اتفق معارضون سوريون في ختام اجتماع دام يومين في
القاهرة على "خارطة طريق لحل سياسي تفاوضي" للنزاع في
سوريا مستوحاة من وثيقة جنيف، وتؤكد أنه "لا مكان" لرئيس النظام السوري
بشار الأسد في مستقبل سوريا.
وتنص الوثيقة، التي وزعت على الصحفيين، على أن رؤية المعارضين المجتمعين في القاهرة "ينطلق من استحالة الحسم العسكري للنزاع، وكذلك استحالة استمرار منظومة الحكم الحالية التي لا مكان لها ولرئيسها في مستقبل سوريا".
وتقول الوثيقة المعنونة بـ"خارطة الطريق للحل السياسي التفاوضي من أجل سوريا ديموقراطية" إنها تتضمن "آليات تنفيذ عملية قابلة للتحقق، وقادرة على الانتقال إلى تسوية سياسية غايتها تغيير النظام بشكل جذري وشامل"، مضيفة أن "الحل السياسي التفاوضي هو السبيل الوحيد لإنقاذ سوريا"، وأنه ينبغي أن يجري "بين وفدي المعارضة والنظام برعاية الأمم المتحدة ومباركة الدول المؤثرة في الوضع السوري".
وتقضي هذه الخارطة المقترحة بنقل كل "الصلاحيات التشريعية والتنفيذية" إلى "هيئة حكم انتقالي"، وتشكيل حكومة انتقالية ومجلس أعلى للقضاء ومجلس وطني عسكري انتقالي، داعية إلى اتخاذ مجموعة من "إجراءات تهيئة المناخ للتسوية السياسية قبل وأثناء التفاوض"، من بينها "أن تلتزم كل الأطراف المتفاوضة بوقف الأعمال العسكرية، وإطلاق سراح المخطوفين والمعتقلين لدى كل الأطراف" و"السماح بعودة جميع السياسيين المعارضين المقيمين في الخارج، دون مساءلة أمنية أو قانونية أو سياسية"، و"خلق مناخ مناسب في المناطق التي يسيطر عليها كل طرف، بما يتيح للسوريين العودة إلى بيوتهم وأماكن عملهم".
وتطالب الوثيقة بأن "يتم ضمان أي اتفاق بين الجانبين السوريين (المتفاوضين) من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول العربية والإقليمية"، بحيث تكون "هذه الدول والأطراف هي الشاهد والضامن لتنفيذ الاتفاق".
وشارك قرابة 150 معارضا يعيشون في الداخل السوري أو خارج البلاد في الاجتماع الذي أطلق عليه "مؤتمر
المعارضة السورية من أجل الحل السياسي في سوريا"، بينهم أعضاء في "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" يحضرون بصفتهم الشخصية، بحسب المنظمين.
وشهد الاجتماع الثلاثاء أزمة تم احتواؤها سريعا عندما انسحب الوفد الممثل للفصائل الكردية لمدة نصف ساعة، قبل أن يعود مجددا إلى المشاركة في الاجتماعات.
وقال خالد عيسي، ممثل حزب الاتحاد الديموقراطي، إنه تم التوصل إلى حل وسط، مشيرا: "وجدنا صيغة توافقية بقدر الإمكان ربما لا تلبي كل طموحات الشعب الكردي، لكننا قبلنا حتى لا نكون سببا في إفشال مؤتمر القاهرة"، في إشارة إلى نصوص وثيقة أخرى أقرها المجتمعون تتضمن المبادئ الدستورية العامة التي ستحكم سوريا ما بعد الأسد.
وفي مؤتمر صحفي في ختام الاجتماع، أكد مجددا فايز سارة، عضو الائتلاف السوري الذي حضر الاجتماع بصفته الشخصية، أن مؤتمر القاهرة لا يهدف إلى خلق تجمع معارض جديد، قائلا: "ليس هناك جسد سياسي جديد، ولا نريد أن نكون بديلا لأي جهة سياسية أخرى، ولسنا قيادة جديدة في المعارضة".
وأضاف سارة أن خارطة الطريق التي تم الاتفاق عليها في اجتماع القاهرة ستعرض على المشاركين في مؤتمر آخر لفصائل المعارضة السورية سيعقد في الرياض.
وكان المعارض السوري هيثم مناع، الذي ساهم في تنظيم اجتماع القاهرة، قال إن "المسؤولين السعوديين يسعون إلى جمع الغالبية العظمى من المعارضين السياسيين والعسكريين في منتصف حزيران/ يونيو، قبل شهر رمضان مباشرة، من أجل التحضير لمرحلة ما بعد الأسد".
وأكد مناع لفرانس برس عقب انتهاء مؤتمر القاهرة أن هذا الاجتماع "حقق نجاحا مهما، ولأول مرة اشعر أن الطيف السوري على اختلافه يقبل بوثيقة عصرية جامعة لكل السوريين وخارطة طريق قابلة للتحقق"، مضيفة: "الآن ستبدأ معركة على الصعيد الإقليمي والدولي من أجل الضغط على المجتمع الدولي الذي يجب أن يفهم أنه دون ضغوط على النظام السوري الذي يرفض الدخول في مفاوضات جدية لن تنطفئ النار الموجودة في سوريا".
وتابع أن "استمرار النار في سوريا يعني أن النار ستستمر في باريس وموسكو وغيرها من العواصم، ونحن بالطبع لا نتمنى ذلك".
ونظمت الأمم المتحدة في مطلع العام 2014 جولتي مفاوضات بين وفدين حكومي ومعارض في جنيف بهدف التوصل إلى تسوية، دون تحقيق أي نتيجة. ويقول النظام إن الوفد المعارض لم يكن يتمتع بالتمثيل الكافي، ويرفض البحث في مصير الأسد، بينما يقول الائتلاف إن أي مفاوضات يجب أن تؤدي إلى رحيل الأسد وأركان نظامه.
وتشهد سوريا منذ أربع سنوات نزاعا داميا تسبب بمقتل 230 ألف شخص، بدأ بتظاهرات سلمية تطالب بإسقاط نظام الأسد وبالديموقراطية، وتحول لاحقا إلى مواجهة مسلحة، ثم تشعب إلى جبهات متعددة.