أم حسام .. المرابطة منذ سنوات بشكل شبه يومي في الأقصى - عربي21
تتزاحم الأحداث، وتعلق في الذهن صور لا تنسى؛ إما لقسوتها أو ندرتها، وفي القدس المحتلة تتزاحم الصور الأليمة، ويكاد حديثها ينسيك قديمها، لكن صورة اليوم، التي بحثت "عربي21" عن صاحبتها تكاد لا تنسى أبدا؛ هي صورة تلك المرأة المسلمة، التي بلغت من العمر ستين عاما، حين ألقى بها جندي إسرائيلي على الأرض بعنف؛ فمن يا ترى صاحبة تلك الصورة، ذات العزيمة الفولاذية؟
جن جنون اليهود
لمن لم يعرف "أم حسام" هي؛ فاتن حسين، تبلغ من العمر (60 عاما)، لها من الأولاد 6؛ اثنان معتقلان لدى الإحتلال الإسرائيلي، وبنت واحدة، تقيم في بلدة كفر عقب، قرب رام الله بالضفة المحتلة، تستيقظ يوميا قبل آذان الفجر لتجهز نفسها للرباط في المسجد الأقصى، أو على أعتابه، وتتمنى أن تلقى ربها شهيدة هناك.
أوضحت في حديثها الخاص لـ"عربي21" أنها منذ 20 عاما وهي تتردد على الأقصى، لكنها حافظت على استمرار الرباط فيه منذ خمس سنوات؛ من الأحد حتى الخميس أسبوعيا، تخرج من البيت في الثامنة صباحا وتعود إليه بعد صلاة العصر، منوهة أن الرباط في الأقصى، لا يؤثر على واجباتها تجاه زوجها وأبنائها، وهي تقوم بذلك على "أكمل وجه".
تقول: "جن جنون اليهود"، لزيادة عدد المرابطات داخل المسجد الأقصى، فعند دخولنا تتم مصادرة البطاقة، وعند مغادرتنا للأقصى، منا من تعتقل أو تطلب للتحقيق معها، موضحة أنها اعتقلت لدى الإحتلال 6 مرات، وابعدت عن الأقصى 3 مرات.
وأفادت أن الإحتلال يضعها على "القائمة السوداء"؛ لأنها مصدر "قلق وخوف" للمستوطنين، فهي بحسب الإحتلال من "يحرض" النساء على الاعتراض على اقتحام اليهود للأقصى، مؤكدة أن قائمة الاتهام "طويلة"، وقالت: "أنا عندهم في القائمة السوداء، وأتمنى أن أكون عند ربي في القائمة البيضاء".
مستفز بشكل كبير
"أم حسام"، التي ألقى بها جندي إسرائيلي على الأرض، يوم الأحد 13 أيلول/سبتمبر الجاري، خلال وجودها مع المرابطات على بوابات الأقصى بعد منعهن من دخوله، تروي لـ"عربي21" تلك اللحظات الصعبة، وتقول: كنا نكبر خلال حضور كثيف للمستوطنين، فقام جنود الإحتلال بالتضييق علينا وحشرنا في زقاق ضيق، حيث أصيب كثير منا جراء إلقاء غاز الفلفل، حتى مر مستوطن "مستفز بشكل كبير" من أمامنا، وقامت إحدى الأخوات برشه بالماء.
وتضيف المرابطة، حينها "هجم علينا جنود الإحتلال، وضربني أحدهم بقوة، وألقى بي على الأرض بشكل عنيف"، معربة عن سعادتها أنها "لم تنكسر"، كي تتمكن من الإستمرار في المجيء إلى الأقصى على الرغم من الألم الذي يشتد عليها ليلا.
وتقول إن من أصعب المواقف التي تمر بها، حين يمنعها جنود الإحتلال من الدخول إلى الأقصى، في الوقت الذي يسمح للمتطرفين بدخوله، مشددة، وهي تبكي، على أن المسجد الأقصى "لن يقسم، طالما أن فينا عرق ينبض".
طفل مستوطن يكبر
وفي خضم تلك الأحداث الأليمة، لا يكاد يخلو المشهد من المواقف الطريفة، حيث أفصحت "أم حسام" عن مشهد "طريف"، حينما حاولت المستوطنة الإسرائيلية المتطرفة التي "شتمت" النبي الحبيب محمد (صلى الله عليه سلم) عقب خروجها من باب السلسة، وكانت تحمل طفلا صغيرا، يبلغ من العمر ما يقرب من عامين، فلم نسمح لها، وكنا نكبر بصوت عال، وكان يقف الطفل اليهودي بجوارها، وكان يكبر معنا ويقول: "الله اكبر" فكنا ننظر إليه "بدهشة وسعادة كبيرة"، حتى إن المرابطات هتفن: "أسلم أسلم".