أصدرت الحكومة الليبية في طبرق، برئاسة عبد الله الثني، بيانا الأحد أعلنت فيه عن مقتل القيادي في تنظيم القاعدة الجزائري مختار
بلمختار، في غارة شنتها طائرة حربية أمريكية على مزرعة في مدينة
أجدابيا (160 كيلومترا غرب مدينة بنغازي). لكن هذه الرواية تعرضت للتشكيك، لا سيما بشأن مقتل بلمختار.
ويرجع التشكيك في رواية حكومة طبرق من قبل متابعين إلى عدم ظهور صور للقيادي في القاعدة مختار بلمختار تثبت مقتله في العملية التي نفذت في الساعة 12 ليلا وأربعين دقيقة من ليلة الأحد.
ونعى مجلس شورى تحالف ثوار أجدابيا الذي يضم تنظيم أنصار الشريعة سبعة من مقاتليه، في بيان له الثلاثاء، نافيا قتل أي شخصيات أخرى لم تذكر في بيانه.
وأكدت مصادر خاصة من مدينة أجدابيا الليبية لـ"
عربي21" أن اجتماعا ضم قيادات من تنظيم الدولة وتنظيم أنصار الشريعة؛ كان من المفترض أن يحضره القيادي مختار بلمختار.
وأشار المصدر إلى أن بلمختار يتحرك في المناطق الصحراوية من سرت وحتى أجدابيا شرقا، وجنوبا حتى الحدود الليبية مع النيجر وتشاد والجزائر، ولا يستعمل أثناء تنقله في تلك المناطق أية أجهزة إلكترونية أو هواتف محمولة.
وتوقعت مصادر من مجلس شورى ثوار أجدابيا، الذي يضم عدة تشكيلات مسلحة إسلامية أبرزها تنظيم أنصار الشريعة، أن تزداد قوة تنظيم الدولة بمدينة أجدابيا بعد الاشتباكات التي تقدم فيها مجلس شورى مجاهدي درنة على تنظيم الدولة، وفرار أفراد وقيادات من الدولة الإسلامية إلى بنغازي 300 كم غرب درنة، وأجدابيا 460 كم غرب درنة، خاصة وأن طريق الـ"200" الصحراوي يسيطر عليه عناصر تنظيم الدولة، ولم تستطع قوات عملية الكرامة بقيادة خليفة حفتر؛ السيطرة على هذه الطريق الحيوية.
فرضيات القصف الأمريكي على أجدابيا
وحذرت الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي باجتماع برلين في العاشر من حزيران/ يونيو الجاري، ضم فرقاء الأزمة السياسية الليبية برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في
ليبيا، من انتشار التنظيمات المتشددة في ليبيا، وعلى رأسها تنظيم الدولة وتنظيم أنصار الشريعة الموالي للقاعدة، واحتمال السيطرة على حقول ومرافئ نفطية في ليبيا، ما يعني تهديد أمن الطاقة لبعض الدول الأوروبية وعلى رأسها إيطاليا، إضافة إلى احتمال حصول هذه الجماعات على مصادر تمويل نشاطاتها.
لذا حاولت الولايات المتحدة الأمريكية من خلال ضربتها الجوية لقيادات في التنظيمين المتشددين في ليبيا، سواء من العرب أو الليبيين، تتبع نشاط هذه الجماعات وتحجيمها، وإبعادها قدر الإمكان عن مرافئ وحقول النفط.
وفي المقابل، يرى محللون آخرون أن للضربة الجوية الأمريكية علاقة بالتنافس بين الحزبين الرئيسيين داخل الولايات المتحدة "الجمهوري، والديمقراطي" خاصة وأن إدارة أوباما الديمقراطية ليس لها سوى إنجازات محدودة كقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في أيار/ مايو 2011، واتفاق الإطار الجزئي مع إيران بشأن برنامجها النووي.
وبحسب هذا التحليل، لو نجحت إدارة أوباما في قتل مختار بلمختار فستخفف من حدة الانتقادات الموجهة لها من الجمهوريين والاتهام بالتهاون في التعامل مع الملف الليبي، خاصة مقتل السفير الأمريكي كريستوفر ستيفنز عام 2012 ببنغازي، وهو ما يعني تحقيق نجاح يحسب للحزب الديمقراطي سيزيده رصيدا في الانتخابات الرئاسية القادمة.
يبقى المشهد معقدا على صعيد العلاقات بين الجماعات في ليبيا، خاصة وأن بيانا لمجلس شورى مجاهدي درنة اعتبر أن العرب المقاتلين إلى جانب تنظيم الدولة "مهاجرين" و"إخوة"، ما أعطى مؤشرات على إمكانية التحول إلى مربع التطرف في أية لحظة أو ظرف، في ظل تدخل أمريكي سواء أكان لحسابات داخلية بالتنافس بين الحزبين الكبيرين المهيمنين على الحياة السياسية الأمريكية، أو لحسابات أمن الطاقة والتخوف من سيطرة الجماعات المتشددة على منابع النفط.
مشهد اعترف محللون بصعوبة التنبؤ بمآلاته، خاصة وأن أضعف حلقاته مؤسسات الدولة، وأقواها الفاعلون من خارجها.