قال بابا الإسكندرية وبطريريك الكرازة المرقسية،
البابا تواضروس الثاني، إن الكنيسة
المصرية تسعى لتقريب وجهات النظر مع إثيوبيا فيما يتعلق بملف مياه النيل، مشيرا إلى أن الكنيسة تؤمن بأن لكل دولة الحق في استخدام المياه دون الإضرار بالآخرين، وذلك في إشارة إلى سد "النهضة" الإثيوبي.
ووصف تواضروس علاقة
الكنيسة المصرية بنظيرتها الإثيوبية، بأنها علاقة قوية، معتبرا أن الكنيسة الإثيوبية امتداد للمصرية.
وأكد أنه يحاول من خلال بابا الكنيسة الإثيوبية، الأب متياس، أن يتحدث عن حق الدول في إقامة مشروعات التنمية دون التأثير على حصة أي من دول حوض النيل، قائلا: "تحدثت مع الرئيس عبد الفتاح السيسي حول هذه القضية، وأخبرني بأن هناك جهودا بين المسؤولين عن هذا الملف".
وأضاف -خلال مؤتمر صحفي، مع وزير الموارد المائية والري، حسام مغازى، لتوقيع بروتوكول حماية النيل، الثلاثاء-: "الأب متياس يلعب دورا في مساعدة مصر في ملف مياه النيل، بفضل العلاقات الكنسية القديمة، والشقيقة جدا، بين البلدين".
وقال: "الإثيوبيون يقولون: "مار مرقس أبونا، والإسكندرية أمنا". واستطرد: "جميع حواراتي مع المسؤولين الإثيوبيين تتضمن الحديث عن مياه النيل وسد النهضة". وتابع: "سوف أحضر أهم عيد في إثيوبيا، وهو عيد الصليب، في نهاية سبتمبر المقبل".
وتعليقا على هذه التصريحات استبعد مراقبون أن يكون لأي دور يمارسه البابا تواضروس في هذا الملف، حسبما أعلن، أي تأثير على مخططات إثيوبيا التي تمضي قدما في بناء السد، بعد أن أوشكت على الانتهاء منه، فضلا عن شروعها في بناء خمسة سدود جديدة.
تواضروس يلتقي سفير مصر الجديد بإثيوبيا
وكان البابا تواضروس الثلاثاء 28 تموز/ يوليو 2015، التقى بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية بسفير مصر الجديد لدى إثيوبيا، "أبو بكر حنفي".
وقال المتحدث باسم الكنيسة القس بولس حليم في بيان له إن اللقاء تناول مستقبل العلاقات المصرية الإثيوبية، ودور الكنيسة الأرثوذكسية فى دعم تلك العلاقات من خلال علاقتها بالكنيسة الإثيوبية، وتفاصيل زيارة البابا تواضروس لأديس أبابا المقررة في سبتمبر.
ويُذكر أنه يتوقع اكتمال تشييد
سد النهضة الإثيوبي خلال عام 2017 ليكون أكبر سد أفريقي، وعاشر سد لإنتاج الكهرباء على مستوى العالم.
وتقول مصر إن السد يهدد حصتها من المياه - التي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب بما يصل لأكثر من 10 في المائة- كما إنه سيؤدي أيضا إلى خفض كمية الكهرباء المولدة من السد العالي.
البابا تنصّل من مسؤوليته أيام مرسي
واعتبر مراقبون التصريحات الجديدة للبابا تواضروس تراجعا منه عن تصريحات أدلى بها إبان حكم الرئيس محمد مرسي، عندما توترت العلاقات بين مصر وإثيوبيا، على خلفية إعلان الأخيرة الشروع في استكمال بناء السد.
وصرح البابا يومها بأن أزمة مياه النيل بين مصر وإثيوبيا تتعلق بحكومات ودول، وأن الكنيسة لا دخل لها بها، وأن ترديد اسم الكنيسة في هذه الأزمة يُعد نوعا من "الخبث"، حتى يشعر الشارع بأن الكنيسة في يدها الحل، وهي التي تمتنع، وهو ما ليس حقيقيا، وفق قوله.
كما اعتذر بطريرك إثيوبيا وقتها عن زيارته التي كانت مقررة للقاهرة يوم 17 حزيران/ يونيو 2013، على أثر التوتر نفسه.
وأضاف المراقبون أن تصريحات تواضروس الجديدة تشكل تراجعا أيضا عن موقفه السابق الذي استمسك به عندما زار بطريرك إثيوبيا مصر في العاشر من كانون الأول/ يناير 2015، وتبنى الأخير حينها وجهة نظر حكومة بلاده، وصرح بأن إنشاء السد لا يضر مصر، فيما اكتفت الكنيسة المصرية وقتها بالقول إن زيارة الأب متياس لمصر روحية، وليست سياسية.
فقد قال متياس وقتها إن نهر النيل أسهم على مر التاريخ في الربط بين الشعبين المصري والإثيوبي، مضيفا أن: "سد النهضة بإثيوبيا يجمعنا كي نتناقش عن الفوائد التي يجلبها السد.. إن الخبراء أظهروا لنا، والدراسات أيضا، أن هذا السد له فوائد، وليس أضرارا تضر بمصر والسودان"، على حد قوله.
تدريب 500 رجل دين مسيحي
وكان البابا تواضروس وقع، الثلاثاء، مع وزير الموارد المائية والري، على وثيقة النيل، وبروتوكول تعاون بين الكنيسة والوزارة، في إطار فاعليات الحملة القومية لإنقاذ نهر النيل.
وأعرب -في حديثه بالمؤتمر الصحفي مع الوزير، الثلاثاء-: عن سعادته بالمشاركة في جهود إنقاذ نهر النيل، وحفظه من أي تلوث أو تهديد، مؤكدا أن النيل يمثل مركزا رئيسا في صلوات الكنيسة خاصة ما يسمى بـ"أوشية صلاة مياه النهر".
واستطرد: "نصلي للآبار والينابيع، وفي الكنيسة عيد يسمى الملاك ميخائيل، وهو في يوم 19 يونيو، ويأتي بمناسبة سقوط أول نقطة مياه على هضاب الحبشة، التي تأتي إلينا بالفيضان في مصر خلال شهر أغسطس"، مردفا أن المياه رمز الحياة، وأن النيل أحد أركان المثلث المصري الأصيل: الإنسان والأرض والمياه.
وأضاف أن المصريين يعيشون على 7% فقط من مساحة مصر، وأن هذا شيء غريب يشبه من لديه قصر ويعيش في غرفة واحدة منه. ووعد بتقديم الكهنة للتدريب على الاستخدام الرشيد لمياه النهر.
ومن جانبه أعلن وزير الموارد المائية والري، الاتفاق مع الكنيسة على تدريب 500 رجل دين مسيحي بمراكز التدريب الثمانية للوزارة لتوعية المواطنين بأهمية الحفاظ على مياه نهر النيل من الهدر أو تلويث المجرى بالتعديات.
وأضاف: "نعول على التعاون والبروتوكول الموقع مع الكنيسة، ونأمل دعمها لحملة إنقاذ نهر النيل في عظاتها الأسبوعية وصلواتها اليومية بأن يديم نهر النيل، وفيضانه".
ومن جانبهم، انتقد نشطاء توقيع الكنيسة على البروتوكول، واعتبروه بمثابة تدخل في الأعمال السياسية.