أعلن
تنظيم الدولة الحرب على
عشائر البدو في شمال محافظة
الرقة، في خضم ارتفاع شدة المعارك الدائرة بين تنظيم الدولة، ووحدات حماية الشعب " YPG " التابعة للإدارة الذاتية، وبعض فصائل المعارضة السورية، في محيط منطقة تل أبيض شمال محافظة الرقة، الخاضعة لسيطرة التنظيم منذ مطلع العام الفائت.
وقال مصدر محلي لصحيفة "
عربي 21"، إن تنظيم الدولة شن هجوما على قرى أفلا، وفويلان، والواسطة، والغزيل شرق مدينة تل أبيض التي يسكنها عشائر البدو، بعد أن دخل
لواء الجهاد في سبيل الله التابع للجيش السوري الحر إلى تلك القرى واتخذها مقرات له، مساندا للفصائل الكردية.
وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته: "التنظيم هاجم تلك القرى ويحاول السيطر عليها بشكل محكم؛ لجعلها ضمن سيطرته لكونها متاخمة لمناطق نفوذ الفصائل الكردية، مثل قرية أم جلود، والعدوانية، والخويرة، بحجة محاربته للواء الجهاد الذي يساند تلك الفصائل بحربه التي يخوضها ضدها".
وأوضح المصدر أن "التنظيم أبلغ سكان القرى بإخلائها، وأعلنها منطقة عسكرية مغلقة حتى إشعار آخر، مؤكدا وقوع العشرات من القتلى والجرحى من أبناء المنطقة خلال مواجهتهم للتنظيم".
وأشار إلى أن تنظيم الدولة اعتبر كل من قاتل قي صفوف لواء الجهاد من أبناء عشائر البدو هم مرتدين وهدف واضح له، وأنه يجب ملاحقتهم محاسبتهم، وبهذا يكون التنظيم قد أعلن الحرب، وأدخل أبناء العشائر في مواجهته لتنتقل معركته من مقاتلة الفصائل إلى مقاتلة أبناء العشائر، على حد تعبيره.
وتابع المصدر أنه "ما كان لهذه المعارك الطاحنة التي تشهدها المنطقة إلا أن تخلف ورائها الكوارث الإنسانية التي لا يجني ثمارها سوى المدنيين الذين يسكنون تلك القرى، حيث أنهم لم يجدوا أمامهم إلا التوجه نحو الأراضي التركية بحثا عن ملاذ آمن لهم".
إلى ذلك وجه ناشطون وحقوقيون حملة من الشريط الحدودي لسوريا مع تركيا، جاء في نص رسالة الحملة التي نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"تويتر": " اليوم أن ألف من السوريين يتجمعون بالقرب من الحدود التركية، فارين بحياتهم من آلة القتل والحرب المستمرة في سوريا"، وخصت الحملة أهالي منطقة تل أبيض، ومنطقة غرب رأس العين التابعة لمحافظة الحسكة الذين هم ضحايا الحرب الدموية، بحسب الحملة.
ودعت الحملة منظمات المجتمع المدني، والحكومة التركية، وكافة الجهات المختصة أن يتحملوا مسؤولياتهم من أجل ضمان دخول آمن للمدنيين الفارين، طبقا لمبادئ القانون الدولي، وأن يتم التعامل معهم باحترام والحفاظ على حقوقهم.
وتحدث الناشط الحقوقي مصطفى الحميدة أحد منظمي الحملة وهو مقيم في مدينة أقجة قلعة "Akçakale" التركية المقابلة لمدينة تل أبيض السورية ، لصحيفة "
عربي 21"، أن "منطقة تل أبيض الحدودية مع تركيا شهدت في الأيام القليلة الماضية تدفق النازحين من قرى الواقعة في منطقة غرب رأس العين، وشرق مدينة سلوك وغرب مدينة تل أبيض كــ المبروكات، والعالية، والراوية، وحشيشة بسبب احتدام حدة المعارك بين تنظيم الدولة من جهة، ووحدات حماية الشعب "YPG" التابعة للإدارة الذاتية، وفصائل المعارضة السورية من جهة أخرى، بالإضافة إلى الغارات التي نفذها طيران التحالف الدولي في الآونة الأخيرة".
وقال الحميدة: "أقدر عدد النازحين بأكثر من 10 آلاف، الذين يتواجدون الآن على الحدود السورية التركية في منطقة شرقي تل أبيض، وقد تم إدخال ما يقارب الـ 800 شخص بعد أن وافقت الحكومة التركية على إدخالهم، وجاء ذلك بعد أن توجهت وسائل الإعلام التركية العالمية بالقرب من تجمع النازحين من الجانب التركي، ولا يزال الآلاف عالقين خلف الأسلاك الحدودية".
وأكد الحميدة أنه "خلال حديثه مع بعض النازحين الذين تمكنوا من الدخول إلى الأراضي التركية، أنهم تعرضوا للضرب والإهانة، وتم إطلاق الغاز المسيل للدموع من قبل حرس الحدود التركي لإبعادهم عن الشريط الحدودي كلما حاولوا الاقتراب منه".
ويرى ناشطون مراقبون أن "سبب النزوح الغير مسبوق بهذه الأعداد هو إقدام الفصائل الكردية على تهجير العرب من قراهم ومدنهم، حيث أنهم أقدموا على تهجير 33 قرية من سكانها، والتي يقدر عددهم بـ 150 ألف شخص جنوب منطقة رأس العين مثل قرية المبروكة، والعزيزية، والعالية، وأبو راسين وعدة قرى أخرى، بعد الاستيلاء على ممتلكاتهم العامة والخاصة، بالإضافة إلى المحاصيل الزراعية".