قالت نائبة رئيس المحكمة الدستورية السابق، ومؤسسة التحالف الشعبي الجمهوري للقوى الاجتماعية، الداعمة للانقلاب، المستشارة
تهاني الجبالي، إن القانون في إجازة بمصر حاليا، وأن الدولة (في عهد
السيسي) لم تتخذ إجراءات حاسمة في مواجهة الفساد، بل تعمل على تسكين الأوضاع فقط، على حد تعبيرها.
وحذرت الجبالي من أن البرلمان المقبل مهدد بالفشل، وأن تحصينه "تجن" على الشعب، وأنه معرض للحل إذا صدر حكم بعدم دستورية مواد قوانين الانتخابات، وأن "النخبة" أصبحت من "أصحاب المصالح الضيقة"، وغير قادرة على قيادة الجماهير.
وأوضحت الجبالي أن الحوار الذي يتم بين الأحزاب للوصول لقائمة موحدة لا يقوم على برنامج سياسي، ولا على نضج سياسي، وبالتالي هو محكوم بالمصالح والاختيارات الشخصية، والمشهد ككل يعطى انطباعا بأننا داخل مشهد مفتت، وهذه الأمور جميعها تهدد البرلمان المقبل بالفشل.
واتهمت -في حوار مع صحيفة "الوطن"، الأربعاء- حزب "النور" بأنه يعمل على تفتيت القوى المدنية والوطنية بشكل عام، حتى تحصل التيارات الدينية على أغلبية في البرلمان.
وأضافت: "إذا كنا نتحدث عن البيئة الحاضنة للانتخابات فأتصور أن القانون في إجازة، وقد يسمح القانون بوضعه الحالي بتسلل بعض المنتمين للتيار الديني مرة أخرى للبرلمان، ويجب علينا أن نمنعهم من الوجود في المشهد، ومنع نفوذ المال السياسي من الهيمنة، والسيطرة على البرلمان".
واستطردت: "يجب وقف مثل هذه الممارسات والتجاوزات وعدم السماح بها والبحث عمن يرتكبها وتقديمه للمحاكمة، وإذا استمرت تلك التجاوزات فسيكون البرلمان مؤقتا، وغير معبر عن الإرادة الشعبية الحقيقية والتغيير".
وعن تصديق السيسي على قانون تقسيم الدوائر بوضعه الحالي، قالت إن أي قانون قابل للطعن عليه من المحكمة الدستورية العليا ما دام يحمل شبهات دستورية بداخله، وأي تشريع يخرج بعد ذلك علينا أن نحترمه، لكن هناك ارتباكا موجودا في الآراء السياسية، وبعض الأحزاب حولت المشهد إلى سيرك سياسي، والبعض كان غير دقيق في التعامل مع القوانين واحترام دولة القانون.
وفيما لو تم الحكم بعدم دستورية بعض مواد قوانين الانتخابات عقب تشكيل البرلمان، قالت: سيكون مصيره الحل بكل تأكيد، وهذه ليست بمشكلة؛ لأن أي برلمان يجب أن يكون رهنا للشرعية الدستورية، وإذا لم يكن كذلك فيظل في دائرة الحل حتى يتم إقرار قوانين انتخابات دستورية، ويجب ألا يتم تحصين البرلمان ضد الرقابة الدستورية.
وكشفت أن التحالف الجمهوري للقوى الاجتماعية، الذي تتزعمه، يتبنى تحويل النظام الرئاسي في
مصر إلى نظام رئاسي كامل لتصبح صلاحيات التشريع كاملة في يد الرئيس، ويتم نقل الشرعية الدستورية للبرلمان عند تشكيله.
وأضافت أن أداء النخبة أصبح ضعيفا ومتراجعا، ولا يوجد استيعاب لديهم بطبيعة المرحلة، ولم يعد لديهم ابتكار للحلول التي تسمح لهم بقيادة الجماهير، ولهذا تبدو الجماهير المصرية مشتتة دون قيادة، وهذا أخطر ما في المشهد لأننا نعلم أن بناء النظام السياسي والثقافي والفكري الداعم لثورتين بكل أسف هو مسؤولية النخبة التي عجزت عن قيادة الجماهير، وفق وصفها.
واعتبرت أن النخبة الثقافية والفكرية متراجعة أيضا في قدرتها على رسم خريطة للشعب المصري في أن يكون لديهم وضوح في الرؤية، والسبب وراء تراجع أداء النخبة أنهم أصبحوا من أصحاب المصالح الضيقة، ولم يعلوا مصلحة الوطن، ولم تحاول الخروج من الشرنقة إلى أفق تفكير خلاق.
وعن رأيها في أداء مؤسسات الدولة بعد 30 يونيو، قالت: "في الداخل استطاعت الدولة خلال العام الماضي أن تعمل على تسكين الأوضاع أكثر منها اتخاذ إجراءات حاسمة لأن لدينا في مصر مخاطرة كبيرة في أن تستمر أوضاع الاستقطاب الحاد على أساس أن هناك طبقة أثرت ثراء فاحشا على حساب الغالبية من الشعب المصري".
وقالت إن استرداد التوازن الاجتماعي والعدالة الاجتماعية مشوار تقطع فيه الدولة بمهل، ولم تتخذ فيه إجراءات حاسمة، ولا رادعة في مواجهة الفساد.
وحول حكومة محلب، قالت إنها تجاوزت حدود أنها حكومة مؤقتة وانتقالية، وأنها ليست حكومة سياسية فبدأت تتحدث في القضايا الإستراتيجية التي يجب ألا تتم إلا من خلال حوار وطني حقيقي، ولدينا ملفات ما زالت لم تفتح بعد، فهوية الاقتصاد المصري ليست من اختصاص حكومة محلب أن تحددها وتقررها، ولا بد أن تعلم أنها حكومة إدارة أزمة، وأن تكون أولوياتها هي أولويات الأزمة، وإدارة دولة في حالة حرب.
وتابعت: أعتقد أن الكثير من سياسات الحكومة لم تكن صحيحة، وكانت بحاجة إلى إعادة نظر فيها، وأثرت علينا بشكل سلبي، وحتى الآن نعتبر أنها لم تنجز المهمة التى كانت مطلوبة منها كما يجب أن تكون.
وتهاني محمد الجبالي هي نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا المصرية السابق، وفي22 كانون الثاني/ يناير 2003 صدر قرار جمهوري، أيام الرئيس المخلوع حسني مبارك، بتعيينها في هذا المنصب ضمن هيئة المستشارين حتى عام 2007 حيث عينت في ذلك العام 32 قاضية، مما أبقاها صاحبة لأعلى منصب قضائي لامرأة بمصر.
وعقب ثورة 25 يناير 2011، وقفت الجبالي ضد التيار الإسلامي، وتآمرت مع المجلس العسكري على مجلس الشعب المنتخب، حتى انتهى الأمر بحله، وانحازت دوما للعسكر، وللثورة المضادة، وللانقلاب العسكري، ولم تفوت فرصة طيلة الفترة الماضية دون أن تكيل المديح للسيسي، وانقلابه.