يخطون شعارات تدعو للقضاء على العرب، ويرسمون نجمة داوود، بعد كل جريمة يرتكبونها، هم مستوطنون يهاجمون بين الفينة والأخرى الفلسطينيين وممتلكاتهم، وآخرها فجر اليوم بإحراق خيمة للبدو تحوي الحبوب ومعدات زراعية قرب قرية كفر مالك شرق مدينة رام الله وسط
الضفة الغربية المحتلة، دون وقوع إصابات.
وأشهر الجماعات الإسرائيلية التي تشن هجماتها ضد الفلسطينيين جماعة تطلق على نفسها "دفع الثمن".
فيما صد أهالي بلدة عورتا جنوب شرق مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، الأربعاء هجوما شنه مستوطنون على عدد من منازل المواطنين.
حيث هاجم مستوطنون من مستوطنة "ايتمار" في ساعة متأخرة من الليل عددا من المنازل في المناطق الشمالية والشرقية من البلدة، وتصدى الأهالي لهم واشتبكوا معهم، وأجبروهم على الفرار.
وأوضح الناشط في مجال الاستيطان بشار القريوتي، أن اعتداءات الجماعات المتطرفة "دفع الثمن" تتمركز في الضفة الغربية: دوما، قريوت، وجالود، وقصرة، وترمسعيا، معظمها في محافظة نابلس؛ حيث تتمركز في تلك المناطق بؤرا استيطانية، ويقوم المستوطنون بحشد البؤر في تلك المنطقة التي تقع في وسط الضفة الغربية جنوب نابلس لشن اعتداءاتهم على المواطنين.
وقال القريوتي لـ"
عربي21" إن هناك عصابات منظمة من قبل الإسرائيليين، وهناك أيضا أحزاب إسرائيلية تقوم بدعم هذه العصابات التي تتمركز في تلك المناطق.
وأشار إلى أن هذه الهجمات منظمة، فـ"العصابات تنظم من قبل منظمات صهيونية تهدف بالدرجة الأولى إلى شن اعتداءاتهم على البيوت والأشجار والمواطنين، وتتسلط ضد المواطنين العزل الذين لا يوجد لديهم أي حماية من أي مؤسسات".
وأضاف القريوتي أن المستوطنون يتمركزن في هذه المناطق لأنها تقع ضمن المنطقة المصنفة (ج)، فأراضي بلدة قريوت –قرب نابلس- أكثر من 78% منها مصنفة كمناطق (ج) -وهي المناطق التي تقع تحت السيطرة الكاملة للحكومة الإسرائيلية، وتشكل 61% من المساحة الكلية للضفة الغربية- وهذا يتيح للمستوطنين وفق تعبير القريوتي، العربدة والاعتداء على المواطنين في تلك المنطقة، وحماية الجيش الإسرائيلي لهم يشجعهم بمواصلة اعتداءاتهم، حيث هناك عدة معسكرات للجيش الإسرائيلي تقوم بحمايتهم ومساعدتهم.
وأوضح أن الجيش الإسرائيلي على إطلاع بما يقوم به المستوطنون، ويقوم بحمايتهم، وإفساح المجال لشن اعتداءات على المواطنين، وإخلائهم بالطريقة السليمة.
وأشار أن هناك لجان حراسة تنظم في منطقة جنوب نابلس وسيتم إنشاء وحدة من الشباب ومجموعات من اللجان المشتركة بين القرى في منطقة جنوب نابلس، حيث تم التنسيق مع كافة القرى من أجل عقد غرفة طوارئ منظمة من قبل الشبان الموجودين في تلك القرى، وستكون مهمة هذه اللجان حماية القرى والتواصل مع بعضها في كل من قرى (قريوت وقصرة والمغير وغيرها) خلال الاعتداء وتوثيقها، حسب تعبيره.
دعم حكومي إسرائيلي
بدوره قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية نظير مجلي، إن "الحكومة الإسرائيلية متحيزة إلى جانب المستوطنون، حتى هؤلاء الذين يعتبرون متطرفين جدا، ويشكل موقفهم بمثابة ضرر لإسرائيل نفسها، حيث يحظون بدعم كامل من وزراء الاستيطان في الحكومة الإسرائيلية".
وحمل مجلي الحكومة الإسرائيلية تبعات ما يقوم به المستوطنون، وقال: "بالتالي الحكومة تتحمل مسؤولة ذلك بكل ما يقوم به المستوطنين خصوصا أولئك الذين يتخذون مواقفهم بطريقة التطرف الفاشي الذي لا يأخذ بعين الاعتبار أية علاقات، مثل الذين أحرقوا عائلة دوابشة في دوما".
وأضاف في حديثه لـ"
عربي21"، أن "هؤلاء المتطرفين وجدوا بحضن ساستهم وأحزابهم ويتم تأمينهم بواسطة مشاريع وبرامج ومخططات حكومية، طبعا هذه المساعدات لا تصل مباشرة إليهم، لكن كل الإجراءات التي تقوم بها الحكومة تؤدي إلى أن يصبحوا جزء من المؤسسة الاستيطانية".
نهج العصابات الصهيونية
أما المختص في الشؤون الإسرائيلية فتحي بوزية، فقال إن "
العصابات الصهيونية أصبحت تمارس الممارسات ذاتها التي كانت تمارسها العصابات الصهيونية قبل قيام الدولة، وهذه العصابات موجودة بشكل مباشر من قبل الحكومة اليمينية المتطرفة بقيادة نتنياهو، وعلى سبيل المثال في الانتفاضة الأولى والثانية كان المستوطنون يعودون إلى داخل الخط الأخضر خوفا على أمنهم وحياتهم، الآن العصابات الصهيونية هي التي تهدد أمن الفلسطيني، وأبرز هذه الاعتداءات حرق عائلة دوابشة والتي راح ضحيتها حتى الآن الأب والرضيع".
وعرفت العصابات الصهيونية بمجازرها بحق الفلسطينيين، وتعود بداياتها إلى عصابة هاشومير الصهيونية عام 1909 والتي تطورت في ظل الاستعمار البريطاني، والتي كانت من أهم العصابات الصهيونية، ومن تلك العصابات أيضا: الهاجاناه، البالماخ، الأرجون.
ووصف بوزية في حديثه لـ"
عربي21" المستوطنين بأنهم "يمنيون متطرفون لا يفقهون شيء بالسياسة، ويضرون بمصلحة شعبهم وحكومتهم، لأن الرأي العام الدولي يتأثر في هذه المشاهد التي رآها، ولكن نحن بحاجة إلى استثمار هذا الوضع حتى على المستوى الإعلامي عربيا ودوليا بهدف فضح وكشف ممارسات اليهود المتطرفين الدينيين".
وأضاف أنه "لا يمكن لليهود المتطرفين أن يحققوا أي نتيجة من هذه الاعتداءات على الإطلاق، وذلك لأننا شعب متجذر ولن نخرج من هذه الأرض وسيكون المردود سلبيا على المستوطنين إذا ما تم استثمار ذلك".
وقال إن المطلوب من الفلسطينيين "مواجهة هذه الاعتداءات بشكل مخطط ومدروس، وأن يتخذ قرار حتى ولو لم يكن هذا القرار معلنا من أجل مواجهة المستوطنين لأنهم أصبحوا يتحركون في مأمن وفي حماية الجيش الإسرائيلي".
وحذر قائلا: "الخامات الدينية المتطرفية واليمينية المتطرفة تعطيهم فتاوى بقتل العرب وحرقهم وتدمير ممتلكاتهم، يتم تنقيتهم بفتاوى دينية، كذلك قادة الأحزاب المتدينة والحركة الصهيونية تعطيهم الحق في قتل الفلسطيني والعربي".
وخلال السنوات الخمس الماضية أحرق حوالي 20 مسجدا وكنيسة، و15 منزلا لفلسطينيين على يد جماعات "دفع الثمن"، لم يتم ملاحقة أي من المستوطنين إلا في حاله حرق كنيسة "الخبز والسمك" حيث وجهت فيها لوائح اتهام فقط.
وجماعة "دفع الثمن" اليهودية المتطرفة هي حركة شبابية يمينية متطرفة متدينة ظهرت رسميا في تموز/ يوليو 2008 وكانت لها عمليات سابقة في عام 2006 ولكنها لم تكن واضحة التأطير، وتطلق على نفسها اسم "تاج محير" أي دفع أو جباية الثمن بالعربية.
وتشمل عمليات "دفع الثمن" إلقاء حجارة على السيارات الفلسطينية، ومهاجمة قرى فلسطينية، وإلحاق أضرار بأملاك الفلسطينيين وحقولهم، مثل قطع أشجار الزيتون، وحتى إحراق المساجد والكنائس، وتكسير شواهد القبور.
وفي معظم الأحيان يقترن ذلك بكتابة شعارات عنصرية ضد العرب والمسلمين إلى جانب عبارة "دفع الثمن".