نشرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية تقريرا تناولت فيه الظروف الاجتماعية الصعبة التي يعيشها المسلمون الأويغور، في
إقليم شينجيانغ في
الصين، وأكدت أن النظام الشيوعي الحاكم يفرض عليهم قوانين قمعية تحرمهم من الحق في ممارسة شعائرهم الدينية بحرية، حتى فيما يتعلق بالحريات الفردية مثل اللباس ومعاملات الزواج، والصوم في شهر
رمضان.
وأفادت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، بأن هذه الأقلية لا تزال متمسكة بإحياء شعائرها الدينية على الرغم من الحصار المفروض، دون الاكتراث للعقوبات التي تسلطها عليهم الدولة، والتضييقات والاستفزازات التي يتعرضون لها، التي تفاقمت بشكل ملحوظ خلال شهر رمضان.
وذكرت أن الحياة في قرية غولجا، من محافظة شينجيانغ في الشمال الغربي، تتسم بالبساطة والهدوء، حيث يلعب الأطفال بالقفز على الحبل، ولا يسمح لهم باستعمال الهاتف الجوال ولا مشاهدة التلفاز، كما أن أهلها يتصفون بحسن استقبال الغرباء وكرم الضيافة، حيث تصر كل عائلة على إكرام الضيف وعابر السبيل.
ونقلت الصحيفة عن ميمات، وهو مسلم صيني يعيش في غولجا أنه وعائلته لا يمتثلون لقوانين الحكومة، ولا يستسلمون لهيمنة الهان، وهي المجموعة القومية المسيطرة على الصين، ولا يخشون إفشاء السلام على الطريقة الإسلامية، والصوم في شهر رمضان.
وأكدت الصحيفة أن ميمات وزوجته وابنته ذات 22 ربيعا يتحدون الحصار المفروض عليهم، ويصومون رمضان، خاصة وأنهم لا ينتمون للحزب الشيوعي، وليسوا موظفين لدى الدولة.
وأشارت إلى أن ميمات وعائلته ينتظرون آذان المغرب إلى ما بعد الساعة العاشرة ليلا، كي يُفطروا ويتمتعوا بعشاء عائلي يتضمن الأغذية التقليدية، مثل لحم الخروف والجبن المصنوع في المنزل، وشرائح البصل والفلفل.
وبحسب الصحيفة، فإن الأقلية المسلمة الصينية تضع الدين قبل السياسة، حيث لا يتوانى سكان القرية عن مزاولة صلاة التراويح، رغم القانون الذي يمنع بصريح النص دخول المساجد في رمضان.
وأضافت أن الصينيين المسلمين قليلو العدد رغم اعتناق أسلافهم للإسلام منذ عدة قرون، ويترددون على مسجد صغير يقع في شارع خلفي، غير بعيد عن منزل عائلة ميمات.
وأفادت أن إمام المسجد، الذي حاورهم باللغة الروسية، نظرا للتقارب الجغرافي بين مناطق عيش الأويغور وروسيا، يؤم ما يقارب المئة شخص كل ليلة لأداء صلاة التراويح، وبأنه يغض النظر على الموظفين الذين يترددون على المسجد، رغم الأوامر الرسمية الصينية الناهية عن ذلك، فهو يعتبر أن الدين يأتي أولا.
ولا يرفض ميمات فكرة عدم صيام الأشخاص العاملين في ظروف شاقة، مثل أخيه الذي يعمل سائق حافلة كامل اليوم، كما أنه يقبل أن يواصل غير المسلمون سير حياتهم العادية، فقد أصرّ أن يتناول ضيوفه من الصحفيين طعام الغذاء في بيته، وحاول تأدية واجب الضيافة على أتم وجه، رغم أنه صائم.
وبحسب الصحيفة، فإن سكان إقليم شينجيانغ يرزحون تحت وطأة عدد من القيود اللغوية والثقافية والدينية، وأنهم مجبرون على الانصياع لأوامر الحكومة، ومواصلة سير حياتهم بصفة عادية في شهر رمضان، حيث تبقى المغازات مفتوحة رغم درجات الحرارة العالية، ويقوم الجميع بعمليات بيع وشراء الملابس والأحذية والأدوية التقليدية والغلال.
وأكدت الصحيفة أن كافة مطاعم المنطقة التي يعيش فيها الأويغور تبقى مفتوحة خلال أيام شهر رمضان، طبقا للقانون الذي أصدرته الحكومة، ولكنها تبقى خالية من الرواد إلا من بعض الهان.
ونقلت عن نيغار، وهي نادلة في مطعم ومتخرجة من جامعة شينجيانغ، أنها لم تكن تقوم بصيام رمضان عندما كانت طالبة؛ لأنها كانت مجبرة على الأكل في المطعم الجامعي، كما أن والدها لم يكن يؤدي واجب
الصيام لأنه يعمل موظفا حكوميا، على عكس جدتها التي تلازم المنزل، وتواظب على صيام الشهر.
وذكرت الصحيفة أن أعمال العنف التي هزت الإقليم في 2009، والحوادث المشابهة التي شهدتها بعض المناطق في الجنوب الأوسط من الصين وبكين العاصمة، قد منحت الحكومة، التي ترفض الأديان بشكل رسمي، ذريعة لإرساء قوانين قمعية صارمة، بحجة وضع حد لما تسميه "الإرهاب الانفصالي الذي تسبب فيه المسلمون في إقليم شينجيانغ".
ونقلت عن النادلة نيغار أنها لا تستطيع أن تتصور ماذا يمكن أن يحدث لأبيها إذا ما اكتشفت الحكومة أنه بصدد الصيام، حيث يمكن أن تتم معاقبته، أو وضعه تحت التجميد الإداري ومنعه من الترقية، أو وضعه تحت المراقبة الأمنية، وحتى إرساله إلى السجن.
فيما تبقى فرضية الثورة على هذا النظام الجائر مستحيلة، بحسب الصحيفة.