توقع مساعد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، ريتشارد
ميرفي، أن يتم التراجع مع الوقت في
مصر عن
الحظر المفروض على جماعة
الإخوان المسلمين، واصفا العلاقة بين الجماعة والإدارة الأمريكية، بأنها "مقيدة"، نظرا للظروف الحالية، على حد قوله.
ورأى ميرفي في حوار مع صحيفة "المصرى اليوم"، الأحد، أن "رفض الولايات المتحدة تصنيف ما حدث في الثالث من يوليو على أنه انقلاب، هو محاولة لتحقيق التوازن بين قيمها ومصالحها، وهو ما انعكس في حملة هجوم على السفيرة الأمريكية إلى مصر آنذاك، آن باترسون، التي لم تستحق المعاملة المهينة التي تلقتها من المصريين، خاصة أنها كانت تحاول أن تمثل موقف بلدها".
وحول علاقة السعودية بمصر رجح أنه "لن يطرأ أي جديد على شكل العلاقة بينهما في المستقبل القريب".
دور متواضع لواشنطن.. وانحياز لإسرائيل
بالنسبة للرأي القائل بأن دور الولايات المتحدة الأمريكية أصبح متواضعا في الشرق الأوسط قال: "أتفق مع هذا الرأي إذا ما قورن بفترة إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش، لكن تظل مصالح واشنطن في المنطقة كبيرة، وتتابعها باستمرار مع حلفائها الإقليميين في المنطقة".
وعلل هذا التراجع بأسباب كثيرة منها أنه "في السابق كانت مصالح الولايات المتحدة في الماضي مستقرة وسهلة التحديد، وقد ضمنت النفاذ إلى النفط وضمان أمن إسرائيل والمساعدة على إرساء الاستقرار في المنطقة الناشئة، لكن مع التغيرات الكبيرة في خريطة منطقة الشرق الأوسط، وبروز قضايا أكثر أهمية مما كانت تعتقد واشنطن أنها مهمة، وقلة اعتمادها على النفط، وإمكان الوصول لحلول دبلوماسية لقضايا الصراع في منطقة الشرق الأوسط، لفتت أمريكا أنظارها عن الشرق الأوسط.
وأقر ميرفي بأن هناك انحيازا أمريكيا لمصلحة إسرائيل في القضايا الإقليمية، وفي القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن ذلك له سبب تاريخي يعود إلى بداية احتضان الشعب الأمريكي لإسرائيل، وهذا يرتبط بتاريخ أوروبا في الثلاثينيات، عندما ساندوا بجانب الولايات المتحدة، فكرة بحث الصهاينة عن أرض دون شعب لشعب دون أرض، وفق وصفه.
الوقت كفيل بإثبات ملامح دور إيران الإقليمي
وحول الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب، قال: "لاشك أنه أزعج الحكومات العربية المُقربة من الولايات المتحدة، التى تعول على تعاون ودعم الإدارة الأمريكية لها حيال أعدائها في المنطقة، ورأيي أن الإدارة الأمريكية ستلتزم بالتعهدات السابقة حيال أصدقائها، وستعمل على تشجيع التعاون بينهم.
وأضاف: "أعتقد أن الاتفاقية أنهت الجدل الدائر بشأن دور إيران النووي من خلال الاتفاق على تفاصيله كافة مستقبليا، وبشأن دورها السياسي، فسيكون انعكاسا للتفاعلات بينها وبين الغرب والدول العربية"، مشيرا إلى أن إيران تعد نفسها قوة إقليمية كبرى في المنطقة العربية، والوقت وحده كفيل بإثبات ملامح دورها المقبل.
الخيار العسكري مستبعد بسوريا.. والموقف مع "داعش" معقد
وشدد ميرفي على أن الخيار العسكري في سوريا مستبعد من جانب الولايات المتحدة، فالإدارة الأمريكية تدرك أنه إذا تحولت سوريا بسبب الأزمة الحالية إلى أرض خصبة للفتن والأعمال الإرهابية، فستكون نتائج ذلك على المنطقة بأسرها بما يتضمن ذلك أمن إسرائيل، فالحدود السورية مع إسرائيل طيلة الأعوام الماضية كانت الأكثر هدوءا واستقرارا، على حد قوله.
وأرجع ما يبدو من عجز الولايات المتحدة عن وقف سيطرة تنظيم الدولة "داعش" على معظم أراضي العراق، إلى أن الوضع معقد وصعب، وأن هناك تجربة سيئة سابقة للإدارة الأمريكية في عهد ولاية جورج بوش باحتلال العراق، لذلك فالإدارة تجد تحديات كثيرة تواجهها في خيارات مثل إرسال قوات برية على الأرض، لأن الإدارة الأمريكية لا تميل إلى ذلك الخيار خوفا من إمكان إساءة الفهم بأن أمريكا تحارب الإسلام، بداعي أن الموقف لا يستلزم هذا الأمر، خاصة أن هذا الخيار سيؤثر على علاقة أمريكا بالسنة ،وقد يخلق توترات طائفية جديدة على أرض العراق.
مشكلات العراق لن تُحل بأيدي الأمريكيين وحدهم
وشدد ميرفي على أن مشكلات العراق لن تُحل بأيدي الأمريكيين وحدهم أو العراقيين؛ لأن المسألة أعقد من ذلك.
بالنسبة للقرار السابق للإدارة الأمريكية بالتدخل البري في أفغانستان والعراق، قال: الولايات المتحدة اتجهت إلى خيار التدخل العسكري في أفغانستان والعراق؛ لأنها اعتقدت أن ذلك قد يؤدى إلى تحول في المجتمعات، ويساعد على إرساء الديمقراطية، ويزيد الحريات، لكن هذه الخيارات تركت انطباعا لدى أطراف عدة تجسيدا لبريطانيا الإمبريالية أو فرنسا.
وتابع: "أعتقد أن الفائدة الرئيسية من هذه التدخلات هي إدراك الولايات المتحدة عدم قدرتها على تحويل السياسات على الرغم من مواردها، وهو ما انعكس لاحقا في إنتاج سياسة خارجية أكثر تواضعا مع القضايا الإقليمية التي تحيط به من كل جانب".
وفيما يخص الأزمة الليبية قال: البلاد تقع بين مجموعات مسلحة هي المسؤولة عن تحديد مصيرها، لكن أعتقد أن رفض السفيرة الأمريكية في ليبيا ديبورا جونز إدانة اللواء حفتر في حربه ضد المجموعات الإسلامية، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن دعم الولايات المتحدة له أو لقضيته.
يذكر أن ريتشارد ميرفي هو أحد أهم قيادات الخارجية الأمريكية السابقين، وقد تولى منصب مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط عام 1983 في فترة حاسمة من تاريخ المنطقة العربية.
وقالت "المصري اليوم" إنها أجرت هذا الحوار معه عبر البريد الإلكتروني من نيويورك.