كعادته في أغلب زياراته الخارجية، اصطحب قائد الانقلاب، عبد الفتاح
السيسي، عددا كبيرا من الإعلاميين المؤيدين له في زيارته الأخيرة لألمانيا لمساندته في مواجهة معارضيه والرأي العام الغربي.
لكن تصرفات الإعلاميين المصاحبين للسيسي تسببت في "فضيحة" تحدثت عنها وسائل الإعلام العالمية والمصرية، حتى إن حازم حسني أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة وصف المشهد بأنه "مسخرة محلية في محفل دولي".
وبدأ السيسي زيارته لبرلين الأربعاء وسط أجواء مشحونة، حيث واجه احتجاجات كبيرة من مناهضي الانقلاب، تزامنت مع هجوم إعلامي وحقوقي ألماني بسبب قمع المعارضة في
مصر.
صحفيون مصفقون
وفي مشهد غير معتاد في أي حدث مماثل، شهد المؤتمر الصحفي بين السيسي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الأربعاء، تنافسا بين الصحفيين المصريين في التصفيق لقائد الانقلاب عقب كل جملة ينطق بها، الأمر الذي جعل علامات الدهشة والاستغراب تبدو على وجه ميركل.
ووصفت قناة "دويتشه فيله"، الألمانية تصفيق الصحفيين المصريين بأنه خروج عن المألوف، مضيقة أنهم صفقوا كثيرا للسيسي حتى إن المسؤولين الألمان بذلوا جهودا كبيرة لمنعهم من التصفيق وإعادة الهدوء للقاعة.
وانتقد الإعلامي المؤيد للانقلاب "سيد علي" تصفيق الصحفيين، قائلا خلال برنامجه على قناة "العاصمة" مساء الأربعاء: "اللي حصل ده عيب، مفيش صحفي بيصفق في مؤتمر، مشفناش الكلام ده قبل كده في أي مكان، كده بنخلي الغرب يشعر إننا بنخلق فرعون أو هتلر جديد".
وعندما هاجمت إحدى الصحفيات المصريات قائد الانقلاب وهتفت "السيسي قاتل.. السيسي فاشي"، سارع الصحفيون المصريون بالهتاف بشكل جماعي للسيسي بغرض التشويش عليها.
وتعليقا على هذا الموقف، قالت "دويتشه فيله" إن هذا التصرف كان ثاني أخطاء الصحفيين المصريين، وأشارت إلى أنهم هتفوا بصوت مرتفع وأشاروا للصحفية بغضب شديد، بما لا يتناسب مع وظيفتهم.
اتهامات للأتراك والسوريين
وادعى الإعلاميون وائل الإبراشي ومصطفى شردي ويوسف الحسيني وغيرهم، أن حشود المتظاهرين ضد السيسي في برلين لم تكن من المصريين، وأن الإخوان يدفعون أموالا للسوريين والأتراك للمشاركة في هذه الوقفات.
وهاجم الإعلامي المؤيد للانقلاب أحمد موسى الإعلام الألماني، مدعيا أنه إعلام منحاز للإخوان بشكل واضح بسبب تقاضيه أموالا لانتقاد السيسي.
وشاركت صحيفة "الوطن" في التضليل ونشرت صورا قديمة لمؤيدي السيسي أثناء زيارته لنيويورك العام الماضي، على أنها صور حديثة لوقفات تأييد قائد الانقلاب في برلين.
وكانت خمس قنوات مصرية، هي دريم والمحور والنهار و"أون تي في" و"سي بي سي"، قد نظمت بثا مشتركا لتغطية زيارة السيسي لألمانيا.
فشل مهني ذريع
وخلال المؤتمر اختار المتحدث باسم رئاسة الجمهورية علاء يوسف، مندوبا صحيفة الأهرام والتليفزيون المصري لطرح السؤالين المخصصين للجانب المصري، لكن السؤالين جاءا في غاية الضعف، مقارنة بأسئلة الصحفيين الألمان التي امتازت بالقوة والجرأة.
وطالب مراسل التلفزيون المصري أنجيلا ميركل بإقناع الأوروبيين بأن ما حدث في مصر في تموز/ يوليو 2013 كان ثورة وليس انقلابا، فردت ميركل على سؤاله الغريب بقولها إن المصريين - وليس ألمانيا - هم الذين يجب أن يقوموا بدورهم ويقنعوا العالم بصحة موقفهم!
أما مندوب الأهرام، فاكتفى بتوجيه الشكر للسيسي عدة مرات لأنه يسافر كثيرا للخارج من أجل صالح الشعب المصري.
وتعليقا على هذه الأسئلة، فقد انتقد الإعلامي محمد شردي زميليه، وقال إنهما أحرجا مصر كلها بما فعلاه في المؤتمر، مطالبا بأن "يتولى مراسلو القنوات الخاصة توجيه الأسئلة في المؤتمرات المقبلة".
يأتي هذا بينما وجه الصحفيون الألمان أسئلة قوية ومحرجة للسيسي وميركل، حول أوضاع تدهور حقوق الإنسان وغياب الديمقراطية والعدالة في مصر وأحكام الإعدام بحق السياسيين.
واستكمالا للفشل المهني، فقد عرض التلفزيون المصري تقريرا حول زيارة السيسي لبرلين مصحوبا بخريطة للولايات المتحدة وليس ألمانيا!
ورفضت مترجمة التليفزيون المصري ترجمة سؤال ألماني للسيسي حول الإطاحة بالرئيس محمد
مرسي، ثم أنهت المترجمة حديثها - بزلة لسان - حينما قالت إن "فخامة الرئيس مرسي" لديه برنامج حافل في برلين غدا الخميس!
"موسى" يرقص
وفي مشهد غريب، شارك المذيع المصري أحمد موسى، عددا من الفنانين في الرقص على أنغام أغنية "تسلم الأيادي" أثناء وقفة في برلين تأييدا لقائد الانقلاب.
وتداول نشطاء صورا للإعلاميين وهم يحملون صور السيسي ويهتفون له، في بُعد تام عن دورهم المفترض في نقل وقائع الزيارة بشكل حيادي.
وإزاء كل هذا النفاق والتضليل والفشل، وصف البرلماني السابق "زياد العليمي" - عبر "تويتر" - متابعة الإعلام المصري لزيارة السيسي لألمانيا بأنها "تشبه تغطية إعلام كوريا الشمالية لمشاركة منتخب بلادهم المزعومة في كأس العالم السابق"، في إشارة لكذب الإعلام الكوري على الشعب وإيهامهم - على خلاف الواقع - أن فريقهم يلعب في البطولة ويحقق انتصارات متتالية ويحصل على الكأس.