تواجه دول الخليج ضغوطا متزايدة من جماعات حقوق الإنسان لاستقبال أعداد من المهاجرين السوريين البالغ عددهم 4 ملايين نسمة.
وقال سيمون كير في تقرير له من دبي لصحيفة "فايننشال تايمز" إن دول مجلس التعاون الخليجي لم تستقبل أيا من طالبي اللجوء. ويقول السوريون إن الحصول على تأشيرة لأي من هذه الدول بات من المستحيلات.
ويشير التقرير إلى أن دول الخليج تدافع عن نفسها بالقول إنها موطن مئات الآلاف من السوريين العاملين في أراضيها ممن فروا بسبب الحرب، لكنهم لا يتمتعون بوضعية اللاجئين، وتقوم أيضا بتمويل ودعم اللاجئين في أنحاء المنطقة.
وتجد الصحيفة أن ما يعقد مسألة اللاجئين هو أن الفوضى في
سوريا فاقمت من الأجندات الطائفية والسياسية في دول الخليج وإيران، حيث تدعم الأخيرة النظام السوري، فيما تدعم دول في الخليج جماعات المعارضة السورية.
ويلفت الكاتب إلى أنه منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا دعمت الأمم المتحدة 63 طلب لجوء سياسي لدى دول مجلس التعاون الخليجي، نجح منها 33 طلبا، وذلك بحسب أرقام المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. ولم يتم رفض أي طلب منها، لكن الطلبات الفاشلة تم إهمالها، وهذا العدد مقارنة مع عشرات الآلاف من السوريين الذين وصلوا إلى ألمانيا والسويد.
ويذكر التقرير أن منظمة العفو الدولية "أمنستي إنترناشونال" وصفت غياب المساهمة الخليجية في إعادة توطين السوريين بأنها مثيرة للصدمة. وجاء في تقرير لها أنه "على دول مجلس التعاون الخليجي، وبسبب قربها الجغرافي وصلاتها التاريخية مع سوريا، وإمكانية الاندماج فيها، أن تسهم بشكل مميز في إعادة توطين اللاجئين السوريين".
وتقول الصحيفة إن إجراءات طلب اللجوء في هذه الدول غامضة ومعقدة. مشيرة إلى أن الطريق الوحيد المتوفر للسوريين هو الحصول وبصعوبة على تأشيرة عمل أو زيارة لأي من هذه الدول.
ويبين كير أن السوريين لا يواجهون المشكلة وحدهم، بل أن الكثير من أبناء الجنسيات الأخرى يواجهون الأمر ذاته، وهو ما جعل عدد طالبي اللجوء أو المهاجرين في هذه الدول قليلا. وأدى قمع الناشطين المطالبين بالديمقراطية في هذه البلدان إلى فرارهم منها، ومنذ الثورات العربية عام 2011.
ويتناول التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"،
السعودية مثالا على ذلك، وتقول المفوضية السامية للاجئين إن 561 مهاجرا و100 طالب لجوء تقدموا بطلبات لجوء هناك. وفي الوقت ذاته هناك 630 سعوديا اعتبروا لاجئين في دول أخرى، في حين أن هناك كويتيين ومواطنين من البحرين ممن يعدون لاجئين في دول أخرى أكثر من الذين يتقدمون بطلبات لجوء لهذين البلدين.
وتتساءل الصحيفة عن اللاجئين من
اليمن، ويجيب الكاتب أن الأزمة التي نتجت بسبب الحملة التي تقودها دول الخليج تسببت برحيل أكثر من 100 ألف لاجئ يمني معظمهم اجتاز البحر الأحمر باتجاه الصومال وجيبوتي وإثيوبيا، وذلك بحسب أرقام المفوضية السامية للاجئين. لافتا إلى أن عدد المسجلين في السعودية من اليمنيين يبلغ 30 ألف شخص، إضافة إلى 9880 من دولة ثالثة، ولا يزال منهم 4204 أشخاص في السعودية، وسجلت عُمان 5 آلاف يمني جاءوا إليها.
ويتساءل الكاتب عن الطريقة التي تبرر فيها دول الخليج موقفها من اللاجئين السوريين، مبينا أنه في الوقت الذي يدعو فيه مواطنو دول الخليج حكومات بلادهم لبذل المزيد من أجل مساعدة المهاجرين، فإن هناك الكثيرين يشيرون إلى عدد السوريين في منطقة الخليج، والبالغ عددهم أكثر من 150 ألف نسمة ممن يعملون في الإمارات والكويت. وتشير أرقام المفوضية السامية إلى المساعدات التي قدمتها دول الخليج لمساعدة اللاجئين السوريين في دول الجوار.
وينقل التقرير عن مسؤول في الإمارات قوله إن بلاده وفرت الملجأ لآلاف السوريين والفلسطينيين من حملة الوثيقة السورية، ممن منحوا التأشيرات للانضمام لعائلاتهم المقيمة في الإمارات. وأضاف أن الكثيرين دخلوا البلاد بناء على تأشيرات زيارة يمكن تجديدها.
ويقول المسؤول للصحيفة: "من المحتمل أن نسبة كبيرة من هؤلاء ربما كانوا من الذين شردتهم الحرب. هم
لاجئون من بيوتهم حتى لو اختاروا عدم التسجيل مع الأمم المتحدة والمؤسسات الأخرى".
ويستدرك كير بأن السوريين يقولون إنهم يجدون صعوبة في زيارة دول مجلس التعاون الخليجي. ويقول أصحاب الأعمال في هذه الدول إن "تعيين سوري من المستحيلات".
ويورد التقرير أن المسؤولين في الخليج يقولون إن سياسات الحد من قدوم السوريين وضعت لمنع استيراد السياسات الانقسامية في سوريا، وهجمات المتطرفين الإسلاميين. ونظرا لتفوق عدد الأجانب على عدد المواطنين في معظم دول مجلس التعاون الخليجي، فإن موضوع الهجرة يظل مثيرا للجدل.
وترى الصحيفة أنه سواء تغير هذا الوضع أم لا، فإن هناك حاجة لتغير الموقف من اللاجئين. فقد نشرت صحف محلية في الكويت أن سوريين انتهت إقامتهم بسبب عدم توفر الوثائق، سيمنحون إقامة طويلة الأمد لأسباب إنسانية.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى ما كتبه المعلق الإماراتي سلطان القاسمي: "مع السلطة تأتي المسؤولية، ولا نريد إعادة خلق الأزمة الفلسطينية، وخلق جيل من الأطفال ينشأ في مخيمات اللاجئين. ويمكن لدول الخليج أن تستوعب مليوني لاجئ. وقد استوعبت دول الخليج الكويتين الذين فروا من بعد احتلال العراق لها عام 1990، ولدينا واجب أخلاقي ومسؤولية، وعلينا أن نفتح أبوابنا وجيوبنا أيضا".