رأى المساعد الخاص السابق للرئيس أوباما، دينيس
روس، أن على أمريكا التدقيق في
الاتفاق النووي الإيراني، والإجابة على أسئلة صعبة تدور حول آليات تطبيق الاتفاق، علاوة على كيفية تقييم هذه الإجابات بعد الوصول إليها.
وقال روس الذي كان مساعدا خاصا لأوباما في الفترة 2009-2011،: "أخيرا تم عقد الصفقة مع إيران! لكن نظرا إلى المخاطر التي تحملها، فلا بد من التدقيق بهذا الاتفاق، لذا من المنطقي أن نؤجل الحكم إلى ما بعد، ونرى كيف تفسر الإدارة الأمريكية جميع بنود الاتفاقية، وكيف سيتم تنفيذها".
واعتبر أن "خطة العمل المشتركة الشاملة تضع الإدارة الأمريكية ونقادها أمام بعض الأسئلة الحرجة، لذا يمكن للكونغرس أن يلعب الآن دوره بالضغط للوصول إلى الإجابات وتقييمها على حد سواء".
ولفت في تقرير نشره على موقع معهد واشنطن الإلكتروني إلى بروز عدد من الملاحظات الممكنة في الوقت الراهن، حيث عدّد هذه الملاحظات التي كان أولها أن "النتائج متسقة إلى حد كبير مع اتفاق الإطار الذي تم الإعلان عنه في 2 نيسان/ أبريل، إذ تبقى أهم إنجازات اتفاق الإطار على ما هي عليه، أي أنه يجب أن يتم خفض عدد أجهزة الطرد المركزي العاملة من 9500 في الوقت الحالي إلى 5060، كما أنه يجب تقليص مخزون إيران من اليورانيوم منخفض التخصيب من 10 آلاف كيلوغرام إلى 300 كيلوغرام".
وتابع أنه "بالنسبة إلى الشرط الأول، لا بد من تحقيقه على مدى 10 أعوام، أما بالنسبة إلى الثاني فعلى مدى 15 عاما، منوها إلى أن "عملية الرصد الواسعة لسلسلة التوريد بأكملها، من تعدين اليورانيوم وطحنه، وصولا إلى تحويل الكعكة الصفراء وتخصيب سداسي فلوريد اليورانيوم، أو UF6، ستستمر لمدة 25 عاما، كما يجب إزالة صلب مفاعل الماء الثقيل في آراك وإعادة تصميمه، ولن يُسمح لإيران بامتلاك أي قدرات على إعادة المعالجة، وسوف يكون الإيرانيون ملزمين بمراعاة البروتوكول الإضافي لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية إلى الأبد".
وفي معرض حديثه عن الأسئلة الصعبة التي تواجهها أمريكا، أشار روس إلى "القلق الذي ما زال قائما إثر الضعف الذي تعاني منه الصفقة، وبعض من تداعياتها الأكثر مدعاة للقلق، لأنه لا يتوجب على الإيرانيين تفكيك بنيتهم التحتية لتخصيب اليورانيوم، ويُسمح لهم على الأقل بمواصلة عمليات البحث والتطوير المحدودة لخمسة من نماذجهم المتقدمة من أجهزة الطرد المركزي، كما سيتم السماح لهم ببناء برنامج نووي صناعي كبير بقدر ما يريدون بعد 15 عاما، ففي تلك المرحلة، ستؤدي الصفقة إلى إضفاء الشرعية على الجمهورية الإسلامية بصفتها دولة على حافة العتبة النووية. فالفجوة ما بين كون الدولة على حافة العتبة النووية والقدرة على صناعة الأسلحة ستصبح صغيرة حتما، ولن يصعب على الإيرانيين سدها".
وواصل استعراض التساؤلات قائلا: "ستخفف الصفقة من العقوبات بمجرد أن ينفذ الإيرانيون التزاماتهم النووية الرئيسية -أي الحد من أجهزة الطرد المركزي والمخزون، وتوقيف تشغيل الجزء الأساسي من مفاعل آراك، وفرض نظام للتحقق من سلسلة التوريد- الأمر الذي من المرجح أن يستغرق حوالي ستة أشهر. ويعني ذلك أن إيران، بغض النظر عن كونها قادرة على بيع نفطها، ستستعيد إمكانية بلوغ ما يصل إلى 150 مليار دولار في الحسابات المجمدة في العام المقبل. وحتى لو استخدمت 90 في المائة إلى 95 في المائة من هذا المبلغ لتلبية احتياجاتها المحلية، من غير المعقول ألا يحصل "الحرس الثوري الإسلامي" على دفعة يمكنه استخدامها لأغراض عدوانية مع المليشيات الشيعية في جميع أنحاء المنطقة".
وأضاف روس: "بما أن الاتفاق يقوم بشكل أساسي على التخفيف من العقوبات مقابل الشفافية، فإنه يعتمد بشكل كبير على سماح الإيرانيين لممثلي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول إلى المواقع المشبوهة. فهل سيُسمح للمفتشين بالوصول إلى هذه المواقع متى أرادوا، أم فقط عندما يسمح لهم الإيرانيون بذلك؟ وهل سيقف الإيرانيون، الذين يتحدثون عن "وصول منظم"، في مواجهة السبب المبرر لتفتيش الجيش أو الحرس الثوري أو المرافق العلمية؟ وهل سيتم تحويل كل تحد ينشأ إلى مفاوضات؟".
ودعا روس الإدارة الأمريكية إلى عدد من الثغرات، التي كان أولها أنه "يجب الاعتراف بخطر إيران كدولة على حافة العتبة النووية، وأن تشرح كيف ستفرض الردع عبر التوضيح للإيرانيين والمجتمع الدولي بأنها لن تسمح لإيران بأن تصبح دولة تمتلك أسلحة نووية".
وثاني هذه الثغرات، حسب روس أن "الإدارة الأمريكية تحتاج إلى توضيح خططها لمواجهة الإيرانيين إذا بدؤوا بدفق الأموال إلى حزب الله والمليشيات الشيعية الأخرى، حيث ينبغي على إدارة أوباما أن تناقش الردود مع الأوروبيين، بما فيها العقوبات الاقتصادية المستهدفة، وأن تبدأ الآن بوضع خيارات مضادة مع الأصدقاء الإقليميين للولايات المتحدة - العرب والإسرائيليين على حد سواء".
أما ثالث هذه الثغرات وآخرها، فهي أن "على الإدارة الأمريكية أن تشرح السبب الذي سيحول دون تحويل آليات الاستجابة -التي تهدف إلى معالجة قضايا الوصول إلى المواقع أو الانتهاكات المحتملة- إلى مفاوضات جديدة يمكن أن تطول، ما يسمح للإيرانيين بتنظيف المواقع المشتبه بها أو الغش على الهوامش. إن توضيح النتائج التي لا يمكن العدول عنها حتى ردا على أصغر التجاوزات سيكون مهما في هذا الصدد.
وفي نهاية تقريره، تساءل المساعد الخاص السابق للرئيس أوباما دينيس روس، هل سيعزف الاتحاد الأوروبي، الذي يلتزم صراحة بالاتفاق النووي مع إيران عن رفع العقوبات بمجرد أن تستوفي إيران مسؤولياتها الرئيسية النووية، عن دعم الاتفاق لمجرد معارضة الكونغرس له؟ وهل يمكن بالفعل الإبقاء على العقوبات في ظل هذه الظروف، وخاصة إذا لم يزد الإيرانيون من عملية التخصيب، وقالوا إنهم سيلتزمون بالصفقة؟ هل يمكن أن ترى الولايات المتحدة نفسها في عالم ينهار فيه نظام العقوبات، وتحصل فيه إيران على ربحها المفاجئ وتكون على بعد شهرين فقط من تجاوز العتبة النووية، مع رؤية محدودة لبرنامجها على أرض الواقع؟ ربما يكون الجواب لا، ولكن المشككين يحتاجون إلى شرح ما يمكن لواشنطن القيام به للتأكد من عدم التوصل إلى نتيجة مماثلة.