"العدل والإحسان": هذه شروطنا للمشاركة سياسيا ولسنا عدميين

قدمت جماعة العدل والإحسان المغربية عددا من الشروط التي قالت إن توافرها سيدفع الجماعة إلى تغيير موقفها الحالي، والمبادرة إلى المشاركة السياسية، مؤكدة أنها ليست عدمية ولا مثالية في مواقفها ومطالبها وشروطها.

جماعة الراحل عبد السلام ياسين، أشارت خلال لقاء مع مجموعة من الصحفيين بمدينة سلا قرب العاصمة الرباط، إلى استعدادها لتقديم عدد من التنازلات، مشترطة حوارا دون شروط، وبداية صحيحة للتغيير، مع توفر النظام الملكي على إرادة حقيقية للإصلاح، وهي التي ترى الجماعة أنها غير متوافرة حتى الآن. 

ضمن هذا السياق وجوابا عن أسئلة  صحيفة "عربي21" قال عبد الواحد المتوكل، رئيس الدائرة السياسية للجماعة، إن الدعوة لحوار وطني تستبطن الاستعداد لتقديم تنازلات، على اعتبار أن الحل ينبغي أن يُصنع مع مختلف الفرقاء. وأضاف: "لسنا مثاليين ولا نقول بالتغيير بين عشية وضحاها، نريد بداية صحيحة والتغيير يحتاج لوقت والإرادة الحقيقية غير موجودة".

وعن شروط المشاركة أيضا في اللقاء الذي تم ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء، قال عمر أحرشان، عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية: "سنشارك إذا توافر الحد الأدنى من الديمقراطية الذي منه التعددية السياسية الحقيقية"، وأضاف: "نحن لسنا عدميين، ولن نكون شهود زور أو (كومبارس)".

 وشدد أحرشان على أن من معاني الحوار الذي يدعون إليه "ألا يُملي النظام شروطه ويحدد وحده قواعد اللعب، بل ينبغي أن نرسم الملعب جميعا وفق حوار مفتوح وعلني وبمشاركة الجميع".

وفي سياق موضوع المشاركة، وبعد استعراض جملة من العوائق والموانع، قال عبد الواحد المتوكل عضو مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان: "لمن يسألنا (لماذا لا نشارك سياسيا؟)، نتساءل أيضا: نشارك مع من؟ وفي أي شروط؟ ولأي هدف؟ هل نشارك من أجل المشاركة؟"، مشيرا إلى أن الدعوة التي توجه للجماعة من أجل المشاركة مسارها واضح ومعروف، قبل أن يؤكد بحسب مقولة للشيخ المؤسس للجماعة أن "المخزن أفعى وأن من يقترب من الأفعى تأكله".

جبهة ضد الاستبداد 

من بين النقاط التي أكدت عليها قيادات أحد أبرز التنظيمات الإسلامية في المغرب، هي  الحاجة إلى تحالف وصفته بالعريض من أجل التصدي للفساد والاستبداد، وهي الحاجة التي قالت قيادة الجماعة التي نشطت في اللقاء مع الصحفيين، إنها تتأكد يوما بعد يوم، وإنه على كل القوى التي تريد مغربا جديدا أن تتحالف وتترفع عن الخلافات الصغيرة من أجل الصالح العام ومن أجل مغرب يجد فيه الجميع نفسه.

وفيما لم تجد بعض أسئلة الصحفيين أجوبة شافية من قبيل بعض معالم تلك الجبهة أو بعض مكوناتها، فقد شددت جماعة العدل والإحسان على أن التغيير الذي تدعوا إليه تفرضه الأمة ولا يستجدى، مشيرة إلى أن الحقوق كما هو معلوم تنتزع ولا تعطى، وأنه من يقترب من المخزن يصاب بالبله. 
   
حوار دون أجندة 

ما فتئت جماعة الشيخ ياسين، تدعو منذ سنوات إلى حوار وطني علني يشارك فيه الجميع ودون خطوط حمراء، غير أن أسئلة الصحفيين لم تتوقف أيضا منذ ذلك الوقت عن السؤال حول طبيعة هذا الحوار وسقفه وأجندته وأطرافه وموعد انطلاقه؟ وفي هذا الصدد أكدت أمان جرعود، عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية، أن دعوة الجماعة للحوار هي دعوة مبدئية واستراتيجية وليست تكتيكية ولا هي مناورة سياسية. 
 
في السياق نفسه، قالت الوجه النسوي القيادي في الجماعة: "لا نخَّوِّن من يختار غير اختيارنا وأن في الحكومات كما في المجتمع يوجد دائما فضلاء"، وشددت جرعود على أن "أزمة المغرب ليست حكومية ولا في الحكامة بل هي في الحكم"، معددة في هذا الإطار عددا من موانع مشاركة الجماعة في الانتخابات المحلية في الجماعات، والتي من بينها غياب إطار قانوني متطور، فضلا عن استمرار التحكم في الخرائط الانتخابية وتقزيم صلاحيات المسؤولين المحليين، وفق تعبير المتحدثة. 

النظام وفي للاستبداد
 
خلال الكلمة الافتتاحية للقاء الذي حضرته منابر صحفية وطنية ودولية، قدم عبد الواحد المتوكل تشخيصا للوضع السياسي في المغرب، حيث إنه أكد كما في مرات سابقة، أن "النظام السياسي في المغرب لا يزال وفيا لطبيعته الاستبدادية الموروثة"، وأن "كل المحاولات التي رامت الإصلاح من داخل النظام باءت بالفشل، وكل المحاولات التي تحاول الإصلاح من الداخل ستفشل، ليس ضعفا في كفاءتها ولكن بسبب العرقلة والشروط التي يشاركون فيها".

المتوكل قال أيضا إن "مظاهر الفساد والاستبداد التي يعاني منها المغرب تتجلى على مختلف المستويات الحقوقية والاقتصادية والاجتماعية.."، مسجلا أن "من الملفت للانتباه في الآونة الأخيرة الإسفاف غير المسبوق في الخطاب السياسي في المغرب"، مشيرا إلى أن "الملك الراحل الحسن الثاني كان قد شبه البرلمان المغربي بالسيرك"، وتساءل المتوكل: "لا أدري كيف سيسميه لو كان حيا اليوم!".

وحول العديد من الأحداث التي تعرفها الساحة المغربية والتي تتخذ شكل اعتداء على الحريات، فسر المتوكل ذلك بالقول: "إن من عادة الأنظمة الاستبدادية أن تقوم بملء الفراغ بالمعارك الجانبية والهامشية، وأن الغاية من ذلك هي إلهاء الناس عن الداء الأكبر وأصل البلاء الذي هو الفساد والاستبداد".

لم ننسحب من الشارع

لا تزال أسباب انسحاب جماعة العدل والإحسان من حراك "20 فبراير" تتكشف بين الفينة والأخرى؛ ففي هذا اللقاء أكدت قيادات الجماعة الثلاث أن الانسحاب كان من "20 فبراير" وليس انسحابا من الشارع، وذلك تفاعلا مع أسئلة عدد من الصحفيين الذين رأوا في انسحاب الجماعة من الحراك الفبرايري، انسحابا من الشارع ككل، وهي الفكرة التي أكدتها القيادية في الجماعة أمان جرعود.

وعن بعض أسباب الانسحاب من حركة "20 فبراير" كشفت قيادة التنظيم الإسلامي البارز في المغرب، أنها تعرضت لضغط إعلامي وسياسي، بالإضاف إلى ما كان يتم من تبخيس لحضورها وقوتها رغم أنها كانت القوة الرئيسة في الحراك، سواء على المستوى العددي أم اللوجستيكي، كما قال عبد الواحد المتوكل.

وضمن هذا الإطار، قال القيادي الشاب في الجماعة عمر أحرشان، إن الجماعة صمدت في حراك "20 فبراير" وصبرت على العديد من الضغوط، مشيرا إلى أن الجماعة كانت تجد مشاكل حتى في رفع شعار يعبر عن تصوراتها ومطالبها وأن عددا من الخرجات الإعلامية كانت تنسب كل فضل "20 فبراير" لفصائل يسارية وأنها كانت تبخس الجماعة حقها.