وافق مجلس الوزراء
العراقي على "حزمة الإصلاحات" التي دعا إليها رئيس المجلس، حيدر
العبادي الأحد، وذلك بإلغاء مناصب نواب رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية في إطار مبادرة تهدف إلى تحسين الوضع المالي للبلاد والحد من الفساد.
ورغم أن الخطوة أتت نتيجة الاحتجاجات التي شهدتها بغداد ومدن بجنوب العراق على مدى أسابيع، للمطالبة "بإصلاحات حكومية"، لكنها قد تكون خطوة على طريق المعركة الباردة التي تجري بين العبادي ورئيس الوزراء السابق نوري
المالكي، الذي سيجرد من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية بمجرد موافقة مجلس النواب على قرارات الحكومة.
وعلى الرغم من التصريح الأولي الذي أصدره المالكي، بتأييده "للإصلاحات التي دعت إليها المرجعية الدينية" في إشارة لقرار العبادي، إلا أن سلوكه في الفترة الماضية، بحسب ما يقول مراقبون، أشار إلى أنه يعمل للتخلص من خليفته، وذلك من خلال بناء مجموعة مواقع إلكترونية "معارضة" شنت هجوما على العبادي واتهمته بالتقصير وعدم تدبير شؤون البلاد.
فعلى مدار عام كامل، ومنذ تولي العبادي رئاسة الحكومة خلفا للمالكي، وذلك بعد تدخل المرجعية الشيعية وترجيحها كفة العبادي، لم يقبل رئيس الحكومة السابق بالخروج من المشهد، واستغل منصبه الجديد للتحرك في الساحة الدولية، وأحكم داخليا سيطرته عن طريق المليشيا الشيعية التي أسسها ودعمها إبان فترة الثماني سنوات التي قضاها بالحكم، والتي أصبحت عصب المعارك التي تخاض أمام تنظيم الدولة.
ويعارض المالكي توجهات العبادي وطريقة إدارته في ملفي السنة والأكراد. وقد رفض الفكرة التي تم تداولها بالإعلام بالعفو عن الزعيم السني المعروف طارق الهاشمي.
في المقابل، فقد حرص العبادي على إمساك الجيش العراقي زمام الأمور في المعارك، خصوصا بعد إقالته لضباط كبار موالين للمالكي، وحاول تحييد مليشيا الحشد الشعبي من القتال، إلا أن الجاهزية الضعيفة والفساد المستشري في صفوف القوات المسلحة العراقية لم يمكنه من ذلك.
وحاول العبادي نتيجة للضغوط التي تفرض عليه، خصوصا من الوسط السني، تسليح بعض أبناء العشائر، والانفتاح على القيادات السنية الكبيرة، إلا أن ذلك لم يفض إلى أي نتيجة، لا على مستوى التسليح، ولا على مستوى إشراك القيادات السنية بالحكم.
وشهدت الدائرة الضيقة من العبادي إلقاء التهم على المالكي واتهامه بالفساد، وكان آخرها، ما كشفه نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون الطاقة، بهاء الأعرجي، عن هدر الحكومة التي قادها الرئيس السابق نوري المالكي نحو تريليون دولار.
وفي هجومه المبطن، قال الأعرجي إن "المشكلة الوحيدة التي يعانيها رئيس الوزراء حيدر العبادي هي أنه يريد أن يعمل، ولكن لا أحد يقف معه أو يسند ظهره".
وفي ما يعد دليلا على سطوة المالكي ونفوذه داخل الدولة العراقية، فقد تحرك الادعاء العام ضد الأعرجي، وأصدر قرارا، الأحد، بالتحقيق مع الأعرجي بتهم تتعلق بالفساد.
تصديق البرلمان العراقي على قرارات العبادي يعني أن نوري المالكي لن يكون له أي منصب رسمي، وهو ما يضيق عليه مساحة التحرك داخليا وخارجيا، فقد استغل المالكي منصبه جيدا، رغم أنه لا صلاحيات له، وقام بعدة زيارات رسمية أبرزها إلى طهران، والتقى العديد من المسؤولين الأجانب في إطار منصبه.
ومن المتوقع أن تسهل هذه الخطوة على خصوم المالكي رفع الدعاوى ضده.
وستكون الكرة بعد "القرارات الإصلاحية" التي أصدرها العبادي في مرمى البرلمان، حيث إنها لن تنفذ حتى يتم إقرارها من قبل النواب، ومن المتوقع أن توافق فيه الكتل الشيعية على القرار وذلك امتثالا لأوامر المرجعية التي أوصت بتلك الإصلاحات.