نشرت صحيفة لوريون لوجور، الناطقة بالفرنسية، تقريرا حول المواقف التي تلت مجزرة
قلب لوزة، التي ذهب ضحيتها حوالي عشرين من
الدروز في ريف
إدلب، وقالت إن
جبهة النصرة، التي تمثل فرع تنظيم القاعدة في
سوريا، سارعت إلى الاعتذار عن هذا الحادث، ووعدت بالتحقيق فيه ومحاسبة المذنبين، ما يؤشر على تطور جديد في استراتيجية الجبهة وأهدافها.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن المجزرة التي وقعت الأربعاء الماضي في قرية قلب لوزة، إحدى القرى الدرزية الـ 14 في ريف إدلب، قوبلت باستياء كبير من قبل جبهة النصرة، وتلتها مساع حثيثة لتقديم الاعتذار وإرضاء الطائفة الدرزية، لأن هذا التنظيم يسعى منذ مدة لتحسين صورته، والنأي بنفسه عن ممارسات تنظيم الدولة وجرائمه.
وأضافت الصحيفة أن جبهة النصرة عبرت عن "أسفها الشديد" حيال وقوع أكثر من 20 قتيلا، واتهمت عناصرها المكلفين بإدارة المنطقة بأنهم خالفوا الأوامر، وقامت بإرسال وفد لتطمين الطائفة الدرزية بأن ما حصل هو خطأ لا يعكس سياسة الجبهة، وشددت على أن ما وقع "غير مبرر"، وأكدت أن مرتكبي هذه الجريمة سيقدمون للمحاكمة أمام محكمة إسلامية.
واعتبرت الصحيفة أن هذه التطورات غير المسبوقة في المشهد السوري، وموقف جبهة النصرة الرافض بشأن العنف ضد الأقليات، لا يمثلان مفاجأة كبيرة. فقد لاحظ مراقبون ووسائل إعلام أن الجبهة تسعى منذ مدة لتسويق نفسها إعلاميا، والبحث عن حلفاء في المنطقة، وقد نجحت على ما يبدو في الحصول على الدعم من قطر والمملكة السعودية وتركيا.
وذكرت أن زعيم الجبهة، أبو محمد الجولاني، ظهر في نهاية شهر أيار/ مايو الماضي على شاشة قناة الجزيرة، للحديث عن سياسة وأفكار مجموعته، وقد استغل فرصة ظهوره الإعلامي، لتوجيه رسالة واضحة للدول الغربية، مفادها أن تنظيمه لن يستهدفها، وهو ما اعتبره المحللون سعيا منه للظهور "كمحاور جدي وطرف يمكن الوثوق به أثناء البحث عن حلول للملف السوري، على عكس فصائل أخرى لا يمكن التعويل عليها لقيادة سوريا ما بعد الأسد".
وأضافت الصحيفة أن مواقف وتصريحات جبهة النصرة التي تلت مجزرة قلب لوزة تأتي كلها في هذا السياق، فهي تريد طمأنة طائفة الدروز، وبالتالي طمأنة دول المنطقة، من خلال معاقبة المسؤولين عن هذه الجريمة وإثبات أنها لا تشبه تنظيم الدولة في شيء.
ونقلت الصحيفة عن الشيخ بلال دقماق، الداعية الإسلامي الذي ينشط في طرابلس، شمال لبنان، أن "جبهة النصرة تسعى لتقديم نموذج إسلامي ينبذ العنف المجاني، خاصة تجاه الأقليات الدينية، سواء كانوا دروزا أو مسيحيين أو غيرهم. وهذه ليست أول مرة تتخذ فيها جبهة النصرة هذا الموقف، ولكن هذه هي المرة الأولى التي يحصل فيها موقفها على هذا القدر من الاهتمام الإعلامي".
وبحسب الصحيفة، فإن اعتراف جبهة النصرة بمسؤوليتها عن الخطأ الذي أدى لمجزرة قلب لوزة، له هدف آخر، بالإضافة لما هو معلوم مسبقا من سعيها للحصول على دعم من دول المنطقة، وهو ضم الأقليات الدينية التي لها وزن ديمغرافي إلى صفها، في إدلب وفي بقية المحافظات، والظهور كجزء أساسي من المشهد السوري في المستقبل.
وفي هذا السياق، قال الشيخ دقماق: "إن هذا صحيح، ولا عيب في ذلك، ويجب على جبهة النصرة ألا تخجل من إعلان طموحاتها بالمشاركة في الحياة السياسية، ما دام ذلك يتم في نطاق مبادئها الدينية".
وفي الختام، تساءلت الصحيفة إن كانت العناصر المسؤولة عن مجزرة قلب لوزة، ستتم معاقبتها فعلا، أو الاكتفاء بالتظاهر بذلك عبر القيام بمحاكمة صورية، لمجرد ذر الرماد في العيون.