تزداد مخاوف
الجزائريين، من تدهور الأوضاع الأمنية بالبلاد، بعد سلسلة الاعتداءات المسلحة التي استهدفت في الآونة الأخيرة عناصر من الجيش الجزائري في أماكن متفرقة من البلاد.
وصار الحراك المسلح بالجزائر، منذ مقتل 11 جنديا بمحافظة عين الدفلى، غربي العاصمة الجزائر، صبيحة عيد الفطر، مبعث قلق جدي لدى الجزائريين و السلطات العسكرية بالبلاد، فقد اتخذ الرئيس الجزائري عبد العزيز
بوتفليقة حزمة من القرارات القاضية بتعيينات جديدة على مستوى دوائر عسكرية حساسة بالجيش، وخاصة على مستوى دائرة الاستخبارات العامة.
ويعتزم بوتفليقة إجراء حركة تغيير جديدة بالمناصب على مستوى النواحي العسكرية بالبلاد، لتفعيل ملاحقة المجموعات المسلحة، المنضوية تحت لواء
تنظيم الدولة أو "
القاعدة" ببلاد المغرب الإسلامي.
وشكلت الاعتداءات المسلحة التي سجلت مؤخرا في البلاد حافزا للسلطات العسكرية بالجزائر لإعادة ترتيب استراتيجية محاربة الإرهاب وإعادة النظر بخارطة انتشاره، بحسب ما أفاد به مصدر عسكري لـ"
عربي21" الاثنين.
وحتى في داخل ساحة المجموعات المسلحة بالجزائر، تعرف التنظيمات المتطرفة، حراكا بغرض إعادة ترتيب بيتها بعد الضربات التي تلقتها على مدار السنوات الماضية على يد الأجهزة الأمنية الجزائرية.
فقد أعلنت "سرية الغرباء" بمحافظة قسنطينة، شرقي الجزائر الأحد، انشقاقها عن تنظيم القاعدة ومبايعة تنظيم الدولة لتكون بذلك ثالث جماعة تعلن مبايعتها للبغدادي، وجاء ذلك في تسجيل صوتي حمل عنوان "بيعة المجاهدين في سرية الغرباء بمدينة قسنطينة لخليفة المسلمين".
وتعد "سرية الغرباء"، المجموعة المسلحة الثالثة التي تعلن انشقاقها عن تنظيم القاعدة والانضمام لتنظيم الدولة في الجزائر، بعد أن أعلنت كتيبة "التوحيد" التابعة لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، مبايعتها تنظيم الدولة وأميره أبا بكر البغدادي.
وترغب فصائل مسلحة تابعة للقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي التحول إلى تنظيم الدولة، لكن فصيلا قياديا على رأسه زعيم التنظيم المسلح بالجزائر، عبد المالك دروكدال يرفض ذلك، وهناك ما يشبه تنافسا بين القاعدة وتنظيم الدولة، حيال من يسيطر على العمل المسلح أكثر.
وبعد مقتل عبد المالك قوري، زعيم "جند الخلافة" التابع لتنظيم الدولة بالجزائر، أيلول/ سبتمبر 2014، فقد أعلن الجمعة الماضي عن تعيين أمير جديد للتنظيم، يدعى ابن هني محمد الملقب بـ "زبير"، وقتل 25 عنصرا للتنظيم في عملية عسكرية بمحافظة البويرة، شهر أيار/ مايو الفائت.
ويعتقد الخبير الأمني والاستراتيجي الدكتور حكيم غريب أن "تنظيم الدولة أصبح سرطانا يتحرّك بكل الاتجاهات، والدول المغاربية باتت هدفا استراتيجيا لهذا التنظيم".
وقال غريب في تصريح لـ"
عربي21"، الاثنين أن "المشهد السياسي الشائك والوضع الأمني المتأزم في ليبيا ومصر وتونس، قد فتح شهية تنظيم الدولة للزحف نحو المنطقة المغاربية، وأعتقد أن هواجس تمدّد هذا التنظيم إلى دول شمال أفريقيا أكثر واقعية حين مقارنة المشهد الليبي والتونسي بالسيناريو السوري والعراقي".
وأضاف غريب: "ليبيا مثلا لم تصبح فقط محطة انطلاق لآلاف المهاجرين إلى أوروبا، ولا مستودعا لتهريب الأسلحة إلى بلدان الجوار فحسب، بل مركزا لانطلاق هجمات تنظيم داعش في منطقة شمال أفريقيا، رغم أنها ما زالت في طور الاختبار إلا أن تكوين إمارة (داعشية) في هذه المنطقة باتت خطرا حقيقيا في ظل وجود بعض الدول الفاشلة، لأن هذا التنظيم يتعاظم ويتقوى عندما تغيب مؤسسات الدولة، وتتدهور الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية".
كما يعتقد غريب أن "الهجمات الإرهابية الأخيرة بالجزائر، تعدّ تمهيدا لوقوع سلسلة متلاحقة من العمليات الإرهابية أكثر وحشية ودموية خلال الفترات المقبلة، فهذه العمليات الإرهابية تجعلنا ندق ناقوس الخطر لحكومات شمال أفريقيا، خاصة حول جدوى الإجراءات والتدابير التي تتخذها لمحاربة الإرهاب، وهذا ما يثير مخاوف جديدة حول انتشار ظاهرة التّطرف الداعشي".