نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية حوارا أجرته مع السياسي
الجزائري علي
بن فليس، حول أسباب تأسيسه لحزبه الجديد "طلائع الحرية"، ومشكلة ارتباط
الاقتصاد الجزائري بأسعار النفط، وتعامل الحكومة الجزائرية مع الأزمة الاقتصادية.
وقالت الصحيفة، في الحوار الذي ترجمته "
عربي21"، إن بن فليس الذي ترشح في انتخابات نيسان/أبريل 2014 الماضية، وخسر أمام الرئيس عبدالعزيز
بوتفليقة؛ سيعقد اليوم وغدا أول مؤتمر لحزبه الجديد،
حزب طلائع الحريات.
وأضافت أن هذا الرجل البالغ من العمر 70 عاما، خرج من رحم
النظام الحاكم في الجزائر، وكان يشغل منصب وزير العدل، ثم منصب الوزير الأول بين 2000 و2003، وأصبح رئيسا لحزب
الجبهة الوطنية للتحرير، الذي يمسك بمقاليد السلطة منذ الاستقلال، ولكن بن فليس قرر بعد ذلك أن يصبح أحد أبرز معارضي النظام الحاكم.
وخلال حوار الصحيفة؛ قال بن فليس إن الجزائر تضررت كثيرا من التسيب الاقتصادي، ولكن هبوط أسعار النفط اليوم يحتم عليها مراجعة برامجها؛ لأن الإدارة الجزائرية تصرف أموالا تفوق إمكانياتها، والطبقة الحاكمة لا تتردد في صرف المساعدات الاجتماعية؛ بهدف الحفاظ على السلم الاجتماعي، والبقاء في السلطة.
وأضاف أن "الفساد ينخر في كافة القطاعات، وقد سيطر خلال السنوات الماضية على الثروة الوطنية، بالإضافة إلى تفشي ظاهرة التهرب الضريبي، وهروب رؤوس الأموال نحو الخارج، وظهور طبقة من رجال الأعمال الفاسدين الذين يدورون في فلك السلطة، ويسيطرون على القطاعات الحيوية في الاقتصاد، بينما لا تقوم الحكومة بأي شيء غير صرف العائدات النفطية، دون التفكير في خلق موارد بديلة، أو زيادة القدرة التنافسية".
وأوضح بن فليس أن "الحكومة لا تملك حلولا حقيقية للأزمة، وهي تكتفي بمواصلة نفس النهج الفاشل، المتبع منذ أكثر من 10 سنوات، والذي يعتمد على ارتفاع أسعار النفط والغاز"، مشيرا إلى أنه "خلال العشرية الأخيرة؛ تم الإعلان عن ثلاثة برامج للإقلاع الاقتصادي، بكلفة مئات مليارات الدولارات، ولكن ذلك لم يغير شيئا من الطابع الريعي للاقتصاد الجزائري".
وحذر من أن الجزائر تسير نحو الهاوية، إذا لم يتم تغيير المقاربة الاقتصادية والسياسية، ذاهبا إلى أن "الفراغ السياسي أصبح واضحا اليوم للرأي العام الجزائري، حيث أصبحت الدولة الجزائرية غائبة على الصعيد المحلي والدولي، وآخر خطاب رئاسي موجه للشعب يعود إلى شهر أيار/ مايو 2012، ولذلك، يطرح الناس اليوم سؤالا ملحا، هو: من الذي يسير البلاد؟".
ونبّه بن فليس إلى وجود أزمة دستورية في البلاد، بسبب وجود فراغ تشريعي في ما يخص منصب الرئاسة، "كما أن المجالس الوزارية لم تعد تنعقد بصفة دورية، والبرلمان نادرا ما يجتمع"، مؤكدا "وجود أزمة شرعية؛ لأن مؤسسات الدولة هي نتاج منظومة فاسدة".
وأشارت الصحيفة إلى أن بن فليس كان قد نشر تقريرا مفصلا حول التجاوزات التي شهدتها الانتخابات الرئاسية الماضية.
ونقلت "لوموند" عن بن فليس قوله إن المعارضة الجزائرية تدرك تماما خطورة الوضع الراهن، وهي تعتبر أن الحل الوحيد للخروج من الأزمة؛ هو العودة إلى الشرعية عبر تنظيم انتخابات حرة وشفافة، وأن تتم مراقبة سير العملية الانتخابية من قبل هيئة مستقلة تتمتع بالمصداقية، نسجا على منوال تونس والمغرب.
واقترح بن فليس "تأسيس هيئة مستقلة، تتمتع بكل الصلاحيات والموارد، للتحضير للانتخابات، ومراقبة عمليات الاقتراع، وإصدار النتائج؛ للتخلص من منظومة التزوير التي تغلغلت في مؤسسات الدولة"، مؤكدا أن "هذا هو الحل الأمثل لإيجاد تنافس سياسي، وتحقيق الشفافية".
ورد بن فليس على الانتقادات الموجهة إليه، باعتبار أنه كان في الماضي جزءا من النظام الحاكم؛ بالقول إنه غادر هذا النظام منذ سنة 2003، بسبب خلافاته مع بوتفليقة حول ملفات هامة، وخاصة مسألة استقلال القضاء، وحسن التصرف في العائدات النفطية، وهي نفس القناعات الشخصية التي دفعت به قبل ذلك إلى الاستقالة من منصب وزير للعدل في سنة 1991.
وفي ختام الحوار؛ وجّه بن فليس انتقادات لزيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند المرتقبة للجزائر يوم الاثنين القادم، معتبرا أن "العلاقات بين البلدين هي مجرد علاقات بين النظامين الفرنسي والجزائري، ولا تعني الشعب في شيء، ولا تتجاوز حدود المصالح الضيقة، لذلك فإنه يجب الارتقاء بها؛ حتى تكون مثمرة، وتخدم مصالح الشعبين"، على حد قوله.