يقول المعلق باتريك كوكبيرن في صحيفة "إندبندنت" إن قرار الروس شن غارات جوية في
سوريا خطير، ويحمل تداعيات واسعة على الكرملين، مشيرا إلى أن موسكو دخلت حربا لا يمكنها إلا الانتصار فيها.
ويضيف كوكبيرن أن الغارات الجوية تعد تحولا في الحرب الأهلية هناك، وتعني أن
روسيا والولايات المتحدة لن تقفا موقف المتفرج على النزاع، بل قد أصبحتا في قلبه. مبينا أن التدخل الروسي والأمريكي يعني نهاية قريبة للحرب؛ لأن كلا من واشنطن وموسكو ستتحكمان بالقوى المحلية الوكيلة عنهما في الصراع.
ويبين التقرير أن الدعم العسكري الروسي للنظام السوري يعني أن قواته لن تخسر الحرب، فيما سيكون تنظيما القاعدة وتنظيم الدولة في العراق والشام الطرفين الخاسرين.. موضحا أن هذا لا يعني بقاء بشار
الأسد في السلطة، ولكن ما سيبقى هو الدولة السورية والجيش، على خلاف ما حصل في العراق عام 2003، حيث تم حل الجيش وتشتيت قواته، وبالتالي انهيار الدولة العراقية.
وتذكر الصحيفة أنه في الوقت الذي تميز فيه رد الفعل الأولي الأمريكي على الغارات بالقول إنها لم تستهدف
تنظيم الدولة، ولكن على ما يبدو فإن الروس يقومون بضرب قوات جبهة النصرة وتنظيم الدولة.
ويشير كوكبيرن إلى أنه من الأهداف التي ضربت على ما يبدو موقع في مدينة تلبيسة على الطريق السريع إلى مدينة حمص. وكان الجيش السوري الحر قد سيطر عليها قبل عامين، لكنها أصبحت في يد جبهة النصرة وغيرها من الجماعات المتطرفة.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن مقاتلي
الجيش الحر أصبحوا قوة مهملة ومنذ عام تقريبا. واعترف السفير الأمريكي السابق في دمشق روبرت فورد، بداية هذا العام أن أحرار الشام وجبهة النصرة وتنظيم الدولة أصبحت القوة المهيمنة في مناطق المعارضة.
وتلفت الصحيفة إلى أنه من المتوقع أن يقوم الروس بضرب مواقع تنظيم الدولة في شرق مدينة حلب وحماة وحمص ودمشق، حيث يسيطر التنظيم. مبينة أن هذا كله يعتمد على قوة الغارات الجوية. فقد شنت الحملة التي تقودها الولايات المتحدة 2362 غارة على سوريا، ولكنها لم تستطع وقف التنظيم من الدخول إلى مدينة الرمادي وتدمر في أيار/ مايو هذا العام.
ويستدرك الكاتب بأن الغارات الجوية الروسية لن تكون بهذا الحجم، إلا أن الغارات الجوية يتم تنسيقها مع قوات جيدة العتاد على الأرض لإتمام العمل الجوي، كما فعلت قوات الحماية الشعبية في شمال شرق سوريا.
ويورد التقرير أن الروس يتعاونون مع المركز الأمني في بغداد، الذي يديره الروس مع الإيرانيين والعراقيين، وأعلن عن إنشائه الأسبوع الماضي. وتدعم روسيا في هذه الحالة القوى الشيعية، إيران والعراق وحزب الله في لبنان، في منافستها مع القوى السنية، السعودية وتركيا وقطر ودول الخليج الأخرى.
ويتساءل كوكبيرن عن الطريقة التي سترد فيها قوى متعددة لها مصالح متضاربة في سوريا. ويجيب إنه من الصعب التكهن بماذا سيحدث لاحقا.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أنه بالنسبة للروس فإن الأزمة السورية تعد فرصة لإعادة تأكيد وجودهم كونهم لاعبين مهمين في منطقة الشرق الأوسط، ولكن ليس على القاعدة ذاتها أثناء الحقبة السوفييتية. ويقول الكاتب: "ما دام انضمت روسيا للحرب فيجب عليها الانتصار فيها، وإلا خسرت موقعها الجديد".