بدأت سلطنة
عمان في التحرك السياسي للبحث عن مخرج مناسب للأزمة
اليمنية، وردم الهوة بين جماعة الحوثي والسعودية التي تقود عمليات عسكرية ضد الجماعة المدعومة بوحدات عسكرية موالية للرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح منذ آذار/ مارس الماضي، كما أنه من الصعب التكهن بفشل المساعي العمانية في الشأن، وفقا لمحللين.
في هذه الأثناء، تجري مسقط التي يزورها وفد من جماعة الحوثي مباحثات سياسية مع أطراف يمنية أخرى، برعاية أمريكية وبدعم من طهران، باعتبار الحوثي الورقة الرابحة لها في المنطقة، وتحاول المشاركة بقوة في هذه المفاوضات كمنقذ كلما ضاقت الحلقة على رقبة حليفها في اليمن جماعة الحوثي محليا وإقليميا.
مع الحديث عن الدور العماني يبدو أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد تحركات مكثفة من السلطنة، ومن المرجح أن تتقدم السلطنة بمبادرة لحل الأزمة في اليمن، وفقا لمراقبين.
وستركز المبادرة العمانية التي ترعاها واشنطن والمدعومة من طهران وسط حضور روسي لافت، على تحقيق هدنة على الأرض، ومن ثم الانتقال إلى المفاوضات بين الأطراف اليمنية لإنهاء الأزمة الجارية.
وتمارس عمان حاليا مهمتها المعروفة بالبحث عن حل للملف اليمني الشائك، غير أنها لن تعمل بالضرورة على لجم مطامع الحوثيين وتحجيم سقف مطالبهم المفتوح، بل من المتوقع أن تنتهي العملية إن كتب لها النجاح، بتنفيذ مطالب تحفظ للحوثيين ماء الوجه، طبقا لما يقول سياسيون.
يرى متتبعون للشأن اليمني، أن الحوثيين سيطرحون في بادئ الأمر أن تكون المفاوضات في دولة أخرى"، ولتكن السلطنة التي لم تشارك في عمليات التحالف، هي العاصمة التي ستستقبل هذه المفاوضات، بمشاركة وضمانات دولية".
وفد الحوثي يحاول كسر العزلة
يعتبر الباحث في الشأن الخليجي والسياسة الإيرانية عدنان هاشم أن "الحوثيين احتاجوا لكسر العزلة الإقليمية المفروضة عليهم ، للتواصل المباشر مع الإيرانيين من أجل وضع خطة، أو مسودة اتفاق، تقدم عبر الوسيط العماني والروسي لخصمهم السياسي حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي وللتحالف الذي يساندها، قبل الوصول إلى جنيف الذي تم تأجيل مؤتمره".
وقال في تصريح خاص لـ"عربي21" أن "الحوثيين طرحوا مشاركة طهران في مؤتمر جنيف، وهو مستحيل، لذلك يتباحثون في العاصمة العمانية مسقط من أجل التشاور حول الحلول المناسبة، للورطة التي جرى توريطهم فيها في اليمن".
وأوضح هاشم أنه "يجري حاليا وضع مقترحات بتشكيل مجلس رئاسي برئاسة علي ناصر الرئيس الأسبق لدولة جنوب اليمن، وهو ما يحبذه
الحوثيون، وتعارضه الشرعية والمتحاورون في بيان إعلان الرياض".
وأكد الباحث في الشأن الخليجي أن "المجتمعين في سلطنة عمان يريدون حلاً سريعا مع اشتداد ضربات التحالف على جماعة الحوثي، وانكشاف عوار إيران الإعلامي، وبالتالي عليهم أن "يتجرعوا السم" مرة أخرى في اليمن".
ولفت الباحث اليمني في السياسية الإيرانية أن "هناك مبادرة سرية يتم التباحث حولها، قد تطرحها روسيا وعمان على طاولة المفاوضات، ليس لها علاقة بالملف اليمني، بل يتم مقايضته بالملف السوري مقابل اليمن، أو العكس، منوها إلى أنه إذا "استمر التحالف بهذا الشكل، قد تخسر إيران كل شيء، لكن إذا حدث انضمام تركي لهذا الحلف، الذي لاشك سيغير اللهجة
السعودية تجاه الحوثيين، من طرف يمكن تحمله في المراحل المقبلة، إلى طرف منبوذ كعلي عبدالله صالح وعائلته، ومن شأن ذلك أن يجعل الخيارات أكثر ضيقاً على الحوثيين".
إعلان مماثل لإعلان الرياض
وتذهب بعض التحليلات السياسية إلى أن الوفد الحوثي الذي غادر العاصمة اليمنية صنعاء مطلع قبل أيام، على متن طائرة عمانية إلى العاصمة مسقط يسعى للخروج من المفاوضات التي تجري حاليا بحضور روسي، بإعلان مماثل لمؤتمر" إنقاذ اليمن" الذي عقد في الرياض في 17 من أيار/ مايو الجاري.
إلا أن متابعين يمنيين نشروا مسودة غير نهائية للمفاوضات التي يعقدها وفد الحوثي في السلطنة، ومنها "إيقاف الحرب الدائرة في الداخل اليمني بما فيها عمليات التحالف العربي على مراحل، بما لا يزيد عن شهر من الاتفاق بصيغته الأولية، والإيقاف الفعلي والكلي فور التوقيع النهائي عليه".
في المقابل، يتم وقف التهديدات المتبادلة عسكريا وأمنيا من أطراف الصراع، وإيقاف دعمها، مع ضمان وقف التدخلات الإيرانية والسعودية في شؤون اليمن الداخلية.
كما نصت المسودة التي جرى تداولها في أوساط سياسية واطلعت عليها "عربي21" أن "يلتزم
الحوثيون وبصورة رسمية باتفاقيات الحدود المبرمة بين اليمن والسعودية، في 2001 إبان حكم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، وإغلاق هذا الملف بصورة نهائية سياسيا وإعلاميا".
في هذا السياق، علمت "عربي21" من مصادر سياسية يمنية أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي في المباحثات الجارية في عاصمة سلطنة عمان مسقط ، بل ما تزال عملية التفاوض محصورة على وقف إطلاق النار من جميع الأطراف بما فيها قوات التحالف".
وأضافت المصادر لـ"عربي21" أن انضمام روسيا إلى طاولة المفاوضات في مسقط، قد يؤسس لتسوية سياسية مبدئية للأزمة اليمنية، لكنه من الصعب التكهن بنجاحها نظرا لتعقيدات الملف اليمني".
وقالت المصادر أن "المفاوضات التي يجريها وفد من جماعة الحوثي برعاية عمانية، إن كتب لها النجاح، ووافقت عليها حكومة الرئيس هادي والقوى السياسية المؤيدة له"، فلن يكون هناك مؤتمر في جنيف التي أجلته الأمم المتحدة"، منوهة إلى أن "كل شيء وارد، وقد يكون الفشل أحد الاحتمالات المتوقعة".