شنت السلطات السويسرية حملة اعتقالات غير عادية، الأربعاء، في صفوف مسؤولين كبار في الاتحاد الدولي لكرة القدم "
فيفا"، حيث سيتم تسليمهم للولايات المتحدة بتهم تتعلق بالفساد.
ومن المتوقع أن توثر هذه الفضيحة على مسير الانتخابات المقبلة لرئاسة فيفا، بشكل يؤثر سلبا على رئيس الاتحاد الحالي والمرشح لفترة رئاسية جديدة، جوزيف
بلاتر، لا سيما أن نائبه جيفري ويب من بين المسؤولين المعتقلين.
وينافس بلاتر على رئاسة "فيفا"، الأمير الأردني علي بن الحسين، الذي يوجه اتهاماته للسويسري بلاتر بأنه حوّل "فيفا" إلى "ضيعة خاصة".
وتأتي هذه الاعتقالات قبل يومين فقط من اختيار رئيس جديد للفيفا، في انتخابات يتنافس فيها السويسري بلاتر الذي يرأس الاتحاد الدولي لكرة القدم منذ 1998، ونائبه الأردني
الأمير علي بن الحسين.
لكن المراقبين قالوا إن فرص الأمير علي تبدو أقل من منافسه بلاتر الذي تزعم الاتحاد العالمي لمدة تزيد على 17 عاما، وبخاصة أن العديد من الاتحادات الأهلية أبدت دعمها للرئيس الحالي فيفا.
وقال المحلل الرياضي الأردني، عوني فريج، لـ"
عربي21" إن هذه الفضيحة، "متوقعة" و"هي عبارة عن حلقة في سلسة فضائح
الفساد التي تعصف بالاتحاد، التي يعاني منها منذ سنوات طويلة".
وانتقد فريج فترة رئاسة بلاتر التي استمرت لسنوات طويلة شابها قضايا فساد وفضائح رشاو، واستنكر أن "يقاد اتحاد عالمي بمثل هذه العقلية القائمة على التآمر والرشوة والفساد"، على حد قوله.
واستدرك بأن عامل النزاهة ما زال موجودا، والدليل هو اعتقال المشتبه بهم في قضايا الفساد، في الفضيحة الجديدة، مبديا تفاؤله بأن تتم ملاحقة المتورطين من المسؤولين في القضايا الأخرى.
ويرى فريج أن الفضيحة الجديدة ربما قد تصب في صالح الأمير الأردني، في حال أعادت الاتحادات الأهلية النظر في دعمها لبلاتر، حيث أعلن الكثير منها موقفها المسبق في دعم الرئيس الحالي.
وقال إن "الفضيحة تدفع نحو تغيير المواقف لصالح الجهة التي تدعو إلى إصلاح الاتحاد، التي تتمثل في الأمير علي، حرصا على مسيرة الاتحاد وكرة القدم على المستوى العالمي"، ولكنه أبدى أسفه من أن الأمور قد تكون قد حسمت مسبقا، عن طريق الرشاوى التي قدمت إلى الاتحادات الأهلية التي هي أصلا بحاجة إلى التمويل.
وأضاف: "لا نستطيع الجزم بنتيجة الانتخابات تماما، ولكن نعول على أن تغير الاتحادات الأهلية من موقفها، وبخاصة أن قضية الاعتقالات الأخيرة سبقت الانتخابات قبل يومين من الانتخابات".
فرص الأمير علي
يتضمن البرنامج الانتخابي الذي كشف عنه الأمير علي سلسلة من الانتقادات لبلاتر، منها أن الاتحادات الوطنية أصبحت معتمدة على "موافقته الشخصية"، وأن عائدات دورات كأس العالم توزع "نزولا عند رغبة رئيس الاتحاد".
ويرى مدير البرامج الرياضية في التلفزيون الأردني، محمد قدري حسن، في تصريحات لـ"
عربي21" أن الأمير علي يعد منافسا قويا لبلاتر، خصوصا أن الاتحادات الأوروبية تدعم مشروعه الإصلاحي في فيفا، ووجوده ضروري لمحاربة المحسوبية والفساد الذي يلف الاتحاد.
وقال إن الأمير علي لديه فرص جيدة، وأنه مستعد لأي نتيجة تنتهي إليها الانتخابات.
ويحذر الأمير علي في برنامجه من أنه ينبغي "اتخاذ خطوات عاجلة" لاستعادة مصداقية "فيفا"، عقب اتهامات الفساد التي وجهت إليه بعد منح روسيا وقطر حق تنظيم دورتي كأس العالم لعامي 2018 و2022.
وكان الأمير الأردني قال عندما أعلن ترشحه في شباط/ فبراير الماضي، إن "جوا من الترهيب" يسود الاتحاد، وإن الخوف من خسارة الحظوة لدى بلاتر قد يؤثر على الكيفية التي سيصوت بها ممثلو الاتحادات الوطنية في انتخابات الشهر المقبل، التي ستجرى في مدينة زوريخ السويسرية.
وقال: "هناك شعور بالخوف بلا شك، وعلي أن أكون صريحا في ذلك".
وأوضح أن "السبب في ذلك يعود إلى أن العديد من الاتحادات الوطنية حول العالم تعتمد إلى حد كبير على تمويل فيفا".
اعتقالات مسؤولين في فيفا
وفي التفاصيل، دخل 12 رجل أمن سويسري بزي مدني، إلى الفندق الذي يتجمع فيه أعضاء المكتب التنفيذي تمهيدا لانتخاب رئيس للاتحاد الجمعة، وشوهدوا وهم يقتادون أحد المسؤولين في "فيفا" إلى خارج الفندق.
وقالت السلطات السويسرية إنها اعتقلت ستة مسؤولين من بين عشرة على لائحة اتهام لديها، بعضهم غير موجود في زيوريخ. ومن بين هؤلاء جيفري ويب من جزر كايمان، وهو نائب رئيس اللجنة التنفيذية للفيفا.
وتشمل القائمة الأوروغواني يوجينيو فيغيريدو، الذي يشغل منصب نائب الرئيس التنفيذي، وكان رئيس اتحاد كرة القدم في أمريكا الجنوبية حتى وقت قريب.. بالإضافة إلى جاك وارنر من ترينيداد، وتوباغو، وهو عضو سابق في اللجنة التنفيذية، واتهم بالعديد من الانتهاكات الأخلاقية.
ومن ضمن التهم الموجهة لهؤلاء المسؤولين على مدى العقدين الماضيين، تلقي رشا بخصوص استضافة بعض الدول لبطولة كأس العالم، وكذلك تمرير صفقات تتعلق بالتسويق وحقوق البث التلفزيوني للمباريات.
وتشمل التهم أيضا الاحتيال والابتزاز وغسل الأموال. وقال مسؤولون سويسريون إنهم استهدفوا أعضاء اللجنة التنفيذية للفيفا، التي تتمتع بقوة هائلة، وعادة ما تحاط أعمالها بالسرية إلى حد كبير.
وتعد حملة الاعتقالات ضربة مفاجئة وقوية للاتحاد الدولي لكرة القدم، الذي يعد من المنظمات الأكثر ثراء في العالم، ويتحكم بالرياضة الأكثر شعبية عالميا، وقد راجت اتهامات فساد كثيرة ضده في الآونة الأخيرة.