في ظلّ الانتهاكات التي يقترفها تنظيم "
بوكو حرام" النيجيري المسلح على منطقة أقصى الشمال
الكاميروني، لم يجد الأئمة الكاميرونيون بداّ من
الدعاء والصلاة من أجل القضاء على هذه المجموعة، التي يخشون أن يمتد نشاطها إلى العاصمة ياوندي، خاصة بعد الهجوم الأخير الذي شنته على العاصمة التشادية نجامينا وخلف 30 قتيلا.
واجتمع الأئمة والقادة المسلمون بالكاميرون في إطار مؤسسة دينية تدعى (سيديموك)، في لقاء روحي يعد مدخلا للشهر الكريم، أقاموا خلاله
صلاة كبرى دعوا فيها إلى التخلص من "بوكو حرام".
عمر جبريل، أحد مسؤولي الـ(سيديموك) قال عن ذلك: "هي صلوات تمثل نقطة بداية لصلوات أخرى سوف تنعقد خلال شهر رمضان"، مضيفا أنّ هذا اللقاء يهدف أيضا إلى الصلاة من أجل السلام في الكاميرون، فـ"منذ انطلاق بوكو حرام في تسليط ممارساتها الدموية على المدنيين، لم تنقطع السيديموك عن توعية الطائفة المسلمة بضرورة توفير الدعم لرئيس البلاد في الحرب التي أعلنها على هذا التنظيم
الإرهابي الظلامي".
وتأثثت الحلقة الروحية بتلاوة القرآن والدعاء الذي حرص على ترديده ممثلون عن 10 مناطق كاميرونية، وجاء في دعاء الإمام محمد نغابنانغ: "نشكرك و نحمدك ونبتهل إليك يا الله من أجل أن تنصر قواتنا المسلحة وقوات الدفاع في حربها ضد بوكو حرام وضد أعداء السلام وأعداء الكاميرون وأعداء الإسلام".
كما شاركت السلطات الإسلامية الكاميرونية في هذه الصلوات التي حضرها أيضا مسؤولون إداريون ووزراء، وإن لم يكونوا يدينون بالإسلام.
صلوات وابتهالات تخلّلتها دعوات للترحم على الضحايا الذين قتلوا على يد عناصر بوكو حرام. وقد لحقت شرور هذا التنظيم الجميع بما في ذلك مسؤولي الدولة على غرار ما تعرض إليه، نائب رئيس الوزراء المكلف بالعلاقة مع البرلمان، الذي مثل رئيس الجمهورية في هذا اللقاء الروحي، وقد كان بدوره من ضحايا إحدى هجمات "بوكو حرام" في أقصى الشمال الكاميروني، بعد أن تعرضت عقيلته إلى الاختطاف، قبل أن يتم إطلاق سراحها أسبوعا بعدها.
وأنشئت السيديموك عام 2000، بهدف العمل من أجل السلام والتنمية، وتحسين ظروف أئمة الكاميرون المعرفية والمادية. وتقوم هذه المؤسسة بتنظيم صلوات بشكل منتظم، لا سيما قبيل المواعيد الكبرى على غرار الانتخابات وما إلى ذلك. وعلى إثر قمة باريس، المنعقدة في أيار/ مايو 2014، حين أعلن الرئيس الكاميروني بول بيا الحرب على "بوكو حرام"، كان السيديموك قد أصدر بيانا ندد من خلاله بالانتهاكات التنظيم المسلح، والتي "لا تتوافق مع تعاليم الدين الإسلامي" داعيا الطائفة المسلمة إلى القضاء على المجموعة النيجيرية.
وخلال جلسة استثنائية للبرلمان الكاميروني انعقدت العام الماضي، صرح وزير الدفاع الكاميروني، إدغار آلان مبي نغو بأن "بوكو حرام أفصحت عن أهدافها توسعية من أجل إقامة الخلافة الإسلامية". ولدى حديثه عن الجنود الكاميرونيين المشاركين في الحرب ضد بوكو حرام، قال الوزير إن الكاميرون تعد قوة قوامها "ستة آلاف رجل منتشرين على الحدود".
وتتقاسم الكاميرون حدودا مع نيجيريا، لا سيما مع إقليم بورنو بنيجيريا، معقل جماعة "بوكو حرام" التي قامت بتوسيع نطاق نشاطاتها خارج نيجيريا عبر شن هجمات على الدول المجاورة على غرار الكاميرون والتشاد و النيجر، واستهدفت بشكل خاص منطقة أقصى الشمال الكاميروني بشكل شبه أسبوعي، وارتكبت مجازر وعمليات اختطاف وتدمير للممتلكات وسرقة للأغنام والغذاء.
وبوقوع التفجيرات الثلاثة التي استهدفت، الاثنين، مؤسسات أمنية في العاصمة التشادية نجامينا، وخلفت 27 قتيلا، وفقا للحصيلة الرسمية، تفاقمت المخاوف من بلوغ الهجمات العواصم المجاورة لبلدان حوض بحيرة تشاد، التي تشكّل مجال توسّع المجموعة النيجيرية.