بعد خمسة أيام من سريانها، وصلت
الهدنة الإنسانية الثالثة، التي أعلنتها
قوات التحالف العربي، الذي تقوده السعودية في
اليمن، الخميس، إلى ساعاتها الأخيرة دون تحقيق أي نتائج إيجابية.
وتداعت الهدنة الثالثة بشكل سريع بعد دخولها حيز التنفيذ بلحظات، حيث قامت مدفعيات
الحوثيين، الذين لم يوافقوا أو يعترضوا عليها رسميا، بقصف أحياء سكنية، ومواقع للمقاومة في مدن تعز (وسط)، وأبين (جنوب)، ولحج (جنوب)، ومأرب (وسط)، في الساعات الأولى لسريانها كنوع من التحدي.
وبرر الحوثيون خروقاتهم مبكرا، حيث قال رئيس اللجنة الثورية التابعة لهم، محمد علي الحوثي، بعد الإعلان عن الهدنة الأحد الماضي، "الأمم المتحدة لم تبلغنا بوجود هدنة، ولم نتسلم خطابا رسميا"، وهو ما جعلها "هدنة من طرف واحد فقط".
وحاول الحوثيون استغلال الهدنة الإنسانية للسيطرة على مناطق جغرافية جديدة في محافظات شمالية مختلفة، أبرزها تعز، التي حشدوا إليها قوات إضافية بعد ساعات من سريان الهدنة فجر الاثنين الفائت، بحسب سكان محليين.
وشهدت محافظة تعز في الساعات الأولى التي أعقبت سريان الهدنة، قصفا حوثيا غير مسبوق على الأحياء السكنية داخل المدينة، وقرى جبل صبر، حيث مواقع المقاومة التي حاولوا الزحف نحوها، حسب رواية الساكنة.
وقال قيادي قبلي موال للحوثيين، "تعاملنا مع هذه الهدنة وكأنها لم تكن، في الهدنة الثانية التي أعلنتها الأمم المتحدة أواخر رمضان الماضي، كان ترحيبنا حذرا، ولذلك استغلتها السعودية لإنزال قوات في عدن، لم نكن نريد أن نتذوق الخديعة مرتين"، على حد قوله.
وخسر الحوثيون، خلال الهدنة السابقة، مناطق جغرافية واسعة في مدن الجنوب، فبالإضافة إلى دحرهم من ثلاثة مناطق شمال عدن، هي البساتين، وجعولة، وبئر أحمد، كما تم دحرهم الخميس الماضي من مثلث العلم، ومناطق كبيرة من أبين، أبرزها العين، وبعض قرى "لودر".
ولم تقتصر الخروقات من طرف الحوثيين فحسب، بل امتدت إلى طيران التحالف الذي التزم بها الإثنين، مكتفيا بالتحليق فقط، ليعود ويقصف أرتال حوثية في قاعدة العند، بـ"لحج"، وتجمعات في أبين، بدءا من الثلاثاء الماضي، بحسب زعم شهود عيان ومصادر أخرى.
وقال شهود عيان في تصريحات صحفية، إن "الطيران شن غارات غير مسبوقة على مواقع الحوثيين وسط لحج، وقاعدة العند العسكرية، التي تحاصرها المقاومة، ما أسفر عن اندلاع حرائق هائلة، بالإضافة إلى تجمعاتهم في لودر بـ"أبين"، وصعدة في الشمال، فيما اقتصر حضوره بالعاصمة صنعاء في الوسط على التحليق والمراقبة".
ولم يعلن التحالف أسباب خرقه للهدنة التي أعلنها، لكن مصادر حكومية أشارت أن الحوثيين "كانوا ينوون استغلالها، وشن هجوم على مدينة عدن في الجنوب، التي تم دحرهم منها، فبادرت مقاتلات التحالف لصدهم، كما حذرت من ذلك وقت إعلان الهدنة".
ولم يختلف الحال في المدن الداخلية عن الحدودية، حيث القتال بشكل متواصل طيلة الأيام الماضية، فالشريط الحدودي كان أكثر اشتعالًا، وشهد تصعيدًا غير مسبوق من قبل الحوثيين ومقاتلات التحالف العربي بقيادة السعودية.
وأعلن الحوثيون عبر قناة "المسيرة" التابعة لهم، قصف مواقع عسكرية جنوبي السعودية، في نجران جنوب، وجازان، وعسير، كما قصفت مقاتلات الأباتشي التابعة للتحالف تجمعات حوثية في حرض وصعدة.
وكما فشلت الهدنة الثالثة في تثبيت وقف إطلاق النار، أخفقت أيضًا في إيصال المساعدات الإنسانية، وبحسب تصريحات سكان في محافظة تعز للأناضول، فإن المدينة التي تضم أكبر تجمع سكاني في اليمن، تشهد أوضاعا إنسانية متردية، في ظل انعدام كلي للخدمات الأساسية.
وكانت محافظة عدن، جنوبي اليمن، بحكم تحررها من التواجد الحوثي هي الأكثر استفادة من الهدنة، حيث استقبل ميناء عدن سفنًا تحمل مواد إغاثية تابعة لمركز الملك سلمان (سعودي)، والهلال الأحمر الإماراتي.
ومنذ اندلاع المعارك في 26 آذار/مارس الماضي، أعلن عن ثلاث هدن إنسانية من أجل إيصال المساعدات، نجحت الأولى التي سرت بعد 48 يوما من القتال في إيصال قوافل إغاثية، فيما أخفقت الثانية والثالثة كليا في تثبيت وقف إطلاق النار سواء بالقصف الجوي أو المدفعي.