لم يكن المتداولون في
بورصة الكويت المنهكة منذ سنوات بحاجة إلى من يزيد آلامهم، لكن جاء
التفجير الانتحاري الذي وقع في
مسجد شيعي الجمعة ليزيد من معاناتهم، مع سوق لم تتمكن بعد من تجاوز تداعيات الأزمة المالية العالمية التي بدأت في 2008.
وفي أول جلسة تداول بعد الهجوم الذي أودى بحياة 27 شخصا أغلقت مؤشرات البورصة يوم الأحد على انخفاض؛ حيث هبط مؤشر كويت 15 للأسهم القيادية 0.21 بالمئة إلى 1021.7 نقطة بعد أن نزل أكثر من واحد بالمئة في بداية المعاملات، في حين تراجع المؤشر السعري 0.18 بالمئة ليغلق عند 5200.2 نقطة.
ورجح محللون أن تكون المحفظة الوطنية الحكومية قد تدخلت لمساندة البورصة في ظل حالة القلق التي يعيشها البلد النفطي، الذي نعم بعقود من الاستقرار الداخلي في ظل محيط يفور بالصراعات المذهبية والطائفية.
وانخفض المؤشر الرئيسي لبورصة الكويت من 15600 نقطة في 2008 قبيل الأزمة العالمية، ليصل حاليا إلى 6200 نقطة ودون أمل كبير في انتعاش قريب للبورصة.
وتوقف نشاط الاكتتابات الجديدة منذ ذلك الحين، وشح إلى حد كبير إدراج الشركات الجديدة في السوق.
وعددت صفاء زبيب المحللة المالية المستقلة بعض جوانب أزمة بورصة الكويت، حيث تشمل هبوط الأداء وغياب المحفزات والخروج النهائي لبعض الشركات، قائلة إن تفجير مسجد الإمام الصادق "أضاف بعدا جديدا هو البعد الأمني لمتاعب البورصة".
وشهدت الكويت خلال الأشهر القليلة الماضية خروجا نهائيا لعدد من الشركات من البورصة بسبب ضعف التداولات، وللتخلص من المصروفات التي تفرضها السوق ومن العبء المالي لقواعد الحوكمة التي تفرضها هيئة أسواق المال على الشركات المدرجة.
ورجحت زبيب وجود دور للمحفظة الوطنية في تقليص خسائر الأحد، لكنها اعتبرت أن مثل هذه الحلول "مؤقتة" ولا يمكن أن تعالج الأزمات الهيكلية للبورصة.
وقالت إن سوق الكويت "لم تكن في بر الأمان" قبل الحادث، حتى نقول إنها خرجت منه إلى مرحلة الخطر فهي تعاني منذ سنوات، وأكثر المستفيدين منها هم المضاربون.
ويغلب النشاط المضاربي على مجمل التداولات في بورصة الكويت، وذلك على حساب النشاط الاستثماري.
وقال فؤاد عبد الرحمن الهدلق المدير التنفيذي لشركة الفارابي للاستثمار، إن السوق شكلت الأحد حدودا للمقاومة، حيث وصلت أسعار
الأسهم إلى مستويات من الانخفاض لم يعد يقبل المتداولون أن تتفاقم أكثر.
واعتبر الهدلق أن قلق المتداولين والمستثمرين تركز على الخوف من حدوث "فتنة"، لكن الكويتيين أظهروا قدرا من الوحدة الوطنية والترابط مما جعل هذا القلق يتبدد.
وعزا هبوط الأسعار إلى تحركات المضاربين الراغبين في استغلال الحدث وبيع أسهمهم بأسعار مرتفعة، تمهيدا لشرائها من جديد بأسعار أقل في الأيام المقبلة.
وأشار إلى أن تماسك الأسهم "الصغيرة والكبيرة" على حد سواء، لا يرجع على الأرجح إلى تدخل المحفظة الوطنية فقط؛ لأن هذه المحفظة تستهدف الأسهم ذات الثقل دون غيرها، ولا تسعى لشراء الأسهم الصغيرة.