أتوقع أن تتم المصادقة النهائية على اتفاق الصخيرات خلال شهر من الآن
مشاركة وموافقة أكبر قدر من الأطراف في الحوار يساعد على إنجاح الاتفاق
حجم المعارضين لمسودة الاتفاق ليس كبيرا والشعب يبحث عن حل للأزمة
نحن على تواصل مباشر مع المؤتمر الوطني العام ونتوقع موافقته على الاتفاق
هناك إجماع دولي على ضرورة الاستمرار في الحل السياسي برعاية الأمم المتحدة
ما زال لدينا ملاحظات على الاتفاق نسعى إلى تضمينها من خلال المسودة أو الملاحق
توقع رئيس حزب
العدالة والبناء الليبي،
محمد صوان، أن تتم المصادقة النهائية على اتفاق الصخيرات خلال شهر من الآن، معربا عن تفاؤله بقرب انتهاء الأزمة الليبية.
وقال في حوار خاص لـ"
عربي21" إن الآليات التي تضمن نجاح تنفيذ الاتفاق تتمثل في مشاركة أكبر قدر من الأطراف في الحوار، وموافقتها على مخرجاته، بالإضافة إلى دعم المجتمع الدولي لحكومة التوافق، مشيرا إلى أن "حالة الإرهاق التي يعاني منها المجتمع الليبي؛ تعد من العوامل المساعدة لترحيب الجميع بأي بارقة أمل تخرج البلاد من الأزمة".
وأضاف صوان أن هناك أملا كبيرا في إمكانية الوصول إلى اتفاق يساعد على البدء في حلحلة الأزمة بشكل تدريجي، بحيث يضمن إيجاد حل للقضايا الأساسية التي تتعلق بالانقسام السياسي، والسيادة، ووقف الاقتتال، وتدفق النفط المصدر الأساسي للدخل، لكنه استبعد الوصول حاليا لحل نهائي وشامل دفعة واحدة.
ورفض اتهام بعثة الأمم المتحدة بـ"السعي للتفريق وشق الصف؛ لإضعاف المؤتمر، انطلاقا من الإغراق في مفهوم المؤامرة"، مشيرا إلى أن رئيس البعثة برناردينو ليون "يقوم بجهد كبير، ويعمل وسط ظروف صعبة، وأزمة سياسية معقدة".
وبسؤاله عن موقع اللواء خليفة حفتر من اتفاق الصخيرات؛ قال صوان: "هذه اتفاقية دولية، ولا يمكن التعرض فيها لذكر أسماء أشخاص، والشخصيات الجدلية لا تصلح ولا تساعد على نجاح أي حل، وخاصة أثناء الأزمات".
وفي ما يأتي نص الحوار:
* لماذا لم يوقع المؤتمر الوطني العام على اتفاق الصخيرات؟
- المؤتمر الوطني يتمسك بإدراج بعض التعديلات الهامة على المسودة قبل التقدم إلى خطوة أخرى.
* هناك من يقول إن المؤتمر فشل ويريد المناورة من خلال رفع سقف مطالبه، فما تعليقك؟
- أغلب الأعضاء في المؤتمر الوطني جادون في الوصول إلى اتفاق سياسي من خلال هذا الحوار، وهم مدركون لخطورة المرحلة والأزمة الحادة التي تمر بها البلاد سياسيا واقتصاديا وأمنيا واجتماعيا، ولكنْ هناك بعض أعضاء المؤتمر قراءتهم للمشهد خاطئة، وليس لديهم إدراك حقيقي للأبعاد الدولية والإقليمية والمحلية، وهؤلاء مؤثرون داخل المؤتمر، وربما يعول بعضهم على انتهاء برلمان طبرق في شهر تشرين الأول/ أكتوبر القادم بزعم أن ذلك يحل المشكلة، وفي تقديري أن ذلك سيفاقم المشكلة.
* دعوتم المؤتمر الوطني للتوقيع على الاتفاق واستئناف المشاركة في الحوار.. فهل تتوقعون أن يوافق المؤتمر لاحقا على الاتفاق؟
- المؤتمر من البداية يتبع سياسة الغياب والالتحاق متأخرا، وهذا ما حدث في جنيف والصخيرات حتى الآن. ونحن في حزب العدالة والبناء دعونا المؤتمر مرارا إلى عدم الغياب، وله أن يقول ما يشاء، ويتخذ أي موقف على طاولة الحوار.
ومع ذلك؛ نتوقع أن يوافق المؤتمر على الاتفاق، لأن التعديلات المطلوبة من طرف المؤتمر يمكن مراعاتها، وهي محدودة، وهذا خلاف ما يثار في الإعلام.
* وهل أنتم على تواصل معه في هذا الصدد؟
- نعم، نحن متواصلون مع المؤتمر بطريقة مباشرة عن طريق كتلة العدالة والبناء، وهي الأكبر داخل المؤتمر الآن، وندفع باتجاه المشاركة وعدم الغياب، وضرورة إبداء أكبر قدر من المرونة، والاستعداد للتنازل لشركاء الوطن والخروج من هذه الأزمة، فنحن مؤسسة سياسية، ونفكر بعقل جمعي، ولدينا تواصل مع الأطراف الدولية والدول الصديقة، ولدينا فروع في كل
ليبيا، وندرك جيدا من خلال ذلك حجم الأزمة، وخطورة المرحلة، وضرورة إيجاد حل سريع.
* خرجت تظاهرات في ميدان "الشهداء" مؤخرا بالعاصمة الليبية طرابلس، رفضا لمسودة الاتفاق السياسي.. كيف ترى حجم وتأثير المعارضين للاتفاق بشكل عام؟
- حجم المعارضين لمسودة الاتفاق - مع كامل احترامنا لكل الآراء، وحق أصحابها في التعبير من خلال المظاهرات وغيرها - ليس بكثير، أما غالبية الشعب الليبي فهي تبحث عن حل للخروج من الأزمة؛ لأن الأزمة وصلت إلى أساسيات الحياة، وهي الأمن، والغذاء، والدواء، والكهرباء، والتعليم، والسيادة، ووحدة ليبيا ووجودها كدولة.
* المؤتمر الوطني قال إن اتفاق السلم في ليبيا غير ملزم له، فماذا لو أصر المؤتمر على موقفه الرافض للاتفاق؟
- المؤتمر يرى أن أطراف الحوار اثنان؛ هما المؤتمر والبرلمان فقط، والمجتمع الدولي ممثلا في البعثة؛ يتعامل مع الأزمة الليبية على أساس إشراك أطراف متعددة، بالإضافة للبرلمان والمؤتمر، فهناك المجالس البلدية، والأحزاب السياسية، وبعض القادة السياسيين والمجتمع المدني، وقادة الثوار، والنواب المقاطعين.
وتقوم رؤية البعثة على أساس عدم وجود سلطة مركزية في ليبيا، وهذا واقع؛ لأن مراكز القوة والتأثير تتوزع بين كل مكونات أطراف الحوار، وإن هذا التنوع يساعد في إنزال أي حل يمكن الوصول إليه بسهولة على الواقع مستقبلا، وفي تقديري فإن هذه الرؤية صحيحة إلى حد كبير، بخلاف ما يراه البعض استنادا على اتهام البعثة بالسعي للتفريق وشق الصف؛ لإضعاف المؤتمر، انطلاقا من الإغراق في مفهوم المؤامرة.
ومن هنا؛ فإن المؤتمر طرف أساسي يحرص الجميع على وجوده وموافقته، ولكن هل إذا رفض المؤتمر المضي في الحوار؛ ستستمر الأطراف والمجتمع الدولي في تشكيل حكومة التوافق؟ المرجَّح نعم، لأن هناك إجماعا دوليا على ضرورة الاستمرار في الحل السياسي، وهناك أيضا أطراف ليبية متعددة تدفع في هذا الاتجاه من داخل المؤتمر والأطراف الداعمة له.
* هناك دعوات بتمديد الحوار إلى تاريخ انتهاء برلمان طبرق دستوريا، أي حتى تاريخ 21 تشرين الأول/أكتوبر المقبل، وبعض الساسة يتهمون المخابرات المصرية بالوقوف خلف هذه الدعوات، فما رأيكم؟
- لن نكون سعداء بوصولنا إلى هذا التاريخ، ولقد صرحت بهذا في أكثر من مناسبة؛ لأننا ببساطة سندخل في فراغ تشريعي، وهذا يزيد من الأزمة ولا يسهم في حلها، بل إننا نرى ضرورة البناء على الموجود حتى وإن كان هشا، وذلك بإيجاد مقاربة سياسية تبقي البرلمان كجسمٍ منتخب، والمؤتمر الوطني تحت اسم المجلس الأعلى للدولة؛ لإيجاد حل متوازن يحقق الاستقرار، وينهي الأزمة في أقرب وقت ممكن.
وبغض النظر عن صحة المعلومة التي وردت في سؤالك من عدمها؛ فإننا نرى أن هذا الخيار سيعطي الضوء الأخضر لبعض الدول لتسليح طرف دون آخر.
* طالبتم الجميع بتقديم التنازلات من أجل إيجاد حل وإنهاء الأزمة.. فما هي التنازلات التي قدمتموها أنتم، وتلك التي قدمها الطرف الآخر؟
- ما زلنا ننظر إلى المسودة كإطار عام يساعد في إيجاد حكومة وحدة وطنية يعترف بها العالم، ويجتمع عليها الليبيون، ويشارك فيها الجميع، وإنهاء الانقسام التشريعي بإيجاد مقاربة تبقي البرلمان والمؤتمر تحت اسم "المجلس الأعلى للدولة"، وعدم التمسك حرفيا بتقاسم الصلاحيات، وهذا يعني تجاوز بعض الخلافات حول القضايا الجزئية الواردة في المسودة، وإبداء قدر أكبر من المرونة من الطرفين. وكذلك نبحث إيجاد مخرج قانوني بتعديل الإعلان الدستوري؛ بما يضمن احترام حكم المحكمة، واستمرار البرلمان كجسم تشريعي.
* ما هي أبرز تحفظاتكم على مسودة اتفاق الصخيرات؟
- ما يتعلق بالقرارات التي اتخذت خلال فترة الانقسام.
* مثل ماذا؟
- لا داعي لذكرها.
* ما هو موقع اللواء خليفة حفتر من هذا الاتفاق؟
- هذه اتفاقية دولية، ولا يمكن التعرض فيها لذكر أسماء أشخاص، والشخصيات الجدلية لا تصلح ولا تساعد على نجاح أي حل، وخاصة أثناء الأزمات.
* قلتم إن التوقيع بالأحرف الأولى على المسودة غير ملزم لحين المصادقة عليها، فمتى تتم المصادقة النهائية؟
- التوقيع بالأحرف الأولى غير ملزم إلى حين المصادقة النهائية، ونأمل في أن تكون قريبة، ونتوقع أن تكون خلال شهر من الآن.
* ما هي آليات التنفيذ التي تضمن نجاح الاتفاق؟
- أهم جانب هو مشاركة أكبر قدر من الأطراف في الحوار وموافقتها على مخرجاته، هذا ما يساعد على نجاح تنفيذ الاتفاق بإنزاله على الواقع، بالإضافة إلى دعم المجتمع الدولي لحكومة التوافق، وربما الإفراج عن الأموال المجمدة.
* وهل لديكم تخوفات ما قد تحول دون الوصول إلى حلّ نهائي وشامل؟
- لا شك أن المخاوف موجودة، ولكننا متفائلون بإمكانية الوصول إلى اتفاق يساعد على البدء في حلحلة الأزمة بشكل تدريجي، أما الحل النهائي والشامل دفعة واحدة فربما يكون غير ممكن، ولكن بشكل تدريجي؛ بحيث يضمن إيجاد حل للقضايا الأساسية التي تتعلق بالانقسام السياسي، والسيادة، ووقف الاقتتال، وتدفق النفط المصدر الأساسي للدخل، ومن ثم يمكن أن تتداعى الحلول تباعا لباقي الملفات الهامة الأخرى مثل المصالحة الوطنية، وتحريك عجلة الاقتصاد، وبناء الجيش والشرطة والمؤسسات الأمنية، وتحقيق الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي وغيرها.
* المؤتمر الوطني العام اعتبر المبعوث الأممي برناردينو ليون مسؤولا عن تعثر الحوار بين الفرقاء الليبيين. فكيف تقيمون الدور الذي لعبه ليون؟ وهل أنتم راضون عنه؟
- نحن ننظر إلى ليون على أنه ممثل لتنفيذ سياسية الأمم المتحدة تجاه ليبيا، وهو يقوم بجهد كبير ويعمل وسط ظروف صعبة، وأزمة سياسية معقدة، وهناك بعض الملاحظات التي وقعت فيها البعثة مثل عدم وجود معايير واضحة تضبط اختيار أطراف الحوار، كذلك عدم الضغط بالقدر الكافي على طرف طبرق لتقديم بعض التنازلات الهامة لنجاح الحوار.
ومع ذلك؛ فإننا نحترم الجهد الذي تبذله بعثة الأمم المتحدة للدعم، ونتواصل معها مباشرة، ونتقدم لها بالعديد من المقترحات وأخذت بعض ملاحظاتنا في بعض بنود المسودة، ولا زال لدينا ملاحظات أخرى على الاتفاق نسعى إلى تضمينها من خلال المسودة أو الملاحق.
* ما هي التداعيات المرتقبة بعد توقيع الاتفاق النهائي علي الأوضاع في البلاد؟
- أنا متفائل بأن التوقيع النهائي على الاتفاق سوف يلقى ترحيبا من شرائح واسعة من الليبيين في الشرق والغرب والجنوب، وخاصة إذا ما حظي بموافقة كل الأطراف، وهذا ما نتمناه ونعمل على تحقيقه بكل الوسائل.