تمكن جيش النظام السوري بغطاء جوي روسي من التقدم الاثنين، على جبهات عدة بعد اشتباكات هي "الأعنف" مع الفصائل المقاتلة منذ مطلع الشهر الحالي، تزامنا مع تزويد واشنطن مجموعات تصنفها "معتدلة" بالسلاح لمواجهة
تنظيم الدولة.
ودعا الاتحاد الأوروبي الاثنين
روسيا إلى "وقف فوري" للضربات الجوية التي تستهدف "المعارضة المعتدلة" في
سوريا معتبرا أنه "لا يمكن التوصل إلى سلام دائم مع القادة الحاليين" للبلاد فيما تدعم موسكو رئيس النظام بشار الأسد.
ميدانيا، أعلنت القيادة العامة لجيش النظام السوري في بيان الاثنين، أن القوات المسلحة أحرزت "نجاحات مهمة في عملياتها العسكرية المتواصلة ضد التنظيمات الإرهابية" في محافظات حماة (وسط البلاد) وحلب (شمالا) واللاذقية (غربا).
وأكدت في بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية "سانا" سيطرة وحداتها "على بلدات وقرى كفرنبودة وعطشان وقبيبات ومعركبة وأم حارتين وتل سكيك وتل الصخر والبحصة في ريف حماة الشمالي".
وتعد بلدة كفرنبودة ذات موقع استراتيجي بالنسبة إلى النظام الذي يحاول التقدم للسيطرة على مدينة خان شيخون الواقعة على طريق دمشق حلب الاستراتيجية.
لكن المرصد السوري لحقوق الإنسان نفى سيطرة قوات النظام على بلدة كفرنبودة، مشيرا إلى استمرار اشتباكات بين قوات النظام والفصائل المقاتلة هي "الأعنف في سوريا منذ بدء الحملة الجوية الروسية في 30 أيلول/ سبتمبر".
وأكد مدير المرصد رامي عبد الرحمن "سيطرة قوات النظام على الحي الجنوبي من كفرنبودة تحت غطاء جوي من الطائرات الحربية الروسية التي شنت أكثر من عشرين غارة منذ الصباح".
وقتل خلال هذه الاشتباكات وفق المرصد، تسعة من عناصر الفصائل وخمسة على الأقل في صفوف قوات النظام والمسلحين الموالين لها.
وبحسب عبد الرحمن، فإنه "في حال تمكنت قوات النظام من السيطرة بالكامل على كفرنبودة، فإنه يصبح بإمكانها التقدم للسيطرة على مدينة خان شيخون التي تعد خزانا بشريا لجبهة النصرة في محافظة إدلب وتقع على طريق حلب دمشق الدولية".
وتشن قوات النظام هجوما متزامنا على طرفي هذه الطريق في محاولة لـ"تشتيت مقاتلي الفصائل والتقدم إلى ريف إدلب الجنوبي"، وفق عبد الرحمن.
ويسيطر "جيش الفتح" الذي يضم جبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا) وفصائل إسلامية، أبرزها حركة أحرار الشام، على كامل محافظة إدلب، ويخوض منذ أشهر مواجهات عنيفة ضد قوات النظام للسيطرة على سهل الغاب في محافظة حماة.
وتعد سهل الغاب منطقة استراتيجية، وهي ملاصقة لمحافظة اللاذقية التي تنحدر منها عائلة الأسد وتعد معقلا للأقلية العلوية على الساحل السوري.
ويشن الجيش السوري منذ السابع من الشهر الحالي عملية برية واسعة مدعوما بغطاء جوي من الطائرات الروسية، لاستعادة مناطق في وسط وشمال غرب البلاد، تخضع بمعظمها لسيطرة فصائل معارضة.
وتمكنت قوات النظام من السيطرة منذ بدء الهجوم البري المدعوم بغطاء جوي روسي على تسع بلدات وقرى محيطة بمدينة خان شيخون، في موازاة سيطرتها على خمس قرى في محافظة اللاذقية الساحلية، أبرزها الجب الأحمر، وفق مصدر عسكري.
في شمال البلاد، سيطرت قوات النظام الاثنين على المدينة الحرة الواقعة على أطراف مدينة حلب بغطاء جوي روسي بعد اشتباكات مع الفصائل المقاتلة، وفق مصدر عسكري سوري.
في موازاة ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية الاثنين أن سلاح الجو قصف 53 "هدفا" لتنظيم الدولة الإسلامية في الساعات الأربع والعشرين الماضية، ودمر معسكرا للتدريب في بلدة المسطومة (إدلب) ونقطة عبور يستخدمها التنظيم قرب بلدة سلمى (اللاذقية).
وتؤكد موسكو أن ضرباتها الجوية تستهدف المجموعات "الإرهابية"، ولكن على غرار النظام السوري، يصنف الكرملين كل فصيل يقاتل النظام بـ"الإرهابي" بخلاف دول الغرب التي تواصل انتقاد روسيا لشنها ضربات ضد مواقع فصائل مقاتلة تصنفها بـ"المعتدلة".
وبعد أيام على إعلان واشنطن إنهاء برنامج كان مخصصا لتدريب الفصائل المعتدلة، أعلن الكولونيل باتريك رايدر المتحدث باسم قيادة القوات الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم) في بيان الاثنين، أن الولايات المتحدة ألقت جوا ذخائر أمس في شمال سوريا لمساندة مقاتلين من المعارضة يتصدون لتنظيم الدولة.
وقال رايدر إن هذه العملية الجوية "الناجحة" باسم الائتلاف الدولي "وفرت ذخائر لمجموعات عربية سورية خضع المسؤولون عنها لعمليات تدقيق ملائمة من جانب الولايات المتحدة".
وبحسب عبد الرحمن، فقد تسلمت "قوات سوريا الديمقراطية" هذه الأسلحة مساء أمس في منطقة الجزيرة، في إشارة إلى مجموعة من الفصائل التي أعلنت توحيد جهودها العسكرية تحت هذه التسمية وتضم وحدات حماية الشعب الكردية وعدد من الفصائل العربية أبرزها لواء "بركان الفرات".
وسبق لهذه الفصائل أن أظهرت فعاليتها في التصدي لتنظيم الدولة في مناطق عدة في شمال وشمال شرق سوريا.
في لوكسمبورغ، شدد الاتحاد الأوروبي على أنه "لا يمكن أن يكون هناك سلام دائم في سوريا مع القادة الحاليين"، مشيرا إلى أن "هذا التصعيد العسكري من شأنه إطالة أمد النزاع وتقويض العملية السياسية وتدهور الأوضاع الإنسانية وزيادة التطرف".
واتهم الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ الاثنين روسيا بالإسهام في إطالة أمد النزاع من خلال دعمها الأسد ضد المعارضة المعتدلة.
وأعلن الموفد الأممي إلى سوريا ستافان دي ميستورا في جنيف الاثنين، أنه سيغادر اليوم إلى موسكو قبل أن يتوجه إلى واشنطن، لافتا إلى أنه "من الواضح أن التدخل العسكري الروسي (في سوريا) احدث دينامية جديدة".
وتشهد سوريا نزاعا بدأ في منتصف آذار/ مارس 2011 بحركة احتجاج سلمية قبل أن يتحول إلى حرب دامية متعددة الأطراف، تسببت بمقتل أكثر من 240 ألف شخص وبتدمير هائل في البنى التحتية بالإضافة إلى نزوح ملايين من السكان داخل البلاد وخارجها.
في الأثناء، قالت منظمة العفو الدولية الثلاثاء، إن التهجير القسري للسكان وتدمير المنازل الذي تقوم به القوات الكردية في شمال سوريا وشمال شرقها، يشكل "جرائم حرب".
وأوضحت هذه المنظمة غير الحكومية التي تتخذ لندن مقرا، أن مهمة أرسلت إلى 14 مدينة وقرية في هذه المناطق السورية "اكتشفت موجة تهجير قسري وتدمير للمنازل تشكل جريمة حرب ارتكبتها الإدارة الذاتية" الكردية السورية.
وانتصبت هذه الإدارة الكردية بعد انسحاب الجيش السوري من معظم أنحاء هذه المناطق ذات الغالبية الكردية في 2012. وتقاتل قوات الأمن الكردية السورية في هذه المنطقة حاليا مسلحي تنظيم الدولة.