يقول محرر الشؤون الدفاعية في صحيفة "ديلي تلغراف" كون كوغلين، إنه بعد عامين من التصويت البرلماني، الذي لم تكن نتائجه لصالح رئيس الوزراء البريطاني ديفيد
كاميرون، يبدو أنه حريص أكثر من اللازم على شن هجوم جديد في
سوريا، ولكن ليس ضد النظام السوري لبشار الأسد بل ضد
تنظيم الدولة.
ويشير التقرير إلى أنه للتحضير لعملية وتصويت جديد للبرلمان، فقد بدأ كاميرون حملة تتضمن سلسلة من الإجراءات لمواجهة التطرف، التي بدأت في خطاب ألقاه يوم الاثنين في مدينة بيرمنغهام، التي تعيش فيها جالية مسلمة كبيرة، وذلك لمنع الشباب والشابات من الوقوع في شرك دعاة التشدد.
ويرى كوغلين أن أهم تطور حدث منذ فوز حزب المحافظين في انتخابات أيار/ مايو هذا العام، هو إصرار مسؤولي الحكومة على نقل الحرب مع المتشددين إلى مناطقهم التي يتحصنون فيها في العراق وسوريا وليبيا.
وتبين الصحيفة أن اللحظة المناسبة لتحقيق ما ترغبه الحكومة قد جاءت عندما قام مسلح بقتل 30 سائحا
بريطانيا على شاطئ مدينة تونسية، وتلقى المسلح تدريبه على يد مقاتلين أقسموا الولاء لتنظيم الدولة في معسكرات في ليبيا.
ويلفت التقرير إلى الجدل الذي أحدثته تصريحات زعيم حزب العمال السابق إد ميليباند، الذي اتهم أثناء حملته الانتخابية كاميرون بتحويل ليبيا إلى دولة فاشلة. وبحسب الكاتب، فقد شُجب ميليباند لاستخدامه التدخل العسكري في ليبيا من أجل تسجيل نقاط ضد خصمه كاميرون. والآن وقد فاز الأخير فيبدو أنه مصمم على "إصلاح" وضع ليبيا، التي تعيش حالة من الحرب الأهلية منذ الإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي.
وينوه الكاتب إلى قرار وزير الخزانة جورج أوزبورن، الذي قرر تحديد الإنفاق على الدفاع من الدخل القومي بنسبة 2%، وبرر هذا عندما قال: "ما الداعي لأن يكون عندك جيش ولا تستخدمه".
وتجد الصحيفة أنه من هنا كانت وظيفة وزير الدفاع مايكل فالون أن يقوم بحملة للبحث والدفاع عن دور المؤسسة العسكرية، سواء من خلال ملاحقة الخلايا التي تقوم بتجنيد المسلحين في ليبيا، أو دور أكبر من خلال المشاركة في الحملة العسكرية ضد تنظيم الدولة في سوريا والعراق.
ويقول كوغلان إن الجدل الذي دار الأسبوع الماضي حول تحليق المقاتلات البريطانية في الأجواء السورية يظهر حساسية الموضوع. معتقدا أن السبب وراء هذا النقاش متعلق بموقف السياسيين من التدخل العسكري والتصويت عليه قبل عامين، عندما تقدم كاميرون بمشروع قرار للمشاركة مع الولايات المتحدة؛ لمعاقبة الأسد على استخدامه السلاح الكيماوي ضد سكان الغوطة الشرقية، وقد فشل كاميرون في محاولته.
ويعلق الكاتب بأن جميع الساسة قد نسوا أن هدف التصويت الأول كان الأسد، أما الآن فقد تغير الأمر، وبريطانيا تريد ضرب تنظيم الدولة.
ويجد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إنه رغم الترحيب برغبة الحكومة بأداء دور لمواجهة تنظيم الدولة، إلا أنها لم تقدم بعد استراتيجية واضحة لمواجهة التهديد. لافتا إلى أن حديث الحكومة عن التدخل العسكري بالوسائل المتاحة كلها دون نشر قوات برية، يعني أن التدخل سيكون محدودا، ولن يحقق الأسلوب الذي يفضله كاميرون، وهو نشر مقاتلات عسكرية وقوات خاصة لتحقيق نتائج جيدة أمام تنظيم الدولة.
وتعتقد الصحيفة أن الحكومة بحاجة إلى استراتيجية شاملة تحتوي على العناصر الناجحة كلها، إن كانت راغبة حقا بمواجهة تنظيم الدولة، وتضم بالتالي شكلا من أشكال نشر قوات برية.
ويجد كوغلان أنه في حال بقيت بريطانيا مترددة مع حلفائها لتعريض جنودها للخطر، فإن الخيار هو توثيق الصلات مع الحلفاء التقليديين في المنطقة، مثل
السعودية، فقد حقق الجيش السعودي، الذي يملك طائرات صنعت في بريطانيا أكثر مما يملك سلاح الجو الملكي البريطاني، انتصارا مهما من خلال تحريره مدينة عدن الاستراتيجية، وطرد المتمردين الحوثيين منها. واستخدم السعوديون عددا من الأساليب العسكرية لتحقيق النصر منها نشر قوات برية.
ويخلص الكاتب إلى أنه "ينبغي ألا ننسى أن تحالفا فاعلا بين الغرب والدول العربية الموالية له قد نجح في الماضي ضد العدو المشترك، وذلك أثناء حرب الخليج الأولى لتحرير الكويت من احتلال صدام حسين لها. وفي اعتقادي فإن لا شيء يمنع تحالفا مشابها يمكن جمعه لهزيمه وتدمير تنظيم الدولة، فإن كان الغرب والعرب قادرين على هزيمة صدام حسين، فلا شيء يمنعهم من مواجهة تنظيم الدولة المتطرف".