كتب فايز الفايز: ليس خوفا على الإسلام وعقيدة التوحيد، ودين الله الذي ارتضاه، فالمسلمون وأتباع الدين الإسلامي يعدون مليارا ونصف المليار إنسان على وجه الكرة الأرضية، ولكن حالهم اليوم رغم مأساويته يثبت صدق نبوءة الرسول الأعظم محمد بن عبد الله، عليه الصلاة والسلام، في حديثه الشريف، حين خلُص لوصف حالنا في آخر الزمان: "ولكنكم غثاء كغثاء السيل".
ومع هذا، فليس هناك من خوف على الإسلام، بل الخوف على ما تبقى من صبر وسلم أهلي عند العرب المسلمين الذين لم يتركوا جحرا دخلته الأمم الأخرى حتى دخلوه، وها هم المسلمون والمتأسلمون يقتلون بعضهم ويجردون الجيوش وينفقون المليارات لقهر التيارات السياسية الإسلامية، انتصارا لتيارات التخلف والعصبية الجاهلية التي عبدت الأصنام قديما، وعبدت الأصنام البشرية حديثا، والسماح بإدخال "بدع" جديدة لا يعرفها العرب، من معابد هندوسية وبوذية وتجمعات للشاذين جنسيا والمنحلين أخلاقيا، ثم لا يسمح لأحد أن يعترض أو ينشر أي رأي معارض دون معاقبته بمحاكم التفتيش السياسية بدعوى تهديد الأمن الوطني.
الراهب البوذي "فيرا تو" الأشهر في بورما، الذي يسوق لنفسه على أنه مسالم كما هم أتباع الديانة البوذية وعبدة الأصنام هناك في شرق آسيا والهند والصين، تصدر غلاف مجلة "التايم" الأمريكية، وأطلقت عليه المجلة لقب "بن لادن بورما" ووصفته بمحرك الإرهاب في بلاده ضد غير البوذيين، وها هو لا يزال على ازدواجيته اللاإنسانية، فهو مسالم حين يقف أمام تمثال بوذا، ووحش عندما يتعلق الأمر بالمسلمين من مواطني بلده، إنه يصفهم بالكلاب، وهو في المقابل المحرض الكبير ضدهم، حتى أن المجازر التي يتعرض لها مسلمو بورما تعد من أكبر مجازر التطهير الديني في القرن الحالي بعد أن وصل عدد المسلمين الذين قتلوا هناك إلى خمسة ملايين، وكل ذلك بمباركة الرهبان البوذيين، ومع هذا لم يصدر عن مجلس الأمن ولا الجامعة العربية ولا منظمة العالم الإسلامي ولا الدواوين الملكية والجمهورية والأميرية العربية والإسلامية أي بيان يهدد أو يندد بجرائم العصر ضد المسلمين المضطهدين هناك.
أما "الهندوس" الذين حققوا نصرا في اختطاف الموافقة على بناء معبد هندوسي لـ"عمالهم" على أرض العرب الشريفة مؤخرا، فإنهم ما زالوا يرتكبون أبشع الجرائم ضد المسلمين العزل في ولايات الهند، وترفع الأحزاب الهندوسية هناك شعارات يحترمها الشارع ويقدسها وتحصد، بناء عليها، أعلى الأصوات في الانتخابات وهي الموت للمسلمين ولباكستان.
وقبل سنتين نشر أحد خبراء شؤون الإرهاب في الهند مقالة كشف فيها أن الإعلام الهندي رغم تعاقب الحكومات، إلا أنه لا يزال يغذي التعصب والإرهاب بسبب استهدافه للمسلمين، مؤكدا صعوبة استمرار المتطرفين الهندوس واليمينيين المتشددين في الممارسات الإرهابية دون الاعتماد على كراهية "الإسلام وباكستان ".
وأشار في مقاله الذي نشرته شبكة "أجورا كوزموبوليتان"، إلى أن العداء للإسلام والمسلمين و"باكستان" وإثارة نعرة الهوية الهندوسية تقوم باستغلاله الأحزاب السياسية الهندوسية، لتحقيق المكاسب الانتخابية وحصد أصوات الناخبين، فيما عانت الأقلية المسلمة في ولاية "أسام" شرق الهند من الجرائم التي ترتكبها قبيلة "اللبودو" منذ عام 1970 بدعم من زعامات سياسية وحزبية.
وحتى يعلم العرب والمسلمون المأخوذون بكذبة التسامح والمحبة، فإن جماهير غفيرة من المسلمين في الهند قد نظموا وقفة احتجاجية سلمية أمام المفوض الأمني، اعتراضا على منعهم من الصلاة على أرض وقف بمنطقة "جازي جولا" بمدينة "جلاندهار" بولاية البنجاب الهندية، إثر اعتراض المواطنين الهندوس عليهم والتقدم بشكاوى ضد أداء المسلمين للصلاة على تلك الأرض وسعيهم لبناء مسجد عليها.
في المقابل، فقد نَظَّم الهنود تَجَمهرا أمام الأرض الوقفية التي قام المسلمون بأداء الصلاة عليها، مطالبين الشرطة بالتدخل، إلا أن المناقشات لم تستطع إنهاء الأزمة رغم مطالبة القادة المسلمين بالسماح لهم بالصلاة أثناء رمضان فقط، مع التعهد بعدم بناء مسجدهم المنشود، ومع هذا فقد قامت عناصر تابعة لحزب "بهراتيا جاناتا" الهندوسي وحزب المؤتمر الوطني وغيرهم من عناصر اليمين المتطرف بتجمهُرات احتجاجية ضد إقامة الصلاة على تلك الأرض.
حتى لا نبقي رؤوسنا في رمال الذل، علينا أن نفهم أن الحرب على الإسلام لن يوقفها نفاقنا أو على الأقل تأدبنا مع الآخر قليل الأدب والذي يرى في المسلم أنه ليس أكثر من مخلوق دوني حيواني يمكن أن يقتل لأتفه الأسباب ما دام أنه يذهب إلى المسجد ليصلي، أو يتحدث عن الله الإله الواحد، فكن يا هذا، عربيا عالما فاحش الثراء، منافقا لهم لأقصى الحدود، خادما مطيعا لكلابهم حتى، فلن يحترموك أبدا، ولن يقدروك حتى لو تحولت إلى عبادة أحذيتهم، فما أنت في نظرهم سوى "أعرابي" خدمك النفط والمال الذي لا تستحقه، ويجب تدميرك إما بحرب ضد إرهابك كل عشر سنوات، أو زراعة قنبلة تفجيرية داخل مجتمعك ودولتك، ليفجروها في الوقت الذي يرون أنك أصبحت غير صالح لخدمة مصالحهم أو تشكل خطرا عليهم.
نفهم أن هناك سياسات وعلاقات دولية تحتم على بعض الدول أن تتنازل عن بعض من مبادئها، بغرض كسب ود الدول الكبرى في العالم ومحاولة التميز بالحرية الشخصية، ولكن إظهار مبدأ التسامح وقبول الآخر له شرط أساسي، أهمه ألا يتعارض مع الركن الأساسي في عقيدتك الدينية الموحدة لله الذي خلقك وهو من يميتك وسيحاسبك على كل صغيرة وكبيرة بحق من تحكمهم، فهناك حق للمسلمين أيضا أن يمارسوا الحقوق السياسية التي يرونها صالحة لهم، وأن يفكروا ويتصرفوا حسب منطق العالم المتغير مواطنين لهم حقوقهم السياسية والدينية والانخراط في الجماعات الدينية السياسية غير الإرهابية والترهيبية..
ولهم حق الاعتراض على الفجور وتعهير المجتمعات ودعم الجماعات الشاذة والمتآمرة على الإسلام وأهله، كما لهم الحق بقبول أو رفض أي جسم شيطاني يندس بينهم، وغير ذلك فإن تسلل الأصنام إلى جزيرة العرب هو بداية النهاية للاستقرار المجتمعي الذي نتغنى به وبسماحة مجتمعاتنا، يا رعاكم الله.