نشر موقع إذاعة فرنسا الدولية تقريرا حول تفشي مظاهر الجهل والتخلف
الديني في المجتمعات
المسيحية في القارة الأفريقية، نقل فيه شهادات ووقائع تبين الممارسات العنيفة وغير الأخلاقية التي يعتمدها من يسمون أنفسهم رجال الدين؛ من أجل كسب النفوذ والمال.
وذكر التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، أن العديد من التيارات المسيحية، على غرار "كنائس القيامة"، و"
الكنائس الإنجيلية" و"كنائس الشفاء"، وأديرة أخرى عديدة، استولى عليها رعاة دجالون يعتمدون على أساليب
الشعوذة التي أخذت في الازدهار منذ مدة في القارة الأفريقية، حاملة معها كما هائلا من الوعود الزائفة والمعجزات الوهمية، بهدف زيادة أعداد رواد هذه الكنائس والسيطرة على الناس، ما دفع ببعض الحكومات إلى التحرك من أجل إيجاد حل لوضعية هذه الكنائس.
وذكر التقرير أن حكومة جنوب
أفريقيا قررت فتح تحقيق شامل حول مختلف الكنائس في البلاد، ومصادر تمويلها. وجاء هذا القرار بعد فضائح طالت عدة رعاة كنائس ثبت أنهم دجالون، ما جعلها تواجه تهمة تكوين ثروات من خلال استغلال معاناة الفقراء.
ويحمل رعاة هذه الكنائس أتباعهم على أكل الجرذان والأفاعي، ويأمرونهم بشرب البنزين، ومن ثم يقفزون على بطونهم بأرجلهم، ويفعلون كل ذلك باسم الدين ومن أجل الشفاء.
وقد أعربت حكومة جنوب أفريقيا عن قلقها، معتبرة أن هذه الكنائس لا تسعى إلا للكسب المادي وتحقيق الأرباح، وبات من المستحيل معرفة أعدادها الحقيقية، ولذلك تريد جنوب أفريقيا منح هذه الكنائس صفة رسمية، حتى تصبح تحت طائلة القانون وسلطة الدولة.
ونقل التقرير عن توكو ماكوانازي، وهو عضو في لجنة حماية الحقوق الدينية، بأن هذه الكنائس تستغل ضعف الناس، حيث تساءل قائلا: "ما الذي يدفع الناس إلى أكل الأفاعي الحية وشرب البنزين، أو أن يقبلوا أن يداسوا بالأقدام؟ هل وصل الناس إلى هذا الحد من السذاجة؟ لماذا هذا الحجم من اليأس؟".
وقال التقرير إن هذه الكنائس استغلت حماية الدستور لحرية المعتقد وممارسة الشعائر والطقوس، لكي تحقق انتشارا وتحوز على نفوذ ومداخيل مالية هامة.
وقد أدانت مفوضية كنائس جنوب أفريقيا هذه الممارسات، واصفة إياها بأنها مخالفة للدين، ومتهمة مقترفيها بتوظيف إحباط الناس الأكثر فقرا لاستغلالهم لغاية ربح المال. ففي أغلب الأحيان لا تفرض هذه الكنائس رسوما مباشرة على مرتاديها، لكنها تجني المال عن طريق تبرعاتهم.
ونقل التقرير عن بياتي كوتزه، الذي سيشارك في لجنة التحقيق، أن عمل اللجنة لا يهدف إلى منع هذه الكنائس من النشاط، وإنما مراقبة تجاوزاتها، حيث يقول: "هذا التحقيق ليس حول الديانة، بل حول سوء ممارسة الدين، كي لا تتكرر هذه الممارسات الغريبة مرة أخرى". ومن المفترض أن تصدر لجنة التحقيق تقريرها خلال عام من الآن.
وذكر التقرير أنه في جمهورية توغو أيضا، اتخذت هذه الكنائس التي تدعي الوعظ والتزكية من أماكن مختلفة منطلقا لها، بحثا عن أناس ينشدون "الخلاص". وكل يوم أحد يشهد حي من أحياء مدينة "جبانيدجي" حالة من الضجيج، من الساعة التاسعة صباحا إلى الساعة الواحدة بعد الظهر؛ نظرا لوجود عدد كبير من الكنائس التي تعتمد في طقوسها آلات موسيقية عصرية لجذب الناس.
وتنتشر هذه الكنائس تحت مسميات مختلفة؛ مثل "كنيسة الإيمان"، و"كنيسة أنصار الرب"، و"كنيسة الخلاص والحقيقة". وبحسب السلطات المحلية، فإن عددها بلغ 856 سنة 2009. وبينما يقبع الأتباع في الداخل، ويتقبلون كل ما يقال لهم، يبدي المتساكنون في الجوار امتعاضهم مما يحدث، حيث يشتكون من الفوضى والضجيج في أوقات غير مناسبة.
وبحسب التقرير، يواجه دجّالو هذه الكنائس في توغو اتهامات عديدة، كبيع الأوهام، وإثارة الضجيج أثناء القيام بالوعظ، والاستغلال الجنسي.
فقبل عدة أيام قامت صحفية محلية بتغطية فضيحة داخل كنيسة "بيت القوة"، في مدينة كباليمي على بعد 126 كيلومتر شمال غرب العاصمة لومي، تمثلت في إقدام راعي الكنيسة على ممارسة الرذيلة مع امرأة من أتباعه، فقام زوجها تحت وطأة الغضب بتقييده وكشف أفعاله القذرة أمام كل أتباعه في الكنيسة".
ورغم كل شيء، فإن أعداد هذه الأماكن في ازدياد، حيث تتركز في الأحياء الفقيرة وفي الضواحي وفي القرى والأرياف، ولا يزال الكثيرون خاضعين لسطوتها.
وفي سياق آخر، قال التقرير إن الكنيسة البروتستنتية في جمهورية أفريقيا الوسطى تواجه خطر القساوسة المتطرفين، الذين يدعي بعضهم النبوة وفعل المعجزات، بينما يدعم البعض الآخر العنف الطائفي ضد المسلمين.
ونقل التقرير عن القسيس نيكولا جيريكو يامي، رئيس تحالف الكنائس الإنجيلية، إقراره بصعوبة مواجهة هذه الظاهرة، حيث يقول: "إن هذه مسألة متعلقة بضعف ما يتلقاه الناس من تكوين معرفي، كما أننا لا نجد الفرصة للاطلاع على ما يلقيه كل الوعاظ من خطب، ولكن لدينا دراية عامة بما يحدث في مختلف الأنحاء، فهناك إمكانية أن ينحرف الوعاظ، إذا ما تركز اهتمامهم حول مسائل كالمعجزات وما شابه ذلك".
ويضيف جيريكو يامي قائلا: "إذا هرب دجال إلى منطقتنا أو التجأ إلى الغابة، فإننا نبلغ رعاة كنائس المناطق المجاورة، لكن هذا يبقى دون جدوى في بلد مساحته 623 ألف كيلومتر مربع، لا توجد لدينا الإمكانيات اللازمة لمراقبة تحركات الدجالين".