نشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا عن الدور الذي تؤديه سلطنة
عُمان في السياسة الإقليمية والدولية.
وجاء في التقرير، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، أنه "عادة ما يستخدم حكام الخليج مصطلح الخصوصية لتبرير سياساتهم. فهم يستخدمونه لوصف الطابع الثقافي المتميز، ولرفض إجراء إصلاحات سياسية واجتماعية. وهو مثل النظرة الاستثنائية في أمريكا، وقد تحولت الخصوصية إلى (كليشيه) في الشرق الأوسط، ويرى البعض أنها في عُمان تعبر عن سياسة مستقلة في الشؤون الخارجية".
وتبين المجلة أن خصوصية عُمان تنبع من موقعها الجغرافي وظروفها، وتقول إن السلطنة "تجلس على الطرف الجنوبي الشرقي من شبه الجزيرة العربية، وتحيط بعُمان دول تعيش حربا طائفية باردة، وتندفع إلى التدخل في شؤون بعضها. ولكن السلطنة الصغيرة لديها سياسة عدم التدخل، وفي الوقت ذاته تتوقع من الآخرين احترام سيادتها".
ويورد التقرير مثالا على ذلك "علاقتها مع دول مجلس التعاون الخليجي، الذي تعد عضوا فيه. فقد قاومت عُمان تحويل الكتلة المكونة من ست دول إلى اتحاد سياسي واقتصادي كامل، الذي تخشى أن تسيطر عليه السعودية، ومالت إلى عدم المشاركة في مغامرات المجلس العسكرية، مع أنها اقترحت ذات مرة تشكيل جيش موحد. ولم يشارك جنود عُمان المسلحون جيدا بقوة ردع الخليج، التي سحقت المتظاهرين في البحرين عام 2011، ولم تشارك عُمان في الغارات سواء في سوريا أو في اليمن".
وتستدرك المجلة بأنه بالرغم من هذا كله "فلا يكن لعُمان تجاهل جيرانها بالكامل؛ لأن معظمهم لديه نفط، وتعتمد عمان على الذهب الأسود بنسبة 80% من دخلها القومي، ولهذا انتقدت السعودية لإبقائها على أسعار
النفط منخفضة، وحثت بقية الدول الأعضاء في منظمة أوبك على تخفيض عمليات الإنتاج (عُمان ليست عضوا في الأوبك). واعتمدت أيضا على مجلس التعاون الخليجي لتقديم الدعم كي تؤمن الوظائف وتدفع الرواتب العالية، ردا على ثورات عام 2011".
ويشير التقرير إلى علاقتها مع
إيران، ويقول: "في المرحلة الأخيرة عززت عُمان علاقاتها مع إيران. فقد طلب الحاكم المستبد السلطان
قابوس من إيران الدعم لسحق تمرد دعمه الشيوعيون في السبعينيات من القرن الماضي، وذلك في إقليم ظفار، وها هو الآن يرغب بالاعتماد على الغاز الإيراني، في الوقت الذي تجف فيه احتياطات عُمان من الغاز الطبيعي. واتفق البلدان على بناء خط غاز يوفر احتياجات عُمان، ويسمح لها بتصدير جزء منه".
وتقول المجلة: "يعتقد أن عُمان هي مصدر بعض البضائع المهربة إلى إيران، ولكن التجارة غير المشروعة قد تتوقف وتستبدل بتجارة شرعية مربحة، في حال توصلت إيران إلى اتفاق نووي مع الغرب. ويمكن إرجاع نجاح المفاوضات حول الاتفاق إلى محاولات السلطان قابوس الناجحة في عام 2011، للإفراج عن بحارة أمريكيين اعتقلتهم إيران. وبعدها عرض استقبال محادثات سرية بين البلدين. وقادت هذه المحادثات إلى الاتفاق المبدئي في 2013".
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن "العُمانيين يفتخرون بدور بلدهم كونه وسيطا. وقد دعم السلطان محاولات مصر توقيع سلام مع إسرائيل، رغم معارضة بقية الدول العربية. والآن تدفع عُمان باتجاه تحقيق السلام في اليمن، الذي تشاركه حدودا طويلة ومراقبة".
وتجد المجلة أن هذا كله لا يعني عدم وجود مشكلات "فالتهديد لاستقرار العُمانيين نابع من داخل البلاد. فقد تلقى السلطان العلاج في ألمانيا، بدءا من تموز/ يوليو العام الماضي ولمدة ثمانية أشهر، ما أجبر العُمانيين على تخيل الحياة دونه، وهذا أمر ليس سهلا. فقد حكم لمدة 45 عاما، ولا يوجد وريث له، ويحتل مناصب مهمة في الحكومة".
وتخلص "إيكونوميست" إلى أنه بناء على ما تقدم فإن "حاكم عُمان المقبل سيكافح للحصول على الشرعية، فيما سيواجه مطالب لتحقيق إصلاحات من بلد غالبية سكانه من الشباب. ومن هنا فإن الاستقرار في الخارج قد يكون آخر اهتمامات السلطان الجديد".