بعد كل ما مرت بها
سوريا من أحداث سياسية وعسكرية، راح ضحيتها الآلاف من المدنيين والعسكريين، وبنفس الوقت غياب أي دلالة أو مؤشرات للحل في الأفق السوري السياسي، نتيجة عدم اقتناع أطراف الصراع بضرورة الحل، كان لابد من أن يبحث المواطن السوري عن حل نهائي بعد أن طالت فترة الصراع وعدم الاستقرار.
من دون شك أن دول الجوار قدمت وتقدم الكثير للاجئ السوري، ولكن الأعداد الهائلة وطول الفترة الزمنية كما ذكرت، خلق الكثير من المشاكل والصعوبات التي واجهت المواطن، من حيث فرص العمل ومشاكل الاندماج مع المجتمعات المستضيفة لهم، حيث خلق ذلك نوعا من التذمر ومحاولة البحث عن الاستقرار والأمان النفسي والاجتماعي، التي تعتبر أبسط احتياجات الفرد، فكانت الوجهة نحو دول الاتحاد الأوربي حلا معقولا، نظرا لقربها من دول
اللجوء مثل تركيا، وبنفس الوقت الأسعار التنافسية والعروض التي يقدمها المهربون، بالإضافة إلى استغلال حالة الخلل الأمني والأزمات التي عصفت بدول الاتحاد الأوربي، مثل اليونان والوضع الاقتصادي، التي تعاني منها وباتت تشكل معضلة لدول الاتحاد، لتكون أولى نقاط الهجرة، ومتابعة ذلك في الدول الأخرى التي تعاني من نفس الأزمات ليستفيد من ذلك الوضع شبكات المهربين، وكذلك المواطنون المحليون، لاستغلالهم أوضاع اللاجئين، وعدم معرفتهم باللغة وكذلك بطرق العبور.
في كل تصريح لمسؤولي الاتحاد الأوربي يحذرون فيه من خطر التدفق الهائل لأعداد اللاجئين الذين يصلون بطرق غير شرعية، فحسب تصريحاتهم تلك إن هذه الهجرة التي تشهدها دولهم، لم يشهد لها مثيل من فترات زمنية طويلة تمتد حتى فترة الحرب العالمية الثانية، وذلك يبدو واضحا من المخيمات والصالات و الأبنية الضخمة التي تفتح لاستقبالهم؛ لأن البنية التحتية لدولهم غير مؤهلة لاستقبال هذه الأعداد، التي باتت قريبة جدا من عدد المليون مهاجر ولا تزال مستمرة .
من جهة أخرى فإن أعداد اللاجئين الذي يفقدون حياتهم يعدون بالآلاف نظرا لصعوبة عبورهم لحدود دول العبور، فمنهم من يموت غرقا في البحر لاستخدام المهربين للزوارق المطاطية التي لا تستطيع تحمل الأعداد الكبيرة، وكذلك الأمر، الموت من البرد و الإجهاد لوعورة و قسوة الجغرافية، خاصة في دول البلقان، وهي تعتبر ممرا رئيسيا لأوروبا خاصة أن
المهاجرين يشكلون مجموعات ألفية ويعبرون سيرا على الأقدام.
في المحصلة بات المواطن السوري عابرا لحدود مجموعات من الدول، وهو لا يأبه بأي شي لسوء الأوضاع التي يعيشها فقط، أملا بمستقبل أفضل وذلك يتطلب المغامرة حتى بحياته من شدة وقسوة الواقع، ليكون مهاجرا بلا حدود و لتعتبره تلك الدول عبئا ثقيلا لا تستطيع حتى استقباله وتشكو منه إذا السوري لمن سوف يشتكي .
*كاتب كردي سوري