كشف النائب السابق لأول رئيس وزراء
مصري اختاره العسكر بعد
الانقلاب، الدكتور زياد بهاء الدين، أن تفكك "تحالف
30 يونيو" سببه رغبة أطرافه في تصفية حسابات بينهم، موجها انتقادات حادة لرئيس الانقلاب عبدالفتاح
السيسي، لأنه توسع في إصدار قوانين لم تكن محل استعجال، بحسب ما قال.
جاء ذلك في حواره مع صحيفة "التحرير"، السبت، الذي طالعته "
عربي21".
وفي الحوار قال بهاء الدين: "تحالف 30 يونيو" كان ظرفا تاريخيا جمع بين أطراف مختلفة من القوى السياسية، من نظام مبارك، وقوى 25 يناير، والأحزاب التي تحمل أيديولوجيات مختلفة، وحتى جانب من التيار الديني مثل السلفيين، وفي الوضع الطبيعي لن يستمر تحالف هذه الأطراف المتنافرة سياسيا واقتصاديا، لذا كان فض هذا التحالف، وعدم استمراره، أمرا منطقيا.
واستدرك أن ما أضر بالبلد كان عملية تصفية الحسابات التي بدأت سريعا بين أطراف "30 يونيو"، وترتب عليها إقصاء القوى الممثلة لثورة يناير، ما أضعف من فاعلية الدولة في مواجهة التيار الديني، الذى ثار الناس عليه، بجانب رغبة بعض التيارات، التي شعرت أنها الأقوى، في محاربة التيارات الأضعف، وهو ما نتج عنه أن الشباب الذين كانوا في الصفوف الأولى للثورتين يقبعون الآن في السجون، أو لا يجدون مساحة مفتوحة للتعبير، والمشاركة في بناء مجتمع جديد، وفق قوله.
وأضاف أنه كان من المفترض أن يتم التفريق بين من يسعى إلى إسقاط الدولة أو يدعو للعنف والإرهاب، ومن له رأي مختلف في قضايا متعددة، لكن على أرضية وطنية، فليس من يكتب مقالة كالذي يحمل مدفعا رشاشا، ومن ينتمي إلى حزب ليبرالي أو يساري كالذي ينتمي إلى تنظيم سري، وكل هذا كان خطأ فادحا، ومن كانوا في جبهة 30 يونيو يدفعون ثمنه اليوم.
السيسي توسع في إصدار قوانين لم تكن محل استعجال
وحول "إصدار السيسي المئات من القوانين في ظل غياب البرلمان"، وفق الصحيفة، أقر بهاء الدين بأن هناك توسعا في إصدار بعض القوانين التي لم تكن محل استعجال، مؤكدا أنه حتى مع وجود سلطة التشريع بيد رئيس الجمهورية، فإن الحاجة تظل قائمة لحوار في المجتمع قبل صدور القوانين.
وتابع بأن فكرة محاربة الإرهاب تتطلب أن يتم تضييق الحريات، وتأجيل الدستور، اتجاه يضعف الدولة، ولا يدعمها، لأنه يمنع استمرار الاصطفاف الوطني الذى نحتاجه ليس فقط لمكافحة الإرهاب، وإنما أيضا لمواجهة تحديات اقتصادية وتنموية خطيرة، على حد قوله.
وشدد على أن "هناك معادلة صعبة تتمثل في ضرورة محاربة الإرهاب بكل أشكاله، ودون تردد أو ضعف، لكن دون التراجع عن مبادئ الدستور، ومبدأ إعلاء سيادة القانون".
واستطرد: "لا أرى أن مكافحة الإرهاب تتطلب تعطيل القوانين، ولا تجاهل الدستور، بل العكس هو الصحيح، كلما زاد تمسكنا بالدستور والقانون كان المجتمع أكثر تماسكا ووحدة في معركته ضد الإرهاب، والعنف"، وفق قوله.
وتابع: أعتقد أن هناك الكثير من التضييق على الحريات المكفولة بالدستور، وعلى سبيل المثال التضييق على الإعلاميين في قانون مكافحة الإرهاب، والتضييق على الجمعيات الأهلية في القوانين المنظمة لنشاطها، إضافة إلى أن التعديلات العديدة الخاصة بالإجراءات الجنائية كانت تحتاج إلى مناقشة أوسع.
غياب الشفافية.. وغموض الرؤية
بهاء الدين انتقد أيضا غياب المعلومات الكافية خصوصا في الجانب الاقتصادي فيما يتعلق بـ"مشروع قناة السويس الجديدة"، مؤكدا أن هذا الغياب جعل الجدل حول المشروع سياسيا أكثر منه اقتصاديا، مطالبا بـ"إتاحة المزيد من المعلومات مستقبلا حول تكلفة المشروع وعوائده، باعتباره أفضل وسيلة لكي يكون هناك حوار جاد حوله"، بحسب وصفه.
وعلى المستوى الاقتصادي، أشار إلى "حالة من التضارب وغموض الرؤية بشأن النظام الضريبي، وفي تشريعات الاستثمار، مما تسبب في ضياع الكثير من الأثر الإيجابي للمؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ، وهذا يتطلب مزيدا من التحديد للرؤية الاقتصادية للدولة، ومزيدا من الحوار والتشاور مع القوى السياسية والاجتماعية في البلد"، وفق تعبيره.
برلمان وفق قانون معيب
ووصف البرلمان المقبل بأنه يأتي بعد أن فقد الناس الاهتمام بالعمل الحزبي، وفي ظل قانون معيب، لا أتوقع ذات الحماس للانتخابات مثل المرة الماضية.
واستطرد: "تأخر القوانين أمر مبالغ فيه، وبلا مبرر، وعدم دستورية قانون الانتخابات لا يعد مبررا، بل يدعو للاستياء أكثر، لأنه من غير الممكن أن تكون مصر البلد الوحيد في العالم الذي لا يستطيع إعداد قوانين للانتخابات، وتشكيل برلمان، وأيضا من غير المفهوم التمسك بالنظام الانتخابي الحالي للقائمة المطلقة".
واستدرك: "أرجو إجراء الانتخابات في أقرب فرصة ممكنة، لأنه بالتأكيد: وجود برلمان حتى لو ليست له فاعلية كبيرة أفضل من عدم وجود برلمان".
مبادرة "حماية المسار الديمقراطي" قائمة
وحول مبادرته للمصالحة بين السلطة والإخوان، قال: "مبادرة حماية المسار الديمقراطي، التي طرحتها في 18 آب/ أغسطس 2013، كانت فكرتها تعتمد على عزل من يحملون السلاح عن المجتمع الواسع السياسي، الذي يقبل بالتحول في مسار الدولة، ويقبل بالنظام والدستور الجديد، أيا كانت اتجاهاته واختلافاته السياسية".
وأضاف: "ما زالت الفكرة مطروحة، لأني أعتقد أن هناك لحظة آتية سيحدث فيها توافق أو اصطفاف وطني بين كل الأطياف، التي لا تحمل السلاح، وتنبذ العنف، وتلتزم بالدستور، لكن يجب أن تتوقف حالة تخوين وإقصاء من يمثلون معارضة للحكم أو يعبرون عن تحفظ على بعض سياساته طالما أنها على أرضية وطنية، وأنها لا تستخدم العنف".
وكان زياد بهاء الدين اختفى من المشهد السياسي في مصر فجأة عقب تقديمه استقالته يوم 30 كانون الثاني/ ديسمبر 2013م، من منصبه كنائب لرئيس مجلس الوزراء ووزير للتعاون الدولي في حكومة حازم الببلاوي، وهو أول رئيس وزراء عينه العسكر بعد انقلابهم في 3 تموز/ يوليو 2013، على الرئيس الشرعي محمد
مرسي، خلفا لهشام قنديل.
كما أنه عضو الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، الذي يعد أحد الأحزاب التي أسهمت في تظاهرات وتحالف 30 حزيران/ يونيو ضد الإسلاميين، وسوف تجري انتخاباته في شهر تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، ويرى مراقبون أن بهاء الدين أكثر المرشحين فرصة لرئاسته.
و"زياد بهاء الدين" اقتصادي وقانوني مصري، ونجل الكاتب أحمد بهاء الدين، من مواليد محافظة أسيوط، وحاصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة، وبكالوريوس الاقتصاد من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وكان عضو مجلس الشعب المصري لعام 2011 المنحل.