نشرت صحيفة
إلموندو الإسبانية تقريرا حول احتدام الصراع بين
الإصلاحيين والمحافظين داخل المجتمع
الإيراني، خاصة مع اقتراب موعد التوصل لاتفاق نووي، سيعني بالنسبة للشعب الإيراني نهاية 36 سنة من العزلة الدولية، ونقلت فيه حيرة المجتمع الإيراني بين تطلعاته نحو حياة أفضل والضغوطات التي يمارسها عليه رجال الدين.
وذكرت الصحيفة، في التقرير الذي أعدته زاهدة ممباردو، واطلعت عليه "
عربي21"، أن أحد رجال الدين المتنفذين أعلن مؤخرا أن عدم ارتداء نساء إيران للحجاب بالطريقة المحددة بدقة يشكل تهديدا "للجمهورية الإسلامية" وللأسس التي تقوم عليها، معتبرا أن خضوع المرأة والمجتمع بشكل عام لرجال الدين يضمن لهم تواصل سلطتهم بحسب الصحيفة.
وقالت الصحيفة إن الرئيس حسن روحاني يحاول مواجهة التيار الديني بما لديه من صلاحيات، وكان قد أكد في عدة مناسبات على ضرورة "ترك النساء في سلام"، وعدم التدخل في شؤون الإيرانيين، بينما يدور الصراع في إيران حاليا بين معسكرين يحملان أفكارا متناقضة: فالتيار المحافظ يفضل الانغلاق ومعاداة الغرب ومراقبة الشعب الإيراني، والتيار الإصلاحي يفضل الانفتاح على العالم، ومنح المزيد من الحريات، وهذه الآراء المتناقضة تؤشر على وجود أزمة هوية تعصف بالمجتمع الإيراني.
وذكرت الصحيفة أن ثورة 1979 أدت لإرساء نظام سياسي قطع العلاقات مع الغرب بشكل حاسم، وأسس لحكم متشدد مبني على سلطة رجال الدين، ولكن السؤال الذي يطرح داخل المجتمع الإيراني اليوم هو: كيف يمكن الاستجابة لتطلعات الشباب من الجيل الجديد، الذي يطمح لتعليم أفضل وحرية أكثر، في ظل وجود نظام سياسي يسيطر عليه رجال الدين؟
ونقلت الصحيفة عن سارة، وهي مهندسة تبلغ من العمر 26 سنة، أنها تؤمن بقيم الثورة، وتعتقد أن الحكومة مطالبة بالالتزام بأهداف هذه الثورة، ولكنها تعتبر أن الحديث عن ثورة إسلامية ونهضة اجتماعية لا يصح في ظل انتشار البطالة في صفوف الشباب وتعرضهم للتهميش.
واعتبرت الصحيفة أن تصريحات سارة تؤشر على حالة عدم الرضا في صفوف الشباب المحافظ والمنفتح على حد سواء داخل المجتمع الإيراني، بسبب معاناتهم خلال السنوات الماضية، وهي معاناة يمكن أن تتقلص جزئيا في حال رفق العقوبات الاقتصادية وانتعاش الاقتصاد الإيراني.
وأضافت الصحيفة -نقلا عن سارة- أن "الحضور الديني قوي جدا في إيران، ما يعيق تحقيق تطلعات الشباب فيما يخص الحرية والمساواة والازدهار الاقتصادي".
كما نقلت عن الفتاة تارون، وهي مترجمة لغة إنجليزية، أن التعايش بين أفكار رجال الدين وتطلعات الشباب صعب جدا في المرحلة الحالية، لأن الجيل الجديد لم يعد متعلقا كثيرا بالقيم التي يتبناها الجيل السابق، ويظهر ذلك جليا في حدائق طهران وشوارعها؛ حيث بدأت مظاهر تقليد الغرب في اللباس والسلوك تنتشر بعد أن كانت شيئا نادرا في السابق، وأصبح الكثيرون يعتبرون ذلك تطورا طبيعيا للمجتمع لا يمكن لأي سلطة إيقافه.
وقالت الصحيفة إن هذه الشابة الإيرانية -تارون- كانت تجلس مع شاب اسمه رضا على مقعد خشبي في منتزه في طهران، ويعتقد رضا أيضا "أن أحفاد أولئك الذين ثاروا ضد الشاه قبل 36 سنة، أصبحت لديهم اهتمامات جديدة، مثل الاستقلال المالي والعيش بحرية، بعيدا عن الإكراهات التي تفرض عليهم باسم الثورة.
وذكرت الصحيفة أن القانون الإيراني يمنع بشكل صارم شرب الكحول وممارسة القمار أو العلاقات غير الشرعية، ونقلت عن مصطفى، وهو مهندس متدين، قوله: "أنا أرفض الكثير من وسائل الترفيه الغربية، لكن لا أعتبر أنها تشكل خطرا على النظام القائم، رغم أن الجيل الجديد لا يتبنى القيم الدينية التقليدية ذاتها".
وأشارت الصحيفة إلى أن العديد من الملاحظين يتوقعون أن تلعب مواقع التواصل الاجتماعي والمبادلات التجارية دورا هاما في أخذ إيران نحو الانفتاح بعد رفع العقوبات، إلا أن ملاحظين آخرين يرون أن الإنترنت والأفكار الجديدة لن تنجح في زعزعة النظام القائم أو تعويض القيم التقليدية.
كما قالت إن الحالمين بتراجع سطوة الحرس الثوري الإيراني اصطدموا بتزايد شعبيته في الأشهر الأخيرة، بفضل المعارك التي يخوضها في العراق ضد تنظيم الدولة، ما يضمن تواصل نفوذه السياسي الذي يمارسه على القرار السياسي في إيران.
من جهة أخرى، رأت الصحيفة أنه من بين العوامل التي مكنت النظام الإيراني من البقاء والتمسك بقيم الثورة الإيرانية، هو الخطاب العدائي والعقوبات ولهجة التهديد التي يتعامل بها الغرب مع هذه الجمهورية، وخاصة الولايات المتحدة، وهو ما يعني أن رفع العقوبات وذوبان الجليد بين البلدين سيحرم النظام من ورقة حشد التأييد الشعبي لمواجهة "العدو الغربي".
وهو ما أكدته، بحسب الصحيفة، تحركات بعض
المحافظين في إيران والولايات المتحدة من الذين يفضلون تواصل العداء بين الجانبين؛ لأن ذلك يضمن مصالحهم. فقد تعالت الاحتجاجات في البرلمان الإيراني والاتهامات للمفاوضين الإيرانيين بأنهم يقدمون تنازلات كبيرة في جنيف، ويتجاهلون الخطوط الحمراء التي رسمها المرشد الأعلى.
للاطلاع على التقرير الأصلي، انقر
هنا