في أجواء من الخوف، وجه رئيس
النظام السوري بشار
الأسد خطابا يشكوا فيه خسارته لمساحات جغرافية من مملكته السابقة، وضعفه أمام كتائب المعارضة. خلاف خطاباته السابقة التي تميزت بتبيانه للوضع السوري، وتوجيهه التحايا للمصفقين له، في مقابل توعده للمعارضة، وشرحه لمدى تآمر المجتمع الدولي على الوطن وسيادته، لكن آخر خطاباته جاءت مغايرة لما سبقها، وذاك باعترافه أن سورية خارجة عن سيطرته اءت خر خطاباته
بعد كل ما تعرضت له
سوريا من دمار وتشرد للملايين من السوريين، في بقاع الأرض، وانشغال المجتمع الدولي برمته بالوضع الداخلي السوري، والتحالفات والمؤتمرات الدولية التي سعت جاهدا لحل الوضع السوري، الأسد يخطب؛ سوريا لمن يدافع عنها، ليعطي بذلك
الشرعية لقواته والملشيات التابعه له كامل الشرعية، في إدارة مناطق سيطرتهم، معتبرا أن براميل الموت التي يمطر بها المدنيين، دفاعا عن الوطن وأمنه، بمنطق أن سوريا ستعود كما كانت إلى سيطرته، بعد تسببه بالإنهيار التام للدولة والمجتمع، نتيجة للظروف القاسية التي مر بها المواطن، وتلاعب الأسد وملشياته بمصير التركيبة الاجتماعية لسوريا، لتكون في صراع دائم، ناهيك عن جرهم للانخراط في التيارات الإسلامية الراديكالية، ليتحول المجمع السوري من الحالة المدنية المعتدلة، التي كان يتصف بها الفرد، إلى التشدد والتكفير في مناطق سيطرة التيارات الرادكالية.
من جهة أخرى كانت خطاباته السابقة، تحظى بشكل أو بآخر، لاهتمام السوريين متأملين طرح مخرج من الوضع الراهن، ولكن الإحباط دائما كان سيد الموقف، لما كان يتلقاه من دعم سواء من إيران وروسيا أو حزب الله، لمتابعة الحرب ضد المواطنين، لأنه لم يتناول بأي شكل من الأشكال محاولة جدية لإنقاذ سورية من الدمار، فبنية أي وطن هي نتيجة تراكمات حضارية تمتد لمئات السنين، وتدميرها من أسهل الأمور، والأسد لم يكن في موقف طرفا للحل.
وبعد الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب، بدأ الأسد وكأنه استسلم للوضع الراهن، وأنه بات في خطر حقيقي، و عليه توجيه الانذارات إلى محوره عبر خطاباته، على مدى خطورة ما يعانيه من نقص في أعداد أفراد الملشيات التابعة له، في معاركه الخاسرة يوما بعد يوم، على الرغم من أن الاتفاق النووي لم يحتوي أي بند ملزم لإيران، بالتوقف عن التلاعب بأمن المنطقة، ولكن يبدوا أن الحكومة الإيرانية نفسها باتت على قناعة بخسارتها في سوريا.
في المحصلة؛ أي خطاب موجه للسوريين لا يحتوي على حل شامل للوضع السوري، يعتبر مسرحية لا أكثر، فما يعانيه المواطن السوري سواء في الداخل أو الخارج، من فقدان للثقة بالجهات السياسية أو المجتمع الدولي، كانت بسبب هكذا خطابات، نظرا لمدى التباعد بين الخطاب الذي لا تحوي سوى كلمات منسقة ووعود كاذبة، والحقيقة القاسية المعاشة بشكل يومي، فالوضع السوري بحاجة لقناعة دولية لإيجاد مخرج حقيقي ينهي هذه الكارثة الإنسانية.