يتداول السكان المحليون في مدينة البتراء الأثرية، بمحافظة معان جنوبي الأردن، معلومات تشير إلى تردد
سياح إسرائيليين على هذه المدينة؛ بهدف العبث بالأماكن الأثرية والتاريخية فيها، وتزويرها لإثبات نسبتها لأصول
يهودية.
في ذلك، أكد الصحفي يوسف الطورة الذي يقطن في محافظة معان، صحة ما يتداوله السكان في المحافظة، مشيرا إلى "اندلاع احتجاجات قوية في المدينة مؤخرا، رفضا لوجود السياح الإسرائيليين في الأماكن الأثرية".
وقال الطورة في حديث لـ"عربي21": "نعم يأتي سياح إسرائيليون إلى محافظة معان، خاصة إلى لواءي البتراء ووادي موسى ومنطقة بيضاء، وذلك بموجب معاهدة وادي عربة المنعقدة بين الأردن وإسرائيل، بإشراف أمريكي في العام 1994، ويقومون بأعمال مريبة، ويمكثون أياما طويلة بين الجبال والوديان والأماكن الوعرة، بحجة عيش حياة البداوة".
وأضاف الطورة أن "السكان يتخوفون من قيام هؤلاء الإسرائيليين أثناء سياحتهم، بدفن مخطوطات وعملات يهودية مزورة في المنطقة، ومن ثم الادعاء بأن لهم تاريخا ووجودا، وبالتالي يبدؤون المطالبة بها".
وتعدّ البتراء مدينة أثرية وتاريخية تقع في محافظة معان في جنوب الأردن، وتشتهر بعمارتها المنحوتة بالصخور ونظام قنوات جر المياه القديمة، وأسست في عام 312 ق.م عاصمة لمملكة الأنباط، في حين اكتشف مدينة البتراء المستشرق السويسري يوهان لودفيغ بركهارت عام 1812، وقد أُدرجت مدينة البتراء على لائحة التراث العالمي التابعة لليونسكو في عام 1985، كما تم اختيارها واحدة من عجائب الدنيا السبع الجديدة عام 2007.
بناء على ذلك، كتب أحد الكتاب الأردنيين مقالا يشير فيه إلى ما أطلق عليه "السياحة السرية" المنتظمة في المناطق البعيدة والوعرة في جنوب الأردن، بلا مرافقة أمنية ودون علم الأجهزة المختصة.
وقال الكاتب فايز الدعجة في مقال له انتشر على المواقع الإلكترونية المحلية: "يتعرض جنوب المملكة لحملة تهويد منظمة؛ تهدف إلى العبث بالأماكن الأثرية والتاريخية، وتزويرها لإثبات نسبتها لأصول يهودية، وتقوم مجموعتان صهيونيتان دوريا بارتياد مناطق وادي بن حماد في الكرك ووادي الحسا ومنطقة الهيشة في الشوبك ومقام النبي هارون في البتراء ووادي رم، وتصل إلى مواقع نائية يصعب على سكان تلك المناطق بلوغها؛ لشدة وعورتها ومشقة الوصول إليها سيرا على الأقدام".
وتابع الكاتب بأن "مقام النبي هارون في البتراء، يعدّ الأكثر استهدافا لهذه الحملات، ما دفع السلطات المسؤولة إلى وضعه تحت الحراسة الدائمة على مدار الساعة".
وأضاف الدعجة قائلا: "تحاط الأنشطة اليهودية بطوق من السرية والكتمان وما تجمع من معلومات خلال التعامل مع الأحداث والوقائع على مدى السنوات الماضية تؤكد أن المجموعة الأولى هم تشكيلة مصغرة تتكون في كل مرة من بضعة ضباط في الجيش، وإنجاز مهمتهم هو شرط لاستكمال اجتياز دوره تدريبية شاقة تعقد في أحد المراكز العسكرية الإسرائيلية".
وواصل الكاتب موضحا: "المجموعة الثانية طلابية من الدارسين بأقسام كليات
الآثار والتاريخ الجامعية الإسرائيلية تأتي إلى وادي بن حماد لإتمام مساق دراسي تحت إشراف أساتذة مختصين، وتتخفى المجموعتان بلباس مدني، وتحمل جوازات سفر مزيفة، وتدخل البلاد سيرا على الأقدام تحت غطاء سياحة المغامرة دون موافقات مسبقة، وتتنقل لعدة أيام في مواقع محددة نائية ووعرة، حاملين على ظهورهم ما يحمله في العادة الرحالة من احتياجات ومستلزمات السفر الطويل في حقائب الظهر، إضافة لخرائط وأجهزة تحديد المواقع وحبال تسلق وماء وطعام، وربما شيء خفيف من فراش وغطاء".
ورأى الكاتب أن "التسلل إلى المناطق المستهدفة يجري خلسة، مع احتياط تام؛ لضمان الولوج الآمن إلى الآثار التاريخية بصمت، وبعيدا عن الأنظار؛ لإتلاف المواقع الأثرية بالمحو والتحريف، أو إضافة كتابات جديدة ودفن قطع أثرية مزيفة وسرقة الموجود منها".
للوقوف على حقيقة الموقف وصحة ما يتردد، أكد رئيس سلطة إقليم البتراء الدكتور محمد النوافلة أن "هناك حوالي 30 سائحا يقيمون في منطقة البتراء منذ حوالي الشهرين، وأن هؤلاء السياح يحملون الجنسية الأمريكية لا الإسرائيلية، بحسب ما هو ظاهر من خلال وثائق السفر".
وقال النوافلة في تصريحات خاصة لـ"عربي21": "إنه لكثرة ما يشاع ويتردد عن هؤلاء السياح، فقد تحركت الأجهزة الأمنية لاتخاذ إجراءات أمنية بشأن الموضوع، حيث إن الأمور تحت السيطرة والمراقبة، من قبل رجال الأمن، إضافة إلى حراس الأماكن الأثرية".
ورفض النوافلة الحديث حول الإجراءات الأمنية، متذرعا بأنه غير مسموح له الحديث في هذه الإجراءات، في الوقت الذي نفى فيه قيام هؤلاء السياح بالحفر لغايات
تزوير التاريخ والآثار في المنطقة".
إلى ذلك، تقدم النائب في مجلس النواب عدنان الفرجات، بتاريخ 19 أيلول/ سبتمبر من الشهر الماضي، بكتاب إلى رئيس مجلس الوزراء عبد الله النسور، أشار فيه إلى قضية "السياح الذين وصل عددهم 30 سائحا ويقيمون على شكل عائلات، وهم بازدياد".
وقال النائب في كتابة: "إن هذه المجموعة، بما تقوم به من سلوكيات غير مألوفة مثل اللجوء إلى الجبال والوديان ورعي الغنم وبعض الممارسات الدينية مثل الصلاة على الحجارة، أصبحت تشكل هاجسا لدى المجتمع المحلي، علاوة على تهديدها المنظومة الاجتماعية، إضافة إلى اختراق الحاجز التاريخي والموروث الذي يسمى سيادة البتراء العربية النبطية".
وطالب النائب عدنان الفرجات رئيس الوزراء في نهاية كتابة بـ"الوقوف على هذه الظاهرة من خلال وزارة الداخلية وأجهزتها الأمنية وكذلك وزارة السياحة".