لا تخلو قمم
الجبال في
الضفة الغربية من مستوطنات أو نقاط لجيش الاحتلال الصهيوني، لما تتميز به تلك القمم الجبلية من أهمية استراتيجية، ما أعاقت زراعة الأراضي المحيطة بها والاستفادة منها من قبل أصحابها
الفلسطينيين.
هذا المشهد دفع نشطاء فلسطينيين، السبت، إلى إطلاق
حملة بعنوان "الزحف نحو قمم الجبال" ابتدأت بجبال جماعين وحوارة جنوب نابلس شمالي الضفة الغربية، وبناء أول بيت فلسطيني على أراض مهددة بالاستيطان.
وبنى النشطاء منزلا من الطوب والأسمنت على قمة جبل قرب بلدة جماعين جنوب نابلس، حيث تقابله مستوطنات تفوح وبراخا وبؤر استيطانية أخرى.
المبادرة التي أتت بدعوة من حركة فتح، قال عنها الناطق باسم الحركة في بلدة حوارة عواد نجم إنها تهدف إلى "إرسال رسالة واضحة للمستوطنين والإسرائيليين، أن قمم الجبال هي أراض فلسطينية، وأننا سنعتني بها ونقوم بشق الطرق الزراعية وتمديدها بالكهرباء، بالإضافة إلى إننا سنقوم بتسهيل مهمة المزارعين وإعفائهم من رسوم الترخيص بنسبة عالية جدا".
وطالب نجم في حديثه لـ"عربي21" وزارتي الزراعة والأشغال العامة إلى ضرورة الوقوف إلى جانبهم ومساعدتهم في توفير الجرافات والآلات والمعدات التي تسهل مهمتهم.
وبحسب إحصائيات، يوجد في محافظة نابلس 39 موقعا استيطانيا بينها 12 مستوطنة "رسمية"، ومجموع عدد المستوطنين فيها يقدر بـ 23 ألف مستوطن.
بدوره، قال غسان دغلس مسؤول ملف
الاستيطان في الضفة الغربية: "إن هذه الفعاليات تهدف إلى كسر حاجز الصمت والخوف لدى المواطن الفلسطيني، الذي يحلم أن يصل إلى قمم الجبال".
وبين دغلس لـ"عربي21" أن هذه الفعاليات "أفضل من الصمت حتى لو كانت متأخرة، يجب أن نضع حدا للاستيطان، ويجب أن نشعر المستوطن والاحتلال بالوجود الفلسطيني من خلال إنشاء وبناء كرفانات أو غرف من طوب على هذه الجبال، وهذا يتطلب تعاونا كبيرا جدا من جميع القطاعات والمؤسسات الفلسطينية".
هذه الفعاليات ستستمر رغم تحديات عدة سنواجهها، كما قال دغلس، الذي أضاف: "نحن نتوقع كل شيء من الاحتلال، لكننا ماضون في هذه الفعاليات، ولن نتراجع مهما كلف الأمر، وهناك العديد من الفعاليات التي ستقام في الأيام المقبلة متمثلة ببناء الغرف وزراعة الأشجار".
وتتبع الجمعيات الاستيطانية أساليب متعددة، بهدف الاستيلاء على الأراضي الزراعية في مناطق الضفة الغربية من خلال تخريب محاصيل الزراعية واقتلاع الأشجار هذا من جهة، ومن جهة أخرى زراعة الأراضي المصادرة بأشجار مثمرة والادعاء بأنها مملوكة للمستوطنين.
فرض أمر واقع فلسطيني
واعتبر مسؤول العمل الجماهيري في الإغاثة الزراعية خالد منصور أن هذه الفعاليات في غاية الأهمية، وتنبع أهميتها من أن "قمم الجبال إحدى أهم المناطق المستهدفة من قبل الاحتلال كون الجبال تعد مناطق إستراتجية مطلة وكاشفة، والمحتل باستمرار يحاول السيطرة عليها والوصول إليها بكافة الطرق والوسائل، ونتذكر قبل أعوام قليلة، حين أطلق شارون حملة إلى التلال وشكل مجموعة استيطانية اسمها شبان التلال لإحكام السيطرة عليها".
وأضاف منصور أن الهدف من هذه الفعاليات هو فرض أمر واقع فلسطيني قبل أن يتمدد الاستيطان على الجبال والتلال المستهدفة من قبل الاحتلال، "نحن نسابق الزمن والاستيطان للاحتفاظ بهذه الأرض، ونأمل في المستقبل القريب أن يسكن هذه الغرف المزارعون من أجل منع الاحتلال من السيطرة عليها".
وأكد بأن "الرسالة التي نود إيصالها للمحتل، هي أن الوصول إلى القمم والجبال والمناطق النائية مهمة وطنية بالدرجة الأولى، وأن هذه الأرض لنا، وسنعمرها، ونفعل كل شئ لجعل المحتل يواجه أكبر صعوبة في الحصول عليها".
ولفت منصور إلى أنه "لا تقتصر الفعاليات على وضع "الكرفانات"، فهناك العديد من الفاعليات منها زراعة الأشجار، من أجل أن نعزز صمود المزارعين وأصحاب الأراضي، وتمكين المزارعين ومد يد العون لهم لزراعة أراضيهم، وتزويدهم بالأشتال الزراعية، بالإضافة إلى إطلاق مشاريع تأهيل واستطلاع وشق الطرق للوصول إليها.
وبين منصور أن "الاحتلال لا يسمح بإنجاح هذه الفعاليات، بالأمس قمنا بزراعة أراضي بقرية صوريف وبيت لحم، وأتت جرافات قوات الاحتلال ومجموعة كبيرة من جيش الاحتلال ودمرت كل ما قمنا به، وهذا الخطر يتطلب مواجهة هذه التحديات والصعوبات، مشيرا إلى أن المشكلة الأخرى هي التردد والخوف عند الناس من الوصول إلى هذه الأراضي، لذلك يجب كسر هذا الخوف من خلال تكثيف الزيارات ورفع معنوياتهم".