نشرت "فايننشال تايمز" تقريرا لجيف داير من واشنطن، قال فيه إن قائد قيادة الجيش الأمريكي المركزية الجنرال لويد أوستين أخبر مجلس الشيوخ يوم الأربعاء أن البنتاغون لا يزال يحاول تقييم الأهداف الاستراتيجية وراء تكثيف الوجود العسكري الروسي في
سوريا.
وتقول الصحيفة إن هذا التصريح يؤكد على الأقل أن الزعيم الروسي فلاديمير
بوتين نجح في إبقاء الجميع محتارا بالأهداف العسكرية والدبلوماسية لزيادة المعدات الروسية المنقولة إلى سوريا خلال الأسابيع القليلة الماضية.
ويشير التقرير إلى أن هذا التدخل الروسي يأتي في وقت تتعثر فيه خطط الولايات المتحدة لبناء قوة عسكرية تقاتل الجهاديين في سوريا. كما يأتي في وقت يحتدم فيه الجدل في البيت الأبيض إن كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما سيقابل بوتين خلال زيارته للأمم المتحدة نهاية الشهر، حيث قد ينهي هذا اللقاء، إن تم، سنة من القطيعة بسبب أوكرانيا، ويجعل الرئيس الروسي يبدو أقل عزلة.
ويذكر داير أن البنتاغون يعتقد أن
روسيا تبني "قاعدة جوية متقدمة" بالقرب من اللاذقية في الغرب السوري، وأنه كان هناك تدفق مستمر للمعدات على مدى الأسبوعين الماضيين، ويقول مسؤولو الدفاع إن روسيا أحضرت مدرعات ومدفعيات في الأيام الأخيرة.
وتنقل الصحيفة عن نائب رئيس السياسة الدفاعية كرستين ورماث، قولها: "قد يكون بوتين قلقا بخصوص استقرار نظام
الأسد، ويحاول دعمه"، وأضافت أن الولايات المتحدة لا تعتقد أن نظام الأسد مهدد بخطر الانهيار قريبا.
ويورد التقرير أن السيناتور الجمهوري جون ماكين، الذي يترأس لجنة القوات المسلحة، قال إن توسع التواجد العسكري هو "تعبير عن تمدد النفوذ الروسي في الشرق الأوسط، الذي لم نره على مدى أربعة عقود"، ويرى أن هذا الأمر سيسمح لروسيا بأن تدعم نظام الأسد، وتؤدي دور صانع الملوك في الفترة الانتقالية.
ويضيف ماكين: "كما في أوكرانيا وغيرها، فإن (بوتين) يفهم حذر الإدارة (الأمريكية) وعدم اتخاذها خطوات على أنه ضعف ويستغل ذلك".
وينقل الكاتب عن المسؤول السابق في البيت الأبيض أندرو ويس، الذي يعمل الآن مع معهد كانغي في واشنطن، قوله: "بوتين انتهازي دائما، وهذا مثال كلاسيكي على انتهازيته، إنه يريد لقاء مع الرئيس في الأمم المتحدة، وهذه فرصة له ليبين أن الغرب مسؤول عن الفوضى كلها في الشرق الأوسط".
ويستدرك ويس بأنه يشك في إمكانيات روسيا بالتدخل المباشر في القتال على الأرض في سوريا، خاصة مع تعقد ساحة الحرب ومخاطرها. مشيرا إلى أن روسيا ستبقى "مصدرا للتسليح وتقديم الاستشارات التقنية" لقوات النظام، بحسب الصحيفة.
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن وزير الخارجية جون كيري قال يوم الأربعاء إن إدارة أوباما تدرس مقترحا روسيا بحوار عسكري مباشر مع أمريكا حول الصراع في سوريا. لافتا إلى أن الهدف من المحادثات هو "نزع فتيل الخلاف بخصوص أي مخاطر محتملة، وحتى يكون هناك فهم واضح وكامل للطريق القادم ولتحديد الأهداف".
وتبين الصحيفة أن المسؤولين الأمريكيين يخشون من حصول حوادث بين طائرات أمريكية وروسية قد تعمل في سوريا في مهام أخرى.
ويفيد داير بأنه في آخر اعتراف بالوضع المزري للجهود الأمريكية لتدريب جيش من السوريين "المعتدلين" لمواجهة
تنظيم الدولة، قال الجنرال أوستين إن هناك فقط "أربعة أو خمسة" جنود يقاتلون في سوريا الآن، وكان الأمل بتدريب 120 جنديا مع نهاية العام.
ويكشف التقرير عن أن الجنرال أوستين أقر بأن المفتش العام للبنتاغون أمر بالتحقيق في الادعاءات بأن ضباطا عسكريين كبارا تلاعبوا بالمعلومات الاستخباراتية حول الحملة ضد تنظيم الدولة، ليظهر أنها تسير بشكل أفضل من المتوقع.
وتوضح الصحيفة أن التحقيق سيبحث فيما إذا قام الضباط الكبار بتشويه أو تزوير التقارير الاستخباراتية للمحللين العاملين في سينتكوم، وهي تهم فيها صدى للفشل الاستخباراتي في الفترة المؤدية إلى حرب العراق.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أنه عند سؤال الجنرال أوستين إن كان الضباط تحت إمرته قاموا "بتحلية" التقارير الاستخباراتية في الحملة على تنظيم الدولة، أجاب أوستين: "بالتأكيد لا".