وصفت صحيفة "واشنطن بوست" الهجمات المنسقة، التي قام بها مسلحون تابعون لتنظيم جهادي في
سيناء، يقسم الولاء لتنظيم الدولة، بأنها الأكثر تقدما من التي يقوم بها التنظيم ضد جيش يعد من أقوى جيوش المنطقة ومنذ عقود، ويتحدى مزاعم
مصر وجهودها بأنها ساحة للاستقرار في المنطقة، التي تعيش حالة من الفوضى والعنف.
ويشير التقرير إلى أنه في الوقت الذي قام به النظام الديكتاتوري في مصر بسحق المعارضة المصرية، وعزز من دور الجيش المصري، فإن الموالين المصريين لتنظيم الدولة استطاعوا السيطرة على بلدة عدد سكانها 60 ألف نسمة.
وتذكر الصحيفة أن الهجوم جاء بعد يومين من اغتيال شخصية قضائية بارزة، وهو النائب العام هشام بركات، الذي فجرت قنبلة في موكبه في القاهرة.
ويبين التقرير أن التمرد في سيناء زادت قوته منذ قيام الرئيس المصري عبد الفتاح
السيسي بالإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي في عام 2013. وقد أعلن أحد أقوى التنظيمات في سيناء ولاءه لتنظيم الدولة في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي.
وتنقل الصحيفة عن الزميل الزائر لمعهد دراسات الأمن الوطني في تل أبيب زاك غولد، قوله إن طبيعة هجوم الأربعاء "جديدة ومثيرة للقلق". ويضيف غولد، وهو متخصص في شؤون سيناء، أن المتشددين الذين يطلقون على أنفسهم "ولاية سيناء" قد تحولوا من حرب العصابات إلى مواجهة منسقة، ويقول: "هذا ليس هجوما من هجماتهم العادية (إضرب وأهرب)، ويبدو أنهم يخططون لعملية طويلة".
ويتابع غولد للصحيفة بأنه ليس من الواضح إن كان المتشددون أرادوا السيطرة على البلدة، أم أنهم جروا الجيش المصري إلى حرب مدن، لافتا إلى أن كلا الخيارين "غير مسبوقين".
ويلفت التقرير إلى أن سكان سيناء، الذين تم الاتصال بهم عبر الهاتف، أو ممن وضعوا تفاصيل على وسائل التواصل الاجتماعي، وصفوا مشاهد الذعر في المنطقة. وقد وصف اثنان على "فيسبوك" المشاهد بأنها جهنمية، حيث الجثث الملقاة في شوارع الشيخ زويد.
وتورد الصحيفة أن شهود عيان قالوا إن السكان استخدموا الحمير من أجل نقل الجرحى إلى أقرب مستشفى عام، مشيرين إلى أن سيارات الإسعاف لم تستطع الوصول إلى البلدة؛ بسبب شدة القتال. وقال مسؤولون أمنيون إن المسلحين ظهروا من أسطح المنازل لإطلاق النار على المراكز العسكرية.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن المتحدث باسم
تنظيم الدولة كان قد دعا إلى أن يكون شهر رمضان شهر النار، ودعا المؤيدين إلى القيام بهجمات ضد الكفار في أنحاء العالم كله، ومنذ ذلك الوقت فقد نفذت عمليات في الكويت وتونس وباريس.
وتقول الصحيفة إن ولاية سيناء أعلنت الأربعاء الماضي أنها هاجمت الجيش المصري الكافر بسيارات مفخخة وأسلحة ثقيلة، واستهدفت 14 نقطة تفتيش ونادي ضباط الجيش في منطقة الشيخ زويد، التي تبعد 115 ميلا عن القاهرة.
وينوه التقرير إلى أن الهجوم قد بدأ في الساعة السابعة صباحا، واستمرت المواجهات لساعات طويلة. وأعلن التنظيم في بيان آخر أنه زرع محيط شرطة الشيخ زويد بالألغام.
وتشير الصحيفة إلى أن غولد لا يتوقع نجاح الجهاديين في سيناء بالسيطرة على مناطق، ويقول : "مصر ليست العراق، وسيناء ليست الأنبار". وأضاف أن "الجيش المصري متماسك، ولديه قدرات عسكرية، ويمكنه إخراجهم من المناطق"، ويتساءل غولد: "كم من المدنيين سيتضررون من هذه العمليات؟".
ويوضح التقرير أن مصر تواجه مشكلة الجهاديين منذ سنوات، خاصة في منطقة سيناء، التي يعيش فيها البدو الذين يحتفظون بعادات وقيم تختلف عن بقية السكان في مصر. وقد اتهم شيوخ سيناء الحكومة المركزية بتجاهل مناطقهم، وهو ما دفع أبناءهم إلى الاتجار بالمخدرات والسلاح والبشر.
وتلفت الصحيفة إلى أن وضع البدو قد ازدهر في عام 2011، عندما طرد السكان الشرطة، وحدث فراغ أمني ملأه
الجهاديون، وأنشأوا لهم جيوبا آمنة في سيناء، وخزنوا فيها الأسلحة، التي حصل عليها المتشددون من ليبيا، التي تعيش حالة من الفوضى، بعد الإطاحة بنظام معمر القذافي.
ويلاحظ التقرير أن علاقة المتشددين في سيناء بتنظيم الدولة قد أعطتهم الجرأة أكثر، وإن لم يكن واضحا إن كان التنظيم قد زودهم بالأسلحة.
وتجد الصحيفة أن هجمات الأربعاء طرحت أسئلة أخرى حول فعالية الحملة التي يقوم بها الجيش في سيناء، حيث قامت الأجهزة الأمنية بحملات اعتقال واسعة، مستدركا بأن الجهاديين يواصلون العمل بحرية.
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن أحد سكان رفح المقيمين فيها منذ زمن طويل يقول: "لم تكن الأوضاع بهذا السوء". وأضاف أن "الكل يعيش في حالة من الذعر، وخطوط الهاتف تنقطع بشكل متكرر، ولهذا لا نستطيع الاتصال ببعضنا".