ليبراسيون: إعدامات داعش في تدمر سعي لصياغة تاريخ جديد

"إلى جانب استراتيجيتها الإعلامية المرعبة، بات تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام يوظف رمزية المآثر التاريخية كذلك"، هكذا وصفت صحيفة " ليبيراسيون" الفرنسية عملية إعدام 20 سجينا، صباح الخميس، والتي تمت داخل المسرح الروماني القديم لمدينة تدمر بعد أسبوع من سيطرة التنظيم عليها.
 
وأفاد المقال التحليلي على صحيفة " ليبيراسيون"، الذي اطلعت عليه "عربي 21"، أن تنظيم الدولة لا يرمي عبر "جريمة الحرب الجديدة" وفق تعبير الصحيفة، إلى التنكر للتاريخ الأثري للمدينة ولكنه يسعى إلى صياغة تاريخ جديد بأسلوبه الخاص، ما يدل على قدرة التنظيم على ارتكاب مجازر في نفس الأماكن التي ترمز لعظمة وهيمنة الثقافتين اليونانية واللاتينية سابقا.
 
وأفاد التقرير التحليلي، أن تنظيم الدولة يريد إيصال رسائل إلى الغرب عبر إعدام السجناء، وجعلهم مجرد مرتزقة للغرب وحليفه بشار الأسد، وهي الخطوة التي تسمح بتوحيد الجماعات المقاتلة الأخرى التي تتردد في الانضمام لتنظيم الدولة وعلى رأسها " جبهة النصرة".
 
ويرى كاتب المقال، جون بيير بيران ومؤلف الروايات البوليسية، أن تنظيم الدولة اختار هذه الطريقة الاستفزازية، وجعل من المسرح الأثري ذي الألفي عام، مسرحا لعمليات إعدام، حتى يعطي " المذبحة" بعدا إعلاميا ضخما، مع ما للمكان من شهرة، إلى جانب ظهوره على مجموعة من الملصقات والدلائل السياحية، باعتباره وجهة سياحية لأزيد من 150 ألف سائح سنويا، قبل الحرب الأهلية التي اندلعت في سوريا عام 2011 .
 
وأكدت الجريدة، أنه عبر هذا الإعدام الرمزي في المسرح الأثري، يتم إعطاء صورة قوية حول قدرة تنظيم الدولة على مواجهة القوى الاستعمارية السابقة، وجذب متطوعين جددا، ليعلن زعيم " جبهة النصرة" أبو محمد الجولاني، بالمقابل، أنه لا ينوي مهاجمة الغرب.
 
وأفادت الصحيفة الفرنسية، أن "سيافي" تنظيم الدولة نفذوا عمليات الإعدام في حق من أسمتهم الجريدة " الضحايا"، بتهمة القتال إلى جانب نظام الأسد، وفق المعلومات الواردة عن المرصد السوري لحقوق الإنسان المتمركز في لندن البريطانية.
 
وأوردت الصحيفة، أن منظمة "اليونيسكو" إلى جانب علماء الآثار متخوفون من قيام تنظيم الدولة بتدمير الموقع الأثري التاريخي. كما سبق لهم ودمروا تمثال النمرود والتماثيل الآشورية في متحف الموصل.
 
وقال التقرير إنه ومنذ سقوط تدمر يوم 21 أيار/ ماي الجاري، بعد معارك دامية استمرت تسعة أيام وسقط خلالها أزيد من 400 جنديا، وفق عدد من المصادر السورية، نفذ تنظيم الدولة 217 إعداما على الأقل في حق نساء وأطفال بتدمر والمناطق المحيطة بها.