزاز وحلب وعينه على كل مدينة حلب.
وأشار التقرير الذي أعده مدير الأبحاث في "جامعة ليون2" فابريس بالونش، إلى أن قوات المعارضة بما فيها جيش الفتح وجبهة النصرة لم تقاوم كثيرا وهربت بسرعة قبل تقدم تنظيم الدولة، لأنها كانت ـ وباعتراف الجميع ـ في وضع صعب جدا ومحاصرة بين جيش النظام السوري في الجنوب وتنظيم الدولة في الشمال، وفي الوقت نفسه، يقوم الروس بغارات جوية مكثفة.. فضلا عن مواجهة قوات المعارضة لقوات الأسد على جبهتي حماة ووادي الغاب، وهذا هو المبرر لهروب هذه القوات من وجه تنظيم الدولة شمال حلب.
ونوه التقرير إلى أنه بإمكان بشار الأسد الاستفادة من القتال بين تنظيم الدول وجيش الفتح، مستدركا بأنه إذا كانت حلب هي الهدف الحقيقي للجماعة، فقد يفقد الأسد السيطرة على ثاني أهم مدينة في سوريا.
وقال التقرير، إنه في الوقت الراهن، يُقيم تنظيم الدولة اتصالات مباشرة مع ضواحي حلب، حيث إن جيش النظام السوري ضعيف للغاية هناك، مؤكدا أن واقع مقتل الجنرال الإيراني حسين همداني مؤخرا في المنطقة يشير إلى أن بعض وحدات تنظيم الدولة على الأقل، قد اشتبكت مع قوات النظام والمليشيات المتحالفة معها، بما فيها حزب الله.
وأوضح أن حملة جيش النظام السوري فشلت في تطويق شرق حلب سابقا في شباط/ فبراير، ولكن يبدو أنه يجري حاليا اتخاذ خطوات لشن هجوم جديد، وسيكون هذه المرة بدعم من الطائرات الروسية والمزيد من القوات البرية. ومع استمرار هذا الجهد في الأسابيع والأشهر المقبلة، فسوف يحاول الأسد وحلفاؤه على الأرجح تأمين المساعدة من حزب الاتحاد الديمقراطي، وهو جماعة كردية سورية قادرة على إغلاق الحدود التركية بين إعزاز وجرابلس وقطع شريان الحياة الرئيس للمتمردين، بحسب التقرير.
وشدد التقرير على أنه إذا نجحت هذه الاستراتيجية المشتركة بين الأسد والروس وحزب الاتحاد الديمقراطي، فسيتم أيضا حرمان تنظيم الدولة من الوصول إلى تركيا، وبالتالي قد تكون الجماعة قد قررت أن أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم. وفي النهاية، فقد يعني ذلك الاستيلاء على حلب قبل أن يتحقق تحالف الأسد على أرض الواقع، والاستفادة من الضعف المتبادل للجيش السوري وجيش الفتح في الشمال. وإن طرد قوات الأسد من حلب سيجعل تنظيم الدولة سيد المنطقة الشمالية، الأمر الذي سيضطر حزب الاتحاد الديمقراطي إلى نسيان حلمه في توحيد المدينتين الحدوديتين كوباني (عين العرب) وعفرين. وعندئذ سيتعين على الجماعة الكردية الاندفاع من أجل حماية عفرين من التطهير الذي سيقوم به تنظيم الدولة في ظل رقابة تركيا الكريمة، على حد وصف التقرير.
واستدرك بالقول، إنه في الوقت نفسه، من المرجح أن يؤدي مقتل الجنرال همداني إلى دفع إيران إلى التدخل بقوة أكثر في حلب، حتى إذا لم تكن المنطقة تشكل أولوية استراتيجية لطهران.. في حين يقتصر الالتزام الإيراني في شمال سوريا أساسا على حماية المجتمعات الشيعية في الزهراء ونبل وكفريا والفوعة، ولكن الهجوم الحالي لتنظيم الدولة يزيد من الخطر الذي يحدق بهذه المناطق.
وختم التقرير بأن الأيام والأسابيع المقبلة ستكشف عما إذا كان تنظيم الدولة سيشن هجوما قويا على مدينة حلب، وعما إذا كان القصف المتزايد من الضربات الجوية الروسية في المستقبل سيكون كافيا لوقفه.