شن الإعلامي
المصري القبطي،
مجدي خليل، هجوما شرسا على الإعلام المصري، منتقدا إياه بالقول إنه "تجاوز مصطلحات المحنلة والأزمة والسقوط والنكسة، ليصبح غارقا في الوحل بالفعل".
حتى وصل الأمر بخليل للتساؤل: " هل يمكن أن نطلق عليه إعلام من الأساس؟"، مضيفا أن "
الدولة العميقة في مصر شريك أساسي في إغراق هذا الإعلام في هذا المستنقع الأسن".
وقال في مقاله الذي نشره على صفحته في "فيسبوك"، وتعرضه "
عربي21" تحت عنوان " الإعلام المصري والغرق في الوحل"، إن الإعلام الذي ترعاه الدولة العميقة "عفن"، بمساعدة رجالها سواء في
الصحافة أو في قطاع الأعمال، متسائلا: "من يدعم ويقف وراء أمثال أحمد موسى ومصطفى بكري وعبد الرحيم علي ومحمد الغيطي وتوفيق عكاشة وخالد صلاح ومجدي الجلاد؟ وغيرهم".
وتساءل أيضا: "هل توجد دولة محترمة في العالم فيها صحافة تهدد مواطنيها بأنها تتجسس عليهم؟ وتقول للمستثمر لا تأتي إلينا لأن كل خطواتك مراقبة ومسجلة وسيذيعها سيد عبد الرحيم علي؟ هل توجد دولة محترمة في العالم تصدر فيها صحف ووسائل إعلام دون معرفة من يملكها أو يموّلها ومن يدفع خسائرها؟ هل تنافسنا صحافة أخرى في كم الأكاذيب والتجني والتشويه المتعمد للناس، مثل الذي ينشر في صحافتنا؟".
وتناول في مقاله أسباب هذا "الانحطاط الإعلامي"، على حد وصفه، أولها، أنه إعلام أمني.
ولا أدل على ذلك بحسب خليل حشد المؤسسات الأمنية قوتها لمنع حبس صحفي مخبر، تنفيذا لحكم قضائي واجب النفاذ، والافتخار المتزايد بين الإعلاميين بعلاقتهم بهذه المؤسسات الأمنية، وسعادة هذه المؤسسات بالتنويه عنها بأنها المتحكمة في المشهد الإعلامي، بما يؤدي إلى تسارع السقوط في الوحل لمن لم يقع بعد، ويأس الآخرين من إمكانية الصمود.
وقال إن التدخل الأمني وصل إلى الإملاءات عبر التليفونات، من حيث المواضيع المرغوب تناولها، والأشخاص الواجب تلميعها أو تشويهها، والنقاط الواجب التركيز عليها، والحملات الموجهة الواجب القيام بها.
وثاني هذه الأسباب، بحسب خليل، الفساد الإعلامي، موضحا أن الفساد ليس فقط ناتج عن تداخل التحرير والإعلان، أو من تداخل الإدارة والتحرير، أو من تحكم الملكية في الإدارة والتحرير معا، ولكن الفساد أوسع من هذا بكثير، "إنها معادلة بسيطة تطلقها الدولة العميقة للصحفي: أنت معنا رابح دائما".
وقال إن "الفساد هو نتاج شراكة بين الصحفي وبعض رجال الأعمال والدولة العميقة، وهو نتاج ابتزاز رجال أعمال غير مرضي عنهم، وهو نتاج التستر على فاسدين في المواقع كافة، بشرط ذهاب جزء من الكعكة إلى الصحفي.. إنه نتاج عمالة لبعض الدول العربية التي تنفق بسخاء على شراء الصحف والصحفيين ووسائل الإعلام".
وأشار إلى أن الفساد الإعلامي يظهر كذلك في توزيع الأجور، بحيث يصل مرتب صحفي إلى ألف ضعف مرتب صحفي آخر. وهو نتيجة رشوة الدولة للصحفيين المقيدين بالنقابة بمرتب شهري لا يوجد مثيل له في أي دولة محترمة في العالم.
وأشار إلى أن "من أعجب العجائب أن من يتشدقون بحرية الصحافة واستقلالها، هم من يناشدون الدولة بزيادة الرشوة الشهرية للصحفيين.إنه نتاج تستر الدولة بمؤسساتها كافة على تضخم ثروات بعض الصحفيين بطريقة غير مشروعة".
وأضاف سببا آخر، هو غياب الموضوعية، فالإعلام المصري لا يعرف الفرق بين الانحياز والموضوعية، فهو يعمد إلى التشويه المتعمد للخصم دون دليل أو قرينة أو منطق مقبول، إلى جانب "الانحيازات الفجة السافرة"، ومناقشة التفاهات على حساب احتياجات المجتمع الحقيقية، وأخيرا إطلاق الأكاذيب، والسعي نحو المصادر الضعيفة والمختلقة لتشويه الخصم.
وآخر هذه الأسباب، "غياب المهنية"، حيث انتقد خليل غياب المنتج الإعلامي الذي يبرز هذه المهنية من خلال، الصدق، والتوازن، والتنوع والتعدد، والإنصاف، والدقة، وأخلاقيات جمع المعلومات، والكتابة بوضوح، والفصل بين التعليق والخبر، وغيرها من متطلبات المهنية الصحفية عن الإعلام المصري.
وأوضح أن هذه المعايير ليس فقط غابت عن الإعلام المصري، ولكنه خلق لنفسه معايير أخرى تفرد بها، وميزته عن باقي وسائل الإعلام في الدول المحترمة ومنها: الردح والشتائم، الإغراق في المحلية، إعلام المنولوج، بحيث تشاهد صحفيا يجلس ساعات يحكي للمشاهدين، وكأنه مدرس في مدرسة إلزامية".
ووصف الإعلام المصري أيضا بـ"إعلام الوعظ"، حيث "تحوّل الصحفي إلى واعظ محاضر في الشرف والأخلاق، وشيطنة الخصوم، وخاصة معارضي النظام، وتقمص الصحفي دور الزعيم السياسي".
وبيّن أنه أصبح إعلاما مدارا سياسيا ودينيا، وإعلاما مغرضا، مروجا للأكاذيب والخرافات، ملتزما بقوائم للضيوف، تأتيه من الجهات الأمنية فيها المنع والمنح.
وختم مقاله بالإشارة إلى أن "الصحافة الحرة يمكن أن ترتقي بالقواعد الأخلاقية أو تنزل بها إلى الوحل.. وللأسف ساهم الإعلام المصري بالنزول بالمعايير الأخلاقية للمجتمع، وفي تأخير الاستحقاق الديمقراطي".