كتب أورهان مير أوغلو: تم تمثيل حزب الشعوب الديموقراطي بواقع وزيرين ضمن الحكومة المؤقتة وذلك حسب بنود الدستور.
وقد أعلن الحزب اشتراكه في الانتخابات المبكّرة في نوفمبر وأنه لن ينسحب من هذه الانتخابات، على الرغم من استمرار حزب
العمال الكردستاني في قنديل بشن الهجمات الإرهابية.
حزب الشعوب بين الديمقراطية ودعم الإرهاب
بالأمس كان حزب
الشعوب الديمقراطي يريد عقد الصلح والسلام، فباسم الديمقراطية كان يريد السيطرة على
تركيا، وفي الوقت ذاته استمر بمساندة حزب العمال الكردستاني الذي كان وما زال يهدّد أمن تركيا ومستقبلها، ويسعى لجرّها للاقتتال والحرب باستمراره في شن الهجمات الإرهابية.
إن حزب العمال الكردستاني مصمِّم على تأسيس دولة كردية، فهو يسعى لرسم حدود دولته خارج نطاق الدولة التركية على أرض الواقع، ولأجل تحقيق هدفه فإنه يعمل على إنشاء دولة روجوفا في سوريا التي ستحتضن وتوحّد جميع
الأكراد تحت قيادته.
وعلى الرغم من حصول حزب الشعوب الديمقراطي الداعم لحزب العمال الكردستاني على 6ملايين صوت في الانتخابات وعلى الرغم من إلغاء قرار تتريك الأكراد، والكثير من الحقوق التي أعيدت للأكراد، فإن رؤساء حزب العمال الكردستاني يؤمنون باستحالة تكوين دولة كردية ضمن حدود تركية.
السلاح خيارا
لو أن حزب العمال الكردستاني آمن بعملية السلام بين الأتراك والأكراد لما عاد إلى القتال وأيقظ الآلام التي تراكمت خلال ثلاثة عقود، والتي كانت قد بدأت بالتلاشي، ولم يكن ليقتل العشرات بل المئات من أبناء شعبنا التركي، إن هجمات الحزب الإرهابية لن تسمح للشعب بنسيان هذه الآلام، بل على العكس ستوقظ الهجمات عنصرية عرقية وقومية لا تخمد في نفوس الشعب التركي، كون هجمات الحزب الإرهابية الأخيرة جعلت التاريخ يعيد نفسه، مما يصعِّب تعايش الأكراد والأتراك في تركيا معا، إن لم يكفُّوا عن هذه الأعمال.
إن من يبحث عن السلام بين الشعبين عليه أن يسمح بتجاوز أوجاع الماضي، لا أن يخطّط لبناء دولته في تركيا على جثث القتلى، ويشن هجماته الإرهابية على مختلف المناطق التركية. لكن حزب العمال الكردستاني مصمّم على إحياء ذكرى هذه الآلام، وينتهز أي فرصة لزرع التفرقة بين الشعب كلما بدأت فرصة التصالح، بعكس حال الحزب سابقا. كما أخبر أحد المسنّين القاطنين في منطقة البحر الأسود، أن حزب العمال الكردستاني لم يكن حزبا يسعى للقتال في السابق، فبحسب ما ذكر الرجل، فإن مؤسس الحزب عبدالله أوجلان لم يمانع في التعامل مع الشعب التركي، بل كان على وفاق معه.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، إن لم تكن عمليات الحزب الإرهابية لصالح مستقبل الدولة الكردية ولأجل تحرير أوجلان من السجن، فما هدفها إذن؟
الشعب الكردي بين خيارين
هل سيقبل الشعب الكردي أن يستغني عن مستقبله تحت مظلّة الوطن التركي، ويقوم بتصديق أوهام الحزب بالدولة الكردية المنتظرة، كما يدّعي ذلك حزب العمال الكردستاني؟
هل يوجد سبب خفيّ وراء كل هذا؟
إن الأكراد وحزب العمال الكردستاني واقعون بين خيارين مهمّين، أولهما: انتزاعهم لمساحة من الأراضي التركية لجعلها دولة للأكراد بالسلاح والدم، والثاني هو تعايشهم مع الشعب التركي بعد مضي ألف سنة على وجودهم معا بسلام وديموقراطية.
على مدى سنين طويلة، اجتمع الشعب التركي والكردي بعلاقات مصاهرة وقرابة، لكن هذا لا يعني أنه إن تكاتف الشعبان معا فإن جبهة الحرب ستقوم على حزب العمال الكردستاني. فلا زلنا محافظين على الديمقراطية في بلدنا، فلسنا في حالٍ تُمَزِّق فيها الشعوب بعضها بعضا، كما هو الحال في سوريا والعراق، فعند اختيار الحزب المناسب لحكم تركيا عن طريق الانتخابات سينقشع الضباب في المنطقة، وسيتم ردع مخططات حزب العمال الكردستاني.
المستقبل المجهول للأكراد
إن حزب العمال الكردستاني لا يقوم باللعب في مستقبل الشعب الكردي فحسب، بل بمستقبل أوجلان أيضا، وقد قال أوجلان لهم: إن لم يكن هناك مستقبل لي فليس هناك مستقبل لأحد، ومن الواضح أنَّ قيادة الحزب تمر بامتحان تاريخي في هذه اللحظة.
كان من عادة أوجلان عند مرور الحزب في أوقات عصيبة أن يقول: "لن أكون موجودا بعد الآن، فأنتم لم تأخذوا تعليماتي بعين الاعتبار، فانظروا ماذا حلَّ بكم"...
هل غضَّ أوجلان النظر عن جهود السلام "التركية، الأناضولية"؟
لقد أجاب أوجلان على هذا السؤال الودي بشكل حاسم، فقال إنه باقتراب تحقيق مخططات حزب العمال الكردستاني وأهدافهم ستقع مصيبة كبيرة ليس فقط على رؤساء هذا الحزب، بل على الأكراد أيضا.
(عن صحيفة "ستار" التركية، مترجم خصيصا لـ"عربي21"، 4 أيلول/ سبتمبر 2015)