كتب براءة ألبايراق: بات العالم الإسلامي والمسيحي يعيش في الفترة الأخيرة تطورات مهمّة، فلكثرة الأحداث لا نستطيع أن نتابعها بجميع تجلّياتها الكاملة، وعلينا أن نبذل جهدا أكثر لنفهم الصورة بشكل أكبر. فقد عملت وسائل الإعلام الدولية على إيصال هذه الأحداث بطريقتها الخاصة للقارئ عن طريق الصور الإلكترونية وعناوين أخبارها على الصور والملصقات والمجلات.. فمن جهة قامت مجلّة التايمز في أحد عناوينها الرئيسة التي نشرتها في آخر أعدادها بذكر توجّهات ورؤى الفاتيكان، ومن جهة أخرى قامت بذكر العالم الإسلامي بصورة دونية وبأنه العالم النامي الذي لا يملك أيّة حضارة أو نظام، وخصَّت بذلك القسم السنّي منه.
الإعلام الغربي بين زيارة البابا وسقوط الرافعة
فبعد زيارة البابا الأخيرة لأمريكا وإعلانه التوقعات لألفية جديدة أمام البشرية، سلّطت وسائل الإعلام الضوء على هذا الحدث بشكل كبير، وعلى الأسباب التي أدّت إلى اختيار البابا. ولم تقف وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة عند تغطية تفاصيل زيارة البابا هذه ونشرها لهذه التفاصيل في كل مكان فحسب، بل إنها شدّدت على مدى أهمّية وتوقيت هذه الزيارة، وعلى تلك الرسالة السامية التي أفاد بها لتكون حديث العالم أجمع.
وفي الفترة التي سلّط العالم فيها الأضواء على هذه الزيارة وأصدائها وقعت حادثة الحج المفجعة، التي أظهرت المخططات الخفية ضمن الأجندات الدولية السياسية والدينية، لكن وسائل الإعلام الغربية لم تظهر ذلك الاهتمام بهذه الحادثة كما أظهرته بزيارة البابا.. فبعد النظر إلى ما نشره الإعلام الغربي عن الحادثة نجد أنه كان يجب عليه أن يولي هذا الحدث الأهمية الكبرى لما له من أثر كبير على الأزمة في
الوطن العربي وعلى العلاقات بين السنة والشيعة هناك، وعلى الحملات التي تندّد باتهام السنّة في ما حصل في هذا الحادث.
لذلك، ولأجل أن يخرج العالم الإسلامي من هذه الأزمة فإنه يجب أن نعمل بشكل أكبر لعدم السماح بتفرّق المسلمين إلى سنة وشيعة أكثر مما هم متفرّقين الآن، فيجب العمل بكافة الطرق وبحرص شديد للتأكيد على أهمّية وحدة المسلمين، وإلا فإن أخطاء التاريخ ستعيد نفسها من جديد.
الغرب والتعاطف المتأخّر مع اللاجئين
عند مطالعة ما يُنشر على أغلفة المجلات الغربية، نرى أن ما نُشِر عن آنجيلا ميركل -الملقّبة بأم اللاجئين السوريين- على غلاف العدد الأخير لمجلَّة "نيوز ويك" في ما يتعلّق بأزمة اللاجئين السوريين في أوروبا يرسم ابتسامة على وجوهنا، كون الإعلام الغربي يصف المجتمع الغربي بأنَّه يُظهر التعاطف والشعور الإنساني نحو اللاجئين -أو هكذا قيل- ويمدح الإجراءات المُتَّخذة من قبل ميركل لحل أزمة مئات الآلاف من اللاجئين السوريين في أوروبا.
لكن الحقيقة هي عكس ذلك تماما؛ فعندما كان جسد الطفل السوري إيلان الكردي الذي لم يتجاوز الثلاث سنوات من العمر مرميّا على شواطئ أوروبا، فأين كان وجدان أوروبا وعطفها على اللاجئين وقتها؟ وعلى الرغم من كل هذا، تذكر الصحافة الغربية مدى تعاطف قادة أوروبا مع اللاجئين السوريين.
فماذا نقول عن إعلامٍ ركض خلف مدح المنافقين الذين لا يفكّرون إلا بمصالحهم ونسي من كان عونا للاجئين السوريين الذين كانوا بأّمسّ الحاجة إلى من يساعدهم ويساندهم ويعينهم على مصابهم، كتركيا التي كانت الوحيدة التي استقبلت بعطف وفتحت أبوابها لمليوني لاجئ سوري وآوتهم من البرد والحر والعراء، بغض النظر عن عرقهم أو لغتهم أو دينهم..؟
لذلك،فأنا أعتقد أنه يجب أن نجد مرتبة أخرى غير الدكتاتورية لنُصَنِّفَ بها الصحافة الغربية.....
(عن جريدة "صباح" التركية- ترجمة خاصة لـ"عربي21")